2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
“نساء في حياة الرسول”.. غيرة عائشة (ح 4)

لعبت النساء دورا محوريا في حياة الرسول محمد (ص)، بدءا من زوجاته فبناته ثم حفيداته، وتجاوزن هذا الدور إلى المساهمة في انتشار الدعوة الإسلامية في الحقبة الأولى للإسلام، فكانت أول من آمنت بالنبي امرأة، وهي خديجة بنت خويلد، الزوجة الأولى للرسول.
قصص عديدة، ستحاول “آشكاين” سردها في هذه السلسلة الرمضانية التي اختير لها عنوان “النساء في حياة الرسول”، والتي من خلالها سيتم تسليط الضوء أيضا على الحياة العاطفية للنبي وكيفية تعامله مع زوجاته وتعاملهن معه، بالإضافة إلى علاقتهن ببعضهن البعض مع سبر أغوار حياتهن الإجتماعية والسياسية من خلال الإعتماد على عدد من المراجع كالأحاديث والقرآن وكتب الثراث أو باحثين في تفاصيل.
الحلقة الرابعة: العلاقة الزوجية والدين والغيرة
كانت عائشة زوجة الرسول من أجرأ نسائه لدرجة أنها كانت لا تستحي، بحسب العديد من المصادر، من سرد تفاصيل حياتها الجنسية والنبي، بل كانت في كثير من الأحيان مرجعا للسائلين من الرجال والنساء حول أمور الدين ذات الصلة بالعلاقات الزوجية والجنسية ناهجة في ذلك مقولة “لا حياء في الدين”.
الباحثة في الثرات الإسلامي، هالة الوردي، تقول في تصريحاتها إن العديد ممن كانت لديهم أسئلة بخصوص الدين والتقائه بأمور الجنس كانوا يقصدون عائشة التي كانت تفتي بدون تحفظ عما كانت تقوم به رفقة النبي.
ومعظم إجابات “الحميراء” كانت تشير بتصريح العبارات إلى تجربتها مع الرسول وما يقوم به في حضورها، ومن بين الأحاديث التي روت على لسانها “عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت :
إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل ، فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم واغتسلنا” .
وفي حديث آخر “حدثنا هارون بن معروف وهارون بن سعيد الأيلي قالا حدثنا إبن وهب أخبرني عياض بن عبد الله عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن أم كلثوم عن عائشة زوج النبي (ص) قالت : إن رجلا سأل رسول الله (ص) عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل هل عليهما الغسل وعائشة جالسة فقال رسول الله (ص) إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل” . (صحيح مسلم – الحيض – نسخ الماء من الماء ووجوب الغسل بالتقاء الختانين – رقم الحديث : ( 527 ))
وشددت الباحثة على أن هناك الكثير من الأحاديث التي روت على لسان عائشة غاصت في الحياة الجنسية للنبي وشاركتها مع العامة من الناس، ولهذا كانت الأجرأ بين زوجات النبي اللواتي لم يذكر في أي مصدر من المصادر عن خوضهن في التفاصيل الحميمية بينهن وبين زوجهن النبي محمد.
وإلى جانب الحياة الجنسية، تشير الكثير من المواقف التي نقلتها كتب السير والتراجم التي أرّخت لتلك الفترة إلى وجود مظاهر لغيرة بين عائشة وزوجات النبي محمد الأخريات. وهو ما أقرت به عائشة حين صنّفت زوجاته في حزبين، الأول فيه عائشة وحفصة بنت عمر وصفية بنت حيي وسودة بنت زمعة، والآخر ضم أم سلمة وبقية نساء النبي محمد.
وتبرز الكثير من المراجع على أن النبي بعد وفاة خديجة أحب عائشة أكثر من الباقيات، وهو ما أدركه المسلمون، فكانوا يؤخرون هداياهم حتى يكون في بيت عائشة، وهو ما أدركته أمهات المؤمنين، فندبن أم سلمة لتسأل النبي أن يكلم الناس في ذلك، فقال: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ هَدِيَّةً فَلْيُهْدِهَا إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ».
ورغم تلك المحبة، إلا أن ذلك لم يمنعها من الغيرة من زوجاته الأخريات، ففي حجة الوداع خرج النبي بزوجاته، وكانت عائشة على جمل خفيف ومعها متاع قليل، فيما كانت صفية على جمل بطيء ومعها متاع ثقيل، فأمر النبي محمد أن يتبادلا راحلتيهما حتى يسرع الركب. فغضبت عائشة، وقالت: «يَا لَعِبَادِ اللَّهِ ، غَلَبَتْنَا هَذِهِ الْيَهُودِيَّةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ»، فشرح لها النبي سبب ما فعل، فقالت: «أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ؟»، فتبسم وقال: «أَفِي شَكٍّ أَنْتِ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ؟»، فقالت: «أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ أَفَهَلا عَدَلْتَ؟». فسمعها أباها، فهمّ بضربها، فأوقفه النبي محمد وقال له: «إِنَّ الْغَيْرَى لا تُبْصِرُ أَسْفَلَ الْوَادِي مِنْ أَعْلاهُ».
وكما كانت تغار منهن، كُنّ كذلك يغرن منها (زوجات الرسول)، حيث أرسلن يومًا إليه فاطمة (أحب بناته)، وكان في بيت عائشة لتقول له: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ»، فقال لها: «أَيْ بُنَيَّةُ أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ»، فقالت: «بَلَى»، فقال: «فَأَحِبِّي هَذِهِ». فرجعت فاطمة لهن، وأخبرتهن الخبر، فأرسلن زينب بنت جحش بنفس القول، ثم وقعت زينب بعائشة، فاستطالت عليها، فردّت عائشة، فتبسم النبي محمد وقال: «إِنَّهَا ابنَةُ أَبِيْ بَكْر».
وما بين الغيرة والجرأة والفتاوى الدينية تبقى حادثة الإفك المحطة الفاصلة في حياة عائشة أم المؤمنين، حيث اتهمت بخيانة الرسول، وفي الحلقة المقبلة سنتعرف على أحداث هذه الواقعة.
اقرأ أشياء يصعب تصديقها بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم وعائشة، فهي كانت صغيرة وعديمة التجربة فكيف لكتب السيرة ان تعتبرها مرجعا.