2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
“إرحل أخنوش”..مطلب شعبي أم فخ سياسي؟

إن إقدام برلماني عن حزب التجمع الوطني للاحرار على مطالبة وزير العدل المنتمي لذات الحزب بالتحقيق في حادث رفع بضع الأشخاص لشعار “أخنوش إرحل” خلال تدشين ملكي بمدينة طنجة، وإصدار “الأحرار” لبيان حول ذات الموضوع بعد مرور ساعات فقط، وذلك إثر صمت طويل على إعلان موقف رسمي من حملة المقاطعة الاقتصادية التي كبدت أخنوش وحزبه، خسائر سياسية أكثر من مالية، يحمل الدلالات التالية:
ربما مطالبة البرلماني التجمعي بفتح التحقيق هو قرار حزبي مدروس، تم بإتفاق مسبق بين ذات البرلماني و وزير العدل، في محاولة من “الأحرار” لإسترجاع المبادرة والخروج من حالة الشلل التي سببتها الضربات الثقيلة التي تلقاها بفعل المقاطعة، عبر إستغلال الحادث للإيحاء بوجود جهات معينة وراء المقاطعة هدفها “إغتيال” أخنوش سياسيا، وإلا ماذا يعني أن يتم تقديم طلب التحقيق، في تعقيب على سؤال لفريق الأصالة والمعاصرة تناول موضوعا آخرا، بدلا من أن يتم ذلك في مداخلة رسمية لفريق الأحرار. ثم لماذا سارع أوجار للرد على التعقيب بإعلان موافقة الحكومة على فتح التحقيق، قبل الرد على سؤال “البام” ؟
يبدو أن المطالبة بالتحقيق في رفع شعار “إرحل أخنوش” تعقيبا على سؤال البام، فيه رسالة مشفرة من الأحرار لهذا الأخير، تتهمه فيها بالوقوف وراء الحادث، وهو ما روجت له قبل ذلك مواقع إخبارية قريبة من أخنوش، مما يعني من جهة أخرى، أن المقاطعة ساهمت في إذكاء نار الصراع بين الاحرار والبام حول من يتزعم تمثيل دوائر القرار في المشهد الحزبي، وعجلت بانتقال هذا الصراع من الكواليس إلى العلن، وأكثر من هذا، فإن سرعة حسم البام في تغيير قيادته، بعد مرور شهور على تقديم العماري لاستقالته، جاءت في خضم هذا الصراع، وفرضته المقاطعة التي من أعراضها الجانبية أنها قلبت نوعا ما موازين القوى بين الأحزاب التي تتجاذب للفوز بالإنتخابات المقبلة.
اعتبار بلاغ “الأحرار” أن “معالجة تدهور القدرة الشرائية يتطلب مراجعة منهجية للعمل من أجل ترسيخ جو من الثقة بين مكونات الأغلبية”، يعكس العلاقة المتوترة بينه وبين “البيجيدي”، والاختلاف الكبير بينهما بشأن طريقة تعامل الحكومة مع المقاطعة وتداعياتها، الذي تحكمت فيه المصالح الحزبية، فأخنوش يريد أن تكون الحكومة درعا يقيه حَرّ المقاطعة التي يعتبر معنيا بها أكثر من غيره، كونه مالك “أفريقيا غاز”، ووزير الفلاحة الذي يفترض فيه أو ينتظر منه أن يترجم موقف الحكومة، إعلاميا على الأقل، من تأثير المقاطعة على الفلاحين، بدلا من وزراء البيجيدي.
أما البيجدي، فمحاولة تموقعه بين التعبير عن مشروعية مطالب المقاطعة، والسعي لتلبية ضغوط الشركات بمبرر التخفيف من الآثار الجانبية للمقاطعة مثل تضرر جزء من الفلاحين والعمال بعد تخفيض سنطرال لإنتاجها، دون اتخاذ إجراءات ملموسة، يهدف من ورائها إلى حماية رصيده الانتخابي أو الشعبي المتراجع، وتصفية الحسابات والتخلص من الحليف الخصم (الأحرار)، لذلك سارع البيجيدي للخروج من الورطة التي خلقتها له تصريحات واحتجاج الداودي مع عمال سنطرال ضد المقاطعة، عبر إعلان هذا الأخير لتقديمه استقالته.
أما قول بلاغ “الأحرار” بأن “التصرفات المشبوهة التي شهدتها مدينة طنجة تستهدف في العمق إقحام المؤسسة الملكية في صراعات سياسوية دنيئة ومقيتة”، قد تكون كلمة حق أريد بها باطل، بل إن حزب أخنوش قد قام بدوره، عن قصد أو غير قصد، بإقحام المؤسسة الملكية التي ينبغي أن تبقى فوق أي صراع سياسي بين مكونات المشهد الحزبي، وحكما بينها.