2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

أشرف بولمقوس*
حسمت الدول الديمقراطية اشكاليات الحريات الفردية و الدينية في شق كبير منها و ذلك خلال قرون مضت ، و انتقلت هذه المجتمعات التي تشكل الافق و النموذج اليوم إلى نقاشات أكثر عمقا و تشعبا بخصوص الحريات ، بغاية الحفاظ على قيمة الحرية و تجويد تدبير الفضاء العام المشترك ، بل في الواقع انتقلت هذه المجتمعات إلى نقاش اشكاليات جديدة ، مصدرها العالم المتخلف ، كإشكالية الحجاب و النقاب و الآذان في الدول التي لا يشكل فيها الاسلام دين رسميا أو دين الاغلبية ، و ذلك بغية الوصول لصيغة مشتركة تضمن للجميع على اختلاف معتقداتهم العيش بأريحية في المجتمع ، مستحضرين التضحيات الجسام و التاريخ الدموي لأوروبا من أجل الحريات .
حرية المعتقد واحدة من الحريات التي دفع الأوروبيون ثمنها باهضا ، الحديث هنا عن الحروب الاهلية التي عرفتها أوروبا خلال القرنين السادس عشر و السابع عشر ، بل إن نشأة الدولة الوطنية في أوروبا ارتبطت بالحريات الدينية ، و لعل الصراع الأبرز ذلك الذي عاشته المسيحية الكاثوليكية و البروتستانتية .
– إنكار معيارية التجربة الأوروبية مخرج أعداء الاصلاح و الحريات :
تبنى التجارب الديمقراطية و التجارب الحقوقية بالتراكم ، فلا يمكن بناء نموذج للحقوق و الحريات بمعزل عن العالم ، و ذلك يعني الاستفادة من التجارب الرائدة و من دروس التاريخ ، في حالتنا هذه يقتضي الامر الوقوف عند التجربة الاوروبية ، طبعا دون استنساخها ، لكن استخلاص الدروس منها ، هذا المدخل الاساسي يجعل منه أعداء الاصلاح في عالمنا المتخلف ، مدخلا مستحيلا من منظورهم بمبرر تفرد الاسلام و استثنائية التجربة الاسلامية ، و أن ما يعيشه الاسلام من أزمة ” غير معترف بها من طرف هؤلاء ” لا تشبه في شيء صراع الكاتوليكية بالبروتيستانتية ،و أنه يسمو على كل محاولات القياس ، و الواقع أن الاسلام واحد من الديانات الاكثر تشعبا من حيث المذاهب و الفرق ، الحديث عن 72 فرقة ، ناهيك عن صراع السنة و الشيعة الشهير ، ما يؤكد الامر واقعيا هو معارك الحرب الاسلامية الاسلامية ،التي كانت العراق و سوريا و لبنان و ليبيا و غيرها مسرحا لها ، لكن الشيخ لا يعترف بقدرات الطبيب العلمية ، إلا إذا كان ممددا على فراش الموت .
– إجهاض للاصلاح عبر فقاعات :
يبدل المغرب منذ بداية حكم الملك محمد السادس مجهودا استثنائيا في المجال الديني ، تجلى ذلك في المتغيرات التي جاء بها دستور 2011 في هذا الباب ، و تبني الخطب الملكية لمواقف منفتحة وصولا لتكوين الأئمة و غيرها ، حتى أصبحنا بصدد الحديث عن سياسة المغرب الدينية أو تدبير الحقل الديني في المغرب ، مقابل كل هذا و بشكل متقطع يعيش المغرب خروقات و أحداث تدفع العاقل لطرح السؤال ، هل هذه السياسات تهمنا فعلا ؟ مدى نجاعتها ؟ و هل هناك رغبة فعلية في ذلك أم ذر للرماد في العيون ؟ فمن الغريب رصد الملايير لمحاربة التطرف و الارهاب أمنيا و دينيا و قانونيا ، و نسف هذه المجهودات بأحداث صبيانية ، سواء تعلق الامر بالتضييق على حرية الافطار في رمضان ، أو عدم التدخل لحماية المثقفين من الغوغاء و التكفيرين ، أو الاستمرار في تجريم العلاقات الجنسية بين الراشدين .
لقد أصبحنا نعيش وسط ميلشيات غير مسلحة لا تكف عن التهديد و السب و الشتم و إستباحة الدماء ، تقودها وجوه معروفة ، رأسمالها لحية و ميكروفون.
إن السياسات التي لا تنعكس أثارها على المجتمع يمكن الحكم دون تردد بفشلها ، و كما يقال إذا عرف السبب بطل العجب , فالسياسات القادمة من أعلى الهرم دون أي تمهيد أو إشراك للقاعدة في تفعيلها ، لا يمكن إلا أن تنتج هذا الوضع الشاد ، و بالتالي نحن في حاجة إلى استرجاع شبابنا التائه وراء ميكروفونات الشيوخ ، استرجاعهم عن طريق المدرسة ، و ذلك يعني تنقية المدرسة من السموم التكفيرية ، أطرا و برامج، تم الاسرة و الاعلام فهذا الثلاثي هو المفتاح الوحيد للخروج من هذا الوضع .
– جبن سياسي و جمعوي في الدفاع عن الحريات الدينية :
لا يمكن وصف موقف معظم التنظيمات السياسية و الجمعوية إلا بالجبن في التعامل مع ملف الحريات بالمغرب ، بحيث تخلو برامج معظم الاحزاب السياسية من أي موقف واضح و صريح في هذا الباب ، إذ ما تم استثناء الاحزاب اليسارية ، التي تعبر عن ذلك في برامجها باحتشام و حذر شديدين ، و لا حزب سياسي يغامر برصيده الانتخابي و لو كان متواضعا في هذا الملف ، مستبعدا حتى فرضية تواجد كثلة ناخبة متعطشة لذلك ، أما المواقف الجمعوية فهي على نفس المنوال ، تكتفي في أفضل الاحوال بالاستنكار و التنديد عبر الطرق الكلاسيكية.
– شباب في فوهة البركان :
يقدم مجموعة من الشباب اليوم أنفسهم وقودا للدفاع عن الحريات الدينية ، بشكل معزول بين مطرقة القوانين و سندان المتطرفين ، المتربصين بأي سلوك يتيح لهم فرصة وضع رؤوس هؤلاء الشباب فوق مقصلة يعدها شيوخ الميكروفونات مسبقا ، في ما يشبه محاكم التفتيش بصيغة جديدة ، و الحكاية لا ترتبط بالافطار في نهار رمضان فقط ، بل بنوع من الوصاية على حرية التعبير بالفضاء العام المشترك ، و الأمثلة كثيرة تصريح محمد الشوبي ، شريط رفيق بوبكر الذي تعرض لما يشبه الإستتباب عقبه ، و طبعا خرجات أحمد عصيد و سعيد ناشيد لا تسلم من هذا .
وضع أصبح معه المغاربة يشعرون أنهم أجانب عن وطنهم ،و أن الفضاء العام المشترك مسلوب منهم ، و السارق غوغاء قادم من خارج هذا الزمان ، وصلت وقاحة الكثير منهم لطرد كل مختلف من الوطن باعتباره ” بلد الاسلام ” حسب التعبير الرائج لديهم .
إن الاختلاف هو الاصل ،و الاجماع و الاتفاق المطلق حالة لا يمكن أن تتحقق إلا في عقول هؤلاء ، و قطار الحريات له مسار واحد مهما حدث لن يتغير.
*باحث في العلوم السياسية
مقال جميل وعميق…
الشباب يبادر بينما الدولة والاحزاب والجمعيات يتفرجون، ويساهمون في تكريس تغول التطرف والظلام
غياب حوار بين الفرقاء ناتج عن تكلس عقلية كليهما فلا الاصولي قادر على النزول من منبر الراهب ولا الحداثي قاظر على التخلص من ترسبات اصوليته القديمة…هذا يعني وحوظ حالة “فصام اجتماعي “.هذا يجعل الجهة الوصية على الشأن الديني في مأزق لعب دور الحكم ومع احتياجها للمكونين في نسقها السياسي تحاول امساك العصا من الوسط وبالتالي ترجمة حالة الفصام تلك الى قوانين تفعل تحت الطلب ..المهم هو تفادي اي صدام عنيف محتمل قد يعصف بالجميع
من حقك ان تعبر عن رأيك لكن ليس من حقك ان تعتبر رأيك حقيقة مطلقة يلزم أغلبية المغاربة الذين لا يزالون يعتبرون احكام الاسلام هي المعيار في التمييز بين الصلاح والفساد
حينما تعيش في الظلام ، فكل ما حولك يبدو كذلك….
و لو حاولت خلع نظارات الشمس و أشعلت الضوء في غرفة أفكارك التي تعلقت بتجارب اوروبا التي علقت بها يمكن ان ترى الوان الاختلاف!!!
الغريب اصبح يصدح بتلقين الاغلبية دروس الحريات و الديمقراطية!!
ان لم تصلك رسائل ما وقع من استحواذ على وسائل مكافحة كوفيد و نحن اولا بالنسبة للقاح اثناء عز كوفيد و طريقة التعامل مع القضايا الإنسانية كما هو الحال لحرب اوكرانيا فأنت ما زلت تراهن على الحصان…
نحن لسنا ضد التضامن مع الاوكرانيين و لكن ضد طريقة التعامل مع الحروب و ضحاياها حسب لون بشرتهم و معتقداتهم يا من …..يعلمنا!!