2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
أين اختفت الشبيبات الحزبية؟

في مثل هذه الظروف التي يشهد فيها العالم تداعيات أزمة فيروس كورونا على المستوى الإقتصادي والإجتماعي، وتضرر الفئات المتوسطة والفقيرة من شعوب عدد من البلدان، تحتاج فيها الدول أحزابها السياسية وتنظيماتها الموازية من أجل القيام بأدوارها في تأطير المواطنين وتوعيتهم وتحفيزهم على الوحدة من أجل مواجهة التحديات الداخلية والخارجية؛ الإقتصادية منها والإجتماعية.
وفي مغربنا الذي تنعم فيه الأحزاب السياسية بالملايين من الدعم العمومي من جيوب دافعي الضرائب، تخلت الأحزاب السياسية عن المواطنين وأغلقت العديد من مقراتها في عدد من المدن المغربية بمجرد صدور نتائج الإنتخابات الماضية. واختفت المنظمات الموازية للأحزاب الخاصة بالشباب، والتي كانت خلال فترة الحملة الانتخابية حطبا لإشعر نيران المنافسة بين قيادات الأحزاب.
الجمود يقتل شبيبة “المصباح”
وحتى لا يكون كلامنا عاما وفضفاضا، لابد أن نشير بشكل سريع إلى الوضعية التي أصبحت تعيشها عدد من الشبيبات الحزبية المغربية. وفي مقدمتها شبيبة العدالة والتنمية التي كانت توصف بـ”أقوى شبيبة حزبية” بالمغرب قبل أن تركن إلى الجمود منذ عزل شيخها عبد الإله بنكيران من رئاسة الحكومة، لتأتي فترة قيادة الحزب من طرف سعد الدين العثماني لتزيد من جمود شباب الحزب، الذين وجدوا أنفسهم بين الإختيار بين الدفاع عن الحكومة التي يترأسها حزبهم أم مواجهتها بسبب القرارات اللاشعبية التي اتخذتها أم الصمت، وقد اختاروا خيار الصمت في آخر المطاف.
صمت شبيبة “البيجيدي” وجمودها في فترة قيادة العثماني للحكومة والحزب، تحول إلى موت سريري بمجرد دخول كاتبها الوطني محمد أمكراز للحكومة، والحصول على حقيبة التشغيل والإدماج المهني. وقد حاول البعض إحياء حماس شباب الحزب الإسلامي خلال فترة الإنتخابات، حيث خرج عدد من شباب الحزب يدافعون عن الحكومة وينتقدون حزب التجمع الوطني للأحرار في إطار قطبية جديدة، إلا أنه بعد فرز الانتخابات واندحار “البيجيدي” اختفت شبيبته لأشهر، حتى أعلنت موعد مؤتمرها لتغيير قيادتها.
شباب “الأحرار” بين الولادة والاستغلال
أما في وضع الفيدرالية الوطنية للشبيبة التجمعية التي ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب فالأمر مختلف عن شبيبة “البيجيدي”، حيث يتم استغلال المئات من الشباب الذين تم استقطابهم منذ 2017 بطرق مختلفة كذروع بشرية في الحروب السياسية المختلفة. منذ تأسيسها كان دور الشبيبة التجمعية هو الدفاع عن عزيز أخنوش والرد عن انتقادات الخصوم، ثم خدمة أجندات قيادات الحزب عبر مواقع التواصل الإجتماعي.
فيتم تجيش الشباب غير المؤطر سياسيا للدفاع عن قيادات “الأحرار” التي عمرت الحكومات المتعاقبة. وأغلب الجامعات الصيفية واللقاءات الجهوية التي نظمتها شبيبة “الحمامة” بملايين الدراهم قبيل الإنتخابات كان دورها الدفاع عن الحزب وبعض قياداته. حيث يتولى أعضاء الفيدرالية الوطنية للشبيبة التجمعية الدفاع عن قيادات الحزب، في ما يتولى أعضاء الشبيبة جهويا ومحليا الدفاع عن “القيادات الجهوية والمحلية” وتلميع صورتهم أمام المواطنين. دون أن يتم تأطير الشباب تأطيرا سياسيا يؤهلهم لخدمة البلاد والعباد سياسيا في المستقبل القريب.
نظرة عامة محزنة
تكفي نظرة واحدة على الوضع السياسي المغربي، للتأكد من مدى “الخراب” الذي حل بالشبيبات الحزبية، فبعضها جمد بسبب الصراعات التي تعيشها أحزابها مثل شبيبة الأصالة والمعاصرة وشبيبات اليسار، والبعض غرق في الصراعات الداخلية والبحث عن الوظائف هنا وهناك عبر التزلف والتملق للقيادات مثل شبيبة الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية.
أما بقية الشبيبات الحزبية، فلا تعدو أن تكون إلا ملحقات لـ”دكاكينها الحزبية” كما سماها شاب من الريف ذات يوم، وأضحت عاجزة عن تنظيم حتى إجتماعات أعضائها، فما بالكم بمهمة تأطير الشباب سياسيا وتوعيتهم بأهمية المشاركة في الحياة السياسية. وبالتالي لا يمكن وصف الوضع إلا بأنه محزن للغاية.
إذا عَمّت لم تَهُنِ
كثيرا ما يردد البعض عبارة “إذا عمت هانت”، خاصة حين يتشاركون مع بعضهم في مصيبة أو مصائب، ظنا منهم أن وطأة الألم ستخف من خلال المشاركة في المصيبة، وهو الأمر الذي ينطبق على الشبيبات الحزبية في المغرب، سواء منها التي تنتمي إلى أحزاب الأغلبية أو تلك التي تصطف في صف المعارضة. وفي حقيقة الأمر فإذا عم وضع الجمود والموت السريري على التنظيمات السياسية الشبابية فإن الأمر ليس بالهين البتة، لأنه يؤثر بشكل سلبي على مجموعة من المستويات.
المثير هو أن كل الشعارات التي ترفعها مختلف الأحزاب السياسية وتنظيماتها الشباب بخصوص تشجيع الشباب وتحفيزه على الإقبال على الممارسة الحزبية والسياسية، تتكسر اليوم أمام الجمود الذي تشهده هذه التنظيات. وتؤكد بهكذا ممارسات أن الشباب بالنسبة لمجموعة من القيادات الحزبية ما هو وسيلة من بين الوسائل التي يستغلها للبقاء في الواجهة السياسية أو الحزبية، وأن الشبيبات الحزبية تشتغل بأوامر قيادات الأحزاب تتحرك وتنشط وتشعل مواقع التواصل الإجتماعي والميدان عندما يبتغي الزعيم الحزبي، وتخفت وتموت إذا كان الصمت يخدم مصلحة الزعيم نفسه، والأمثلة في ذلك متعددة قد تتمثل في أذهان القارئ بعضها أو جلها وهو يطالع هذه المقالة.
اختفوا لانهم تيدبرو على رأسهم… مكاين لا احزاب ولا حزبية كلهم سواسية والبديل الحقيقي الجماهير الشعبية…