لماذا وإلى أين ؟

الأبعاد والانتظارات من زيارة دي ميستورا للرّباط

عادل بنحمزة

في زيارة للرباط هي الثانية من نوعها للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا الخاص بقضية النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، كانت هناك انتظارات وتأويلات عديدة، سواء لجهة توقيت الزيارة أو لكونها اقتصرت فقط على المغرب، لذلك فإن محاولة فهم هذه الزيارة تتطلب وجوباً استحضار قرار مجلس الأمن 2602 الذي مثل تحولاً مهماً في تعاطي الأمم المتحدة مع النزاع المفتعل في الصحراء، ذلك أن القرار انتصر لكل الثوابت التي ما فتئ المغرب يعبر عنها بوضوح منذ سنوات، وهي الحكم الذاتي كإطار للتفاوض، اعتبار الجزائر طرفاً في النزاع، التصرف على الأرض في إطار ممارسة السيادة وليس كقوة احتلال، هذه الثوابت أكدها قرار مجلس الأمن بوضوح، وأسقط بشكل صارخ ما طالبت به الجزائر من ضرورة العودة إلى مسار الاستفتاء وإدانة الأعمال السيادية للمغرب في معبر الكركرات، والاعتراف بحرب تحرير وهمية تقودها الجبهة الانفصالية، وعدم اعتبار الجزائر طرفاً في النزاع، لذلك كانت الدبلوماسية الجزائرية أمام هزيمة كبرى، ولم تجد كرد فعل سوى رفض قرار مجلس الأمن، ورفض ما أكده القرار بخصوص الموائد المستديرة التي تضم الجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو، بالإضافة إلى المغرب، وذلك باعتبار الجزائر طرفاً في النزاع، لذلك فغياب الجزائر عن برنامج زيارة دي ميستورا للمنطقة، يجد تفسيره في المأزق الذي فيه الجزائر في مواجهة الأمم المتحدة، ويبدو رغم غياب معطيات رسمية صادرة عن الأمم المتحدة، أن هذه الأخيرة قررت التحرك في تجاهل للموقف الجزائري ما دام المبعوث الشخصي مقيداً بقرار مجلس الأمن 2602، وعندما يحين موعد المائدة المستديرة سيتضح مستقبل الحضور الجزائري بصفة عامة في النزاع باعتباره الطرف الرئيسي.

في ما يتعلق بجبهة البوليساريو التي هي مجرد رجع الصدى للمواقف الجزائرية، فإن عدم زيارة دي ميستورا لتيندوف يرتبط ارتباطاً واضحاً، فيما عبرت عنه الجبهة من ردود فعل على قرار مجلس الأمن الرقم 2602 والتي تنسجم وتتطابق مع الموقف الذي عبرت عنه الجزائر، فالجبهة أطلقت النار مسبقاً على الممثل الشخصي الجديد للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، حتى قبل أن يبدأ مهامه، فقد جاء في بيان الجبهة بعد صدور قرار مجلس الأمن أن “مجلس الأمن يكون قد حكم مسبقاً بالفشل على مهمة المبعوث الشخصي الجديد للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء الغربية، السيد ستيفان دي ميستورا، ومن ثم فهو يقوض تقويضاً خطيراً آفاق تفعيل عملية السلام، ويكرّس حالة الانسداد القائم ويترك الباب مفتوحاً على مصراعيه لمزيد من التصعيد والتوتر في المنطقة”، بل إن الجهة وضداً في قرار مجلس الأمن أعلنت ما أسمته العودة إلى الكفاح المسلح، وما يرافق مثل ذلك من شعارات تعود إلى زمن الحرب الباردة، وهو الموقف الذي لم يتغير حتى بعد زيارة دي ميستورا للمنطقة في كانون الثاني/يناير الماضي.

قرار مجلس الأمن 2602 أسقط أيضاً كثيراً من الأوهام التي راودت الجزائر، ومن بينها دور روسي مؤثر، اتضح ذلك عندما لم تنجح موسكو في تغيير مسودة القرار الأميركي رغم تأجيل التصويت ليومين، بل إن روسيا لم ترفض القرار، الأمر الآخر الذي يمثل انتكاسة للدبلوماسية الجزائرية يتجلى في الموقف الأميركي، البعض يعتبر الموقف الأميركي في مجلس الأمن لا يتماشى مع الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، هنا لا بد من التذكير بأن الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على الصحراء، اقترن اقتراناً واضحاً بصيغة الحكم الذاتي وأنها الصيغة الوحيدة للحل، هذا الأمر أكده السفير ريتشارد ميلز، نائب ممثلة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة، إنه “فيما تدعم بلاده المبعوث الشخصي، ستواصل التشاور خاصة حول أفضل السبل لتحقيق حل واقعي وعملي ودائم ومقبول للطرفين للصراع على أساس التسوية. هذا الحل السياسي حيوي لتعزيز مستقبل سلمي ومزدهر لشعوب المنطقة. ما زلنا ننظر إلى خطة الحكم الذاتي المغربية على أنها جادة وذات مصداقية وواقعية، وهي مقاربة محتملة لتلبية هذه التطلعات”.

جدير بالتذكير أن السياق الذي يحيط بزيارة دي ميستورا للمنطقة في مصلحة المغرب، ويعزز من أطروحته لحل النزاع المفتعل، وذلك بعد الموقف الألماني والهولندي، وبصفة خاصة التحول التاريخي الكبير المتمثل في الموقف الإسباني الذي عبرت عنه الحكومة الإسبانية، والمتمثل في الدعم الواضح للحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، خصوصية هذا الموقف تجد تفسيرها في أنه يصدر عن القوة التي كانت تستعمر الصحراء، وهي الطرف الأساسي في اتفاقية مدريد إلى جانب موريتانيا التي أنهت الواقع الاستعماري للصحراء، وربما قد يساهم الموقف الإسباني الجديد في إنضاج موقف موريتاني سيكون مهماً بلا شك في سياق التحولات الجارية لتثبيت السيادة المغربية على الصحراء.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

3 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
رابح
المعلق(ة)
10 يوليو 2022 13:55

كم من وزير اميريكي هرول للجزائر والناتو ودول عديدة لاخضاعها من اعادة تشغيل انبوب العاز المغاربي المزعزم ولم تجدي نفعا هنا تؤكد الجزائر ان صاحبة السيادة فكيف تخضع الجزائر للجلوس في طاولة مستديرة مع المغرب وهي رافضتها منذ البداية فقرار الجزائر معروف عالميا لا تترتجع مهما كانت الظروف والاسباب الجزائر تؤمن ان الشعب الصحراوي هو السيد فوق ارضه وليس انفصالي كما يدعي المغاربة لانه لم يسبق وان كان مغربيا ثانيا المغرب المحمية الفرنسية يعترف على لسان الحسن الثاني ان الصحراء الغربية ليست مغربية

حسين حسين
المعلق(ة)
الرد على  فريد عماني-باريس
9 يوليو 2022 21:48

اكيد ان الجزائر ستجد نفسها صحبة ربيتها على الهامش اكثر عزلة وسترضخ للأمر الواقع الا وهو الحكم الداتي تحت السيادة المغربية الدي يتماشى مع الموقف الدي يتبناه المنتضم الدولي

فريد عماني-باريس
المعلق(ة)
9 يوليو 2022 17:38

حينما يحل موعد المواءد المستديرة والليالي الحمراء في مراكش ، سنرى وسترون هل الجزائر منبطحة ام كلامها وقرارها هو المأخوذ به.
سنرى حينئذ من الذي يملك سيادته في قراراته ، ومن يُرْغم على الحضور رغماً عن أنفه…..صح عيدكم الذي تحتفلون به غداً كساءر الأمم المسلمة.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x