لماذا وإلى أين ؟

فضائح المجموعات النسائية المغلقة..إباحية مجانية أم نقاش جنسي صحي؟

عاش المغاربة هذه الأيام على وقع اكتشاف عالم أنثوي جديد، يكشف المستور، ويسلط الضوء على اهتمامات فئة عريضة من النساء المغربيات بمواضيع مثيرة وغير مألوفة في الواقع الحقيقي، في إطار افتراضي مغلق، يستوجب طرح العديد من الأسئلة العلمية والتحليلية لهذه الظاهرة، بالرغم من اختلاف وجهات نظر الكثير من المتابعين حول أهمية التطرق إليها من عدمه، خصوصا وأن الأمر تمت معالجته منذ البداية من زاوية الفضيحة، وليس كموضوع مجتمعي يستحق المناقشة العميقة.

وبالرجوع إلى بداية النقاش عندما تم اختراق مجموعة فيسبوكية خاصة بالنساء، كانت فضاء خاصا يجمع الآلاف من المغربيات من مختلف الأطياف والمستويات الثقافية، يتبادلن نقاشات مرة ساخنة عن مواضيع متعلقة بالجنس والطابوهات والعلاقات الأسرية والزوجية التي لا يستطعن أن يتشاركنها مع العالم الخارجي، ومرة مواضيع غير مناسبة تأخذ بعدا اباحيا عبارة عن تحديات يقمن بها في الواقع، في إطار مسابقات يجرينها في المجموعات الفيسبوكية المغلقة.

نقاش صحي بجرأة لغوية فقط 

وللحديث عما أثارته هذه المجموعات النسائية من نقاش مجتمعي بعيدا عن عامل الفضيحة، طرحت “آشكاين” السؤال على المحلل الاجتماعي والنفسي محسن بنزاكور الذي أكد أن “فكرة الحديث عن فضاء نسائي مغلق لمناقشة الطابوهات في جوهرها هي فكرة مقبولة، لأن الإنسان يحتاج دائما إلى صدر رحب ليتحدث عن ما يخالجه، أي أن الإنسان يمكن أن يصل إلى أعلى درجة من الصراحة التي لا يستطيع فيها أمام الآخر أن يكون بنفس الصراحة لأن هناك عنصر “التراتبية” و”الحشومة” ، والنساء المغربيات يعشن في مجتمع ذكوري، متسلط وبالتالي شيء طبيعي أن يلجأن إلى العالم الافتراضي ليتشاركن ما يدور في خواطرهن بعيدا عن الرجل”.

ونبه الأستاذ الجامعي، إلى “كون بعض نقاشات هذه الفئة من النساء قد تكشف عن خبايا مرضية نفسية عند بعضهن، وهو ما بدا واضحا للممتابع في ما تسرب من مجموعة “كلامور” مثلا نجد نساء يعانين عقد جنسية أو عقد نفسية من تصرف بعض الرجال أصابتهن بخلل نفسي عبرن عنه في بعض التسريبات بشكل واضح، حيث أوضح بنزاكور أن هذه التصرفات والنقاشات تعرف جرأة لغوية فقط، لكن من حيث النفسية الاجتماعية هي مسألة نفعية في ما يتعلق بإعطاء توازن للأشخاص والنساء بصفة عامة، وكل مبادرة مهما كانت سيكون فيها خلل مادام صاحبها لم يأخذ احتياطه الكامل، سواء من الناحية التقنية أو غياب الكفاءة العلمية والأكاديمية لمناقشة مثل هذه المواضيع”، حسب المتحدث .

الإعلام تناولها بطريقة فضائحية 

ومن الجوانب المثيرة التي صاحبت هذه القضية، هي الطريقة التي تناولها بها الإعلام، حيث لم يسلط الضوء أبدا على الجانب الاجتماعي في الموضوع، واعتمد فقط على بعض السلوكيات الشاذة، وقدمها بصورة فضائحية، بالرغم من كون الفئة التي قامت بهذه الأفعال تعيش نفاقا اجتماعيا خصوصا بعض النماذج التي تناولتها الصحافة الصفراء بطريقة الفضيحة، مغيبة الجانب الاجتماعي في ما أقدمت عليه تلك النساء من نشر صورهن عاريات أو نقاشهن للجنس بطريقة إباحية وسطحية وبكل أريحية، بالرغم من أنهم يرفضن أي شيء له علاقة بالموضوع في الواقع المعاش الحقيقي الذي قد ترفض فيه أيضا كل واحدة أن تقوم بنفس ما قامت به الأخريات في الواقع الافتراضي.

وتعليقا عن الموضوع يقول ذات المتخصص “إنه لا يجب على الإعلام أن يقيم ضجة بمجرد أن نساء صريحات فيما بينهن مقارنة بما هن عليه في المجتمع، لأن المشكل أكبر بذلك بكثير وهو يتجلى في سؤال : هل نحن بحاجة لنفاق اجتماعي لكي لا نتكلم عن آلامنا ومعاناتنا؟ وهل عاب على النساء كونهن صريحات أم عاب عليهن أنهن يظهرن عيوبهن؟” يسأل المتحدث.

تغليف القضية بالدين 

الموضوع الذي تم تفسير من خلاله كل ما دار في هذا النقاش هو إقحام العامل الديني في كل جزئية من هذا النقاش بإثارة موضوع الحلال والحرام، وتعقيبا عن هذا الجانب قال بنزاكور ” إنه مع الأسف، المغاربة عندما يكون هناك أي نقاش عميق جدا يغلفونه بنقاش ديني، حتى يخرج من المواجهة إلى حسم النهائي بغلاف ديني جازم وواضح يغلق باب النقاش في إطار الحلال والحرام .”

وأنهى بنزاكور حديثة مع “آشكاين” بالإشارة إلى كون الكيفية التي تم تأطير النقاش في هذه القضية خاضعة لطبيعة المشتركات في هذه المجموعات، لأن مستواهن لن يكون إلا صورة حقيقية لما هن عليه في الواقع، وبالتالي فهن لا يمكن أن يلمن على هذه النقاشات والتصرفات، فهن يبسطن حقائق موجودة ومهمة في العلاقات الاجتماعية المغربية بالخصوص لأن هذه الأخيرة هي أعقد المشاكل التي يعاني منها المغاربة في هذا الزمن”.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x