لماذا وإلى أين ؟

عصيد: ما الفرق بين بنكيران وأخنوش؟

ما زال بعض القراء لا يفهمون الفرق بين نقدنا لبنكيران، وعدم فعلنا نفس الشيء بنفس اللهجة الشديدة لشخص العثماني أو شخص أخنوش، مع العلم أن الموضوع واضح لا لبس فيه.

من الناحية المبدئية الرؤساء الثلاثة كسابقيهم لم يكونوا يضعون السياسات بل كانوا ينفذونها، لأن هذا هو وضعيتهم في النظام السياسي المغربي، لكن الفرق بين الأول والرئيسين التاليين هو الثرثرة والصفاقة ولعبة الحكومة والمعارضة في نفس الوقت مع قدر من العنجهية والاستهتار بحقوق الإنسان وعلى رأسها الحق في المساواة بين الجنسين والحق في الحريات والحق في اللغة والثقافة الأمازيغيتين.
كان بنكيران يعتقد بأن حزبه بصدد الاستيلاء على الدولة، بينما الرئيسان التاليان يعرفان قدرهما وموقعهما في الدولة.

لم نكن أبدا نعتبر أن بنكيران هو المصدر الوحيد للسياسات، ولم نكن نشخصن مشاكل الدولة ونختزلها فيه لأننا كنا نقوم بنقد مزدوج، نقد لرئيس الحكومة وتياره الإيديولوجي عند وجود موقف مصرح به يستوجب ذلك، ونقد للنظام السياسي كذلك عندما يتعلق الأمر بالاختيارات الكبرى، لكننا كنا نحمل بنكيران مسؤولية مواقفه المتهورة التي لا يمكن للرئيس الحالي مثلا اتخاذها: كالقول بأن الدعوة إلى تفعيل الفصل 19 من الدستور مؤامرة أجنبية وأن الحركة النسائية “وجوه رمادية” تحركها أيادي من الخارج، وكالقول بأن حرف الأبجدية الأمازيغية “شينوية” سيعمل على إزالتها، وكتهجمه على المجلس الوطني لحقوق الإنسان وهو مؤسسة وطنية، وكقوله في فلتة حمقاء بأن مرجعيته هي ابن تيمية، وأن الحداثيين عليهم الخروج من البلد إلى فرنسا كما لو أن الإيديولوجيا “الإخوانية” هي ابنة البلد، إلخ…

صراعنا مع بنكيران لم يكن على أنه مصدر السياسات العامة المعتمدة من طرف الدولة، بل كان صراعا حول القيم بالدرجة الأولى، كان صراعا ضد “الإخوان المسلمين” في الدولة، لأنهم كانوا وما زالوا خيطا نشازا في النسيج المغربي، ولأنهم كانوا “يريدون الزبدة وأموال الزبدة” كما يقول المثل الفرنسي.

أما الصراع مع المخزن التقليدي فهو سيظل مستمرا في غياب الإصلاح الجذري المطلوب، وسيظل قائما مهما تغيرت الوجوه والأسماء في الحكومات المتعاقبة. وقد كانت مواقفي دائما واضحة في التمييز بين المسؤوليات الكبرى التي يتحملها النسق السياسي بطبيعته السلطوية، وبين المسؤوليات العائدة إلى أخطاء الأشخاص، كما أنني لم أتوقف أبدا عن النقد المزدوج، للسلطة من جهة، ولتيار الإسلام السياسي من جهة ثانية.

كان بنكيران يقول عن السياسة العامة للدولة بأن “التماسيح والعفاريت” لا تتركه يعمل على محاربة الفساد، وكنا نذكره بالتزامه الأصلي أيام الحملة الانتخابية عندما قال: “إلى ما قدرتش نحارب الفساد غادي نحط السوارت” لكنه لم يفعل رغم أنه فشل في تحقيق وعده ذاك، فقد تراجع المغرب في الترتيب العالمي في الرشوة بثماني درجات في مدة ولايته، وهذا هو الفرق بينه وبين أخنوش، فهذا الأخير واضح، إنه ينتسب إلى دوائر السلطة وينفذ في صمت ما يملى عليه، ولا يعلق فشله على أحد، ولا يعد الناس بما يتجاوز موقعه الحقيقي أو يتظاهر ببطولات وهمية، بينما رئيس الإخوان يمارس التضليل والشعبوية والكثير من المزايدة، يتظاهر بأنه يحاول تفعيل صلاحياته “النظرية”، بينما الحقيقة أنه تنازل عنها لدوائر القرار. لقد كان منطقه ومنطق حزبه عموما هو التالي:”ما دامت السياسات مهيأة سلفا فاللهم نحن ولا غيرنا في تنفيذها”. ولكنه لم يفهم ما قلناه له منذ سنة 2014، من أن المناصب لا تدوم، وأنه سيتم الاستغناء عن خدماته عندما يصبح ورقة محترقة.
الخلاصة:

الحكومات المتعاقبة في المغرب حكومات تنفيذية لسياسات تنتسب إلى الدولة المغربية بمختلف أطرافها الفاعلة فيها، وخاصة اختيارات الليبرالية المتوحشة، لكن أخطاء المواقف الشخصية لرؤساء الحكومات أو تصريحاتهم يساءلون عنها بأنفسهم.

إننا لا نقبل السياسات المعتمدة حاليا من طرف حكومة أخنوش، وخاصة في شقها الاقتصادي – الاجتماعي، ولكننا لا يمكن أن نقع في خطأ اختزالها في شخص الرئيس فقط لأنه من أغنياء البلد، هذا موقف في غاية السطحية، ينتهي عند البحث عن كبش فداء. كما نعلم بأنها حكومة لن تستطيع تغيير تلك السياسات من تلقاء نفسها، إذا لم يتم الإيعاز إليها بذلك. وحتى تتم هذه الخطوة لابد من قوة نابعة من المجتمع، توازن قوة السلطة، وهي حاليا قوة نائمة أو غير موجودة، والذين يمكن أن يشكلوها غارقون في الصراعات الهامشية وتصفية الحسابات الصغيرة فيما بينهم.

 

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبه

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

10 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
عبدو
المعلق(ة)
1 أغسطس 2022 14:27

اودي امسيلمة الكذاب راه كلشي عارفك تثرثر من فراغ ولا تزال تؤكد انك غير محايد عندما تتحدث عن انتقادك لشخص لمرجعيته
ربي يشلفيك مع اني اظن انه لا امل فيك مطبوع على قلبك الكفر والعياذ بالله

F.amar
المعلق(ة)
1 أغسطس 2022 07:48

اخنوش جمع بين السلطة المال…ان يكون غنيا ذلك شانه…لكن السلطة و المال فلا.

مغربي حر
المعلق(ة)
31 يوليو 2022 21:15

المراقية فحالك هذا هو حالهم . اللي ما مرقش ليهم كيبقاو يتكلمو بحال الى غي هما اللي مغاربة وطنيين. واللي مرق ليهم كيمجدوه وما يقدروش يقولو ليه ولو كلمة تكون السبب في قطع المرقة. عاد كاين واحد النوع تيكري وجهو فابور

Maghribi
المعلق(ة)
31 يوليو 2022 13:36

أي إنتقاد ستقوم به مستقبلا لن يتم تصديقه، أكدتت أن المشكل ليس فقط في السياسي بل مصالح المثقف تظهر أيضا عندما يتحدث عن السياسيين والسياسة .كلهم حاولوا أو يحاولون الإستفادة ، مصالحهم واضحة بجلاء لكن بصمت مؤخرا بأنك لا تتحدث بحياة وهذا ما يؤكد أنك مساهم فيما تنتقد منذ سنين.

علي
المعلق(ة)
31 يوليو 2022 11:52

عصيد على حق لسببين الاول ان الغلاء لا يقتصر على المازوط ثانيا ان اخنوش ليس المستفيد الوحيد، وبالتالي شعار ارحل هو شعار ناتج عن سعي البعض لجني مكاسب سياسية. إذن انا مع حماية قدرتنا الشرائية ولكن ارحل يجب أن يأتي ممن صوتنا عليهم

مغربي صحراوي
المعلق(ة)
31 يوليو 2022 10:07

هناك فرق يصب في نفس الاستفادة.
بنكيران اخد من الشعب واعطى للوبي اما التاني اكمل الطريق وفتح الباب لاشياء اخرى منها التطبيع وقانونية العشبة ووو التالت اكمل ما تبقى اخد كل شيء للوبي ولازال الغيلم لم ينتهي وربما سينتهي بحاجة في نفس إسرائيل

حنظلة
المعلق(ة)
31 يوليو 2022 08:35

لا تحاول إصلاح ما أفسدته في مقالك السابق…
لقد سقطت عنك ورقة التوت التي كانت تستر تملقك لأخنوش

مريمرين
المعلق(ة)
31 يوليو 2022 07:01

بدون مراوغة:
سي بنكيران في عجزه على محاربة الفساد كان يتذرع ب “التماسيح و العفاريت و عفا الله عما سلف… “؛ لكن سي أخنوش تحدى المغاربة أو “خرج ليها گود” فبمجرد وصوله للحكومة ، سحب قانون الإثراء غير المشروع و قانون احتلال الملك العمومي. ألا يعتبر هذا انبطاحا (ترسيما) للفساد؟ وهل من أجل محاربة الفساد رفض سي أخنوس تقنين أسعارالمحروقات؟؟ و قبل هذا لماذا ابتلع لسانه فيما يخص ال17 مليار درهم ؟؟ أولم يتطاول على مؤسسة العدالة بقوله “لمغاربة لي ما مربينش نعاودو لهوم ترابي” ؟ وهل ينسى المواطنون فضيحة مشروع “تغازوت باي”؟… ثم لماذا يرفض لحد الساعة استعادة شركة “سامير”؟ ختاما ، لا فرق بين سي بنكيران وسي أخنوش ؛ فكلاهما لم يضعا المواطن في مركز و صلب العملية السياسية، لأن كلا منهما همه سخصه وحزبه وجماعته و طغمتة وكل منها له أدواته لتحقيق ذلك . فواحد يستعمل الدين و الآخر يستعمل المال و الهدف واحد : الاستحواذ على هذا البلد الأمين و “طز” في المواطن .

ابو زيد
المعلق(ة)
31 يوليو 2022 01:55

الفرق الكل يعرفه الا انت عمدا تحاول تبريره!!
الفرق هو الخوف و ولي النعمة!!
الفرق هو الانتماء و العرق!!
الفرق هو قول نصف الحقيقة!!
الفرق هو انك تمتلك الملكة و اليقين و الثقة و الموضوعية و تتبنى مشروعا..
و هو ما استطاع السيد طاهر بن جلون قوله دون لغة خشب في مهرجان تويزة. ..فهل ترى نفسك في مقام كتابات و افكار السيد بن جلون سواء في المغرب أو في فرنسا؟!

لغضف علال
المعلق(ة)
31 يوليو 2022 01:42

والوعود الانتخابية لأخنوش لا زالت حية في الذاكرة الفردية والجماعية للشعب المغربي ، ولقد رفع سقف الوعود على حد قول الدكتور منار السليمي الى الحد الذي جعلها وعود نوايا ، وكان يعلم علم اليقين أنه لن يتحرك إلا داخل ما هو مرسوم له ، لقد وعدنا هو والعلمي بالتغيير الجذري ورسم لنا التغيير بالأرقام وهو يعلم هشاشة الامكانيات الاقتصادية للبلد ، و استحالة محاسبة المفسدين ومهربي الاموال ومحتكري الثروة ، أليس هذه مواقف واخطاء وتصريحات يحاسب عليها اخنوش ، ومن معه ، اليست هذه اكبر عملية نصب تعرض لها الشارع المغربي

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

10
0
أضف تعليقكx
()
x