2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
هل أولوية بايتاس والداكي محاربة فساد الإدارة أم فرض الرقابة على لباس الموظفين وقضاة النيابة؟

دشن الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان ــ الناطق باسم الحكومة؛ مصطفى بايتاس، ظاهرة جديدة بدأت تلتمس طريقها إلى المؤسسات والإدارات العمومية، وتتعلق أساسا بفرض الرقابة على هندام الموظفات والموظفين.
فبعدما بدأ الوزير بايتاس الحجر على حرية الموظفات والموظفين بالوزارة المنتدبة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان من خلال فرض ما سماه في مذكرة إدارية “اللباس المحترم” حسب معايير بايتاس داخل الإدارة العمومية، حيث اعتبر أن الموظفات والموظفين يحضرون إلى مقرات عملهم بلباس لا يتلاءم مع المرفق العمومي. جاء الدور على القضاء.

ففي الوقت الذي ينتظر فيه المغاربة نتائج التحقيقات المعلن عنها بخصوص التسجيل الصوتي الذي فضح جزءًا من الفساد المستشري في الجهاز القضائي. خرج رئيس النيابة العامة؛ الحسن الداكي، بدورية رقابة على لباس موظفي هذا القضاء، إسوة بما أقدم عليه الوزير بايتاس قبل أيام قليلة.
واتبع رئيس النيابة العامة “الموضة الجديدة” التي اخترعها بايتاس. حيث راسل الداكي الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الإستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الإبتدائية وقضاة النيابة العامة، مطالبا إياهم بحث القضاة على “ارتداء لباس رسمي يليق ويراعي هيبة القضاء وقدسية المهام المسندة إليه”، معتبرا أن حسن المظهر يزكي “صفة الوقار والمروءة في القاضي”.
وبحسب دورية رئيس النيابة العامة التي جاءت بعد خطوة بايتاس بفرض الرقابة على هندام الموظفات والموظفين، فإن حسن المظهر “يعزز ثقة المتقاضين في القضاء”، مشددا على ضرورة “حرص القضاة على الظهور الدائم بمظهر حسن ولائق يعكس المكانة الإعتبارية للقضاة”، بحسب المذكرة التي إطلعت عليها “آشكاين”.
الإشكال في مذكرة بايتاس ودورية رئيس النيابة العامة؛ الحسن الداكي، أنهما لم تشيرا إلى الوضعية القائمة؛ أي نوعية اللباس الذي يرتديه الموظفون والقضاة، حيث سيخيل للمواطن أن هؤلاء الموظفين والقضاة كانوا يمارسون مهامهم داخل الإدارات بـ”الشورط”، وهو ما يكذبه واقع الحال.
فالوزير بايتاس ورئيس النيابة العامة الداكي، لم يوضحا طبيعة اللباس الذي يجب على الموظفات والموظفين أن يرتدوه، حيث تم وصف لباس الموظفين بالسلوك “غير المقبول” الذي “لا يعكس ما يجب أن يكون عليه هندام ممثل المرفق العمومي”، وهو ما يخلف وراءه عدة أسئلة.
كما أن الوزير ورئيس النيابة العامة، لم يوضحا “اللباس الحكومي” أو “القضائي” اللائق بحسبهما، هل هو “اللباس الشرعي”؟ وأي نوع يريد بايتاس والداكي فرضه على الموظفين، هل الجلباب المغربي والحجاب بالنسبة للنساء أو الخمار أو البرقع أو نمط آخر من اللباس الذي يريدان فرضه؟ وهل هو الجلباب المغربي أو “الجبادور” أم “لباس الإفرنجة” بالنسبة للموظفين؟ أو ربما سيتم فرض هندام موحد على الموظفات والموظفين كما هو الشأن بالنسبة لبعض المدارس الإبتدائية؟

ومن بين الأسئلة الأخرى التي تطرحها دورية الداكي ومذكرة بايتاس : ما هي المعايير المعتمدة في تصنيف اللباس بين اللائق وغير اللائق في الوظيفة العمومية؟ وهل يتوفر الوزير في حكومة أخنوش و رئيس النيابة العامة على انموذج معين للباس اللائق في الإدارات العمومية؟ وعلى أي مرجع اعتمدا في اختيار هذا الأنموذج للباس اللائق بحسبهما؟ وهل يمكنهما إعلان هذا الأنموذج من اللباس للمغاربة حتى ينال حقه من النقاش العمومي؟
إذا اطلع المواطن المغربي على الوثيقتين المشار إليهما سيخيل له أن بلاده أنهت كل الإشكالات التي تعاني منها الإدارة العمومية من فساد ورشوة وبيروقراطية ومحسوبية و”باك صاحبي”، وأن كل الأعطاب التي عراها الملك في عدد من خطبه تم تجاوزها ولم تتبقَّ إلا مسألةٌ واحدة تتعلق بهندام الموظفين. لكن واقع الإدارة العمومية اليوم يضرب كل ذلك في مقتل.
مذكرة بايتاس ودورية الداكي تحولان النقاش إلى الأعطاب التي تعاني منها المؤسسات والإدارات العمومية و تطرحان مسألة الأولوية في مسلسل إصلاح الإدارة المغربية. ولن نجد أقوى من هذا السؤال لنحدد الأولوية في هذا القطاع. ما الذي يهم المواطن المغربي في المحاكم؟ هل لباس الموظفين أم قضاء أغراضه بسرعة ودون تعقيدات؟ نفس السؤال ينطبق على وزارة بايتاس وباقي المؤسسات والإدارات العمومية. فهل ستقف هذه “الموضة الجديدة” هنا أم أنها ستواصل اقتحام باقي المؤسسات؟
وتزداد مذكرة بايتاس ودورية الداكي غرابة بالنظر إلى السياق الذي أصدرت فيه. حيث إن تقارير إعلامية عدة تناولت أخباراً تفيد وجود توظيفات “مشبوهة” بناء على “إرضاءات” حزبية و نقابية داخل الوزاراة التي يشرف عليها بايتاس. أما دورية الداكي فقد تم إصدارها في الوقت الذي ينتظر فيه المغاربة نتائج التحقيق في التسجيل الذي فضح جزءاً من فساد القضاء ببلادنا. ما يطرح السؤال حول أولوية هؤلاء المسؤولين؛ هل محاربة الفساد أم مطاردة الموظفين وفرض الرقابة على لباسهم؟

– آش خاصك ألعريان؟
– خاتم يا مولاي !