2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
ما أحوجنا لحكومة من 40 أمرابط

شاهدت عيون الملايين عبر العالم، كيف أن اللاعب المغربي نور الدين أمرابط، تلقى خلال مباراة فريقه ضد منتخب إيران، إصابة خطيرة على مستوى رأسه، مما تسبب له في ارتجاج في المخ، أمر على إثرها الطاقم الطبي بضرورة خضوعه للراحة لمدة لا تقل عن أسبوع، حيث بات من المفروض على المدرب ألا يُشركه في مواجهة منتخب البرتغال.
غير أن المفاجأة التي لم تكن في الحسبان، هي أن اللاعب أمرابط أصر على أنه تعافى تماما من الإصابة، كما أصر على المشاركة رفقة أصدقائه في التدريبات، ليُصر مرة أخرى على أن يلعب أساسيا في المباراة المصيرية أمام البرتغال، وهو ما أثار ذهول كل المتتبعين.
أمرابط، الذي قال بكل عفوية، في تصريح صحفي :”الفرقة اللي تجي باسم الله”، أثبت فعلا على أنه من طينة الكبار، حيث صدم المشاهدين وسط الملعب وخلف الشاشات الصغيرة والكبيرة، من المستوى الكبير الذي ظهر به في مواجهة البرتغال، إذ كان رجل المباراة بامتياز بعد أن “حرث” الملعب شبرا شبرا، وراوغ وناور وتصدى وقاتل إلى آخر رمق. بل كان يتلقى ضربات وعرقلة الخصم في كل دقيقة.
مشاهد بطولية تلك التي بصم عليها أمرابط، حين رفض الخوذة التي تحميه من إصابة أخرى في دماغه، حيث ألقى بها أرضا وواصل القتال من أجل الراية المغربية، كما شاهد العالم أيضا أنه تفوق في العديد من المناسبات على لاعبين برتغاليين كبار حاولوا محاصرته وخطف الكرة منه، غير أنه تحداهم وأخجلهم وجعلهم صغارا أمام العالم وخفض أسهمهم وقيمتهم السوقية.
أمرابط، لم يُعر كل ذلك أي اهتمام، لم ينتظر أبدا صافرة الحكم للإعلان عن وجود خطأ ضده، بل كان يسقط ويقف مسرعا نحو شباك الخص، وأمل واحد يحذوه هو إسعاد ملايين المغاربة الذين كانت قلوبهم تخفق بسرعة في تلك اللحظات. أمرابط أثبت أنه وطني ومغربي حتى النخاع، وأنه مستعد للموت في سبيل الوطن، خاصة وأنه لم يهتم بحالته الصحية ونصح بالإعتناء بأبنائه وزوجته إذا باغثه الموت.
لن نطيل الحديث عن أمرابط، فيكفي البحث في الأنترنت عن لقطات توثق لكل ما قام به، حتى يتأكد كل مشكك، لكن كل ذلك يحيلنا على موضوع نكران الذات والتضحية من أجل الغير، كما يحيلنا هذا أيضا على عدد من المسؤولين وأهمهم وزراء الحكومة التي تُدير شؤون المواطنين المغاربة.
نعم، ما أحوجنا لحكومة تتكون من أربعين أمرابط، حكومة تتلقى الضربات تلو الضربات، داخليا وخارجيا، غير أنها تقاوم وتنهض من أجل مواصلة مسيرها لإسعاد المغاربة، ما أحوجنا لحكومة تدخل معترك السياسة، وهدف واحد أمامها هو إدخال السرور في البيوت المغربية، عبر قرارات شعبية وجريئة رغم كل الجراح.
ما أحوجنا أيضا لحكومة، تناور وتراوغ العدو، حتى تدخل منطقة عملياته وتسجل عليه أهدافا في المحافل الدولية، ما أحوجنا يا سادة لحكومة لا تنتظر صافرة الحكم أيضا، حكومة لا “تتمسكن” وتتغبن وتظهر بمظهر المظلوم دون أي رد فعل قوي وفي محله، ما أحوجنا لوزراء يصابون بارتجاج في المخ ويصرون على نكران ذواتهم والتضحية بالغالي والتفيس في سبيل الوطن، غير مبالين بالمناصب أو المكاسب.
تخيلوا يا سادة يا كرام، فقط تخيلوا، لو كان لدينا أربعون أمرابط في حكومتنا المغربية، هل سيتم وصف المغاربة بـ”المداويخ”؟ وهل سيقوم “أمرابط المسؤول” بتخوين المواطنين الذين عبروا فقط رغبتهم التلقائية في مقاطعة منتجات شركات بعينها؟ وهل سيتم تهديدهم بالسجن إذا قاطعوا منتجات شركات بعينها؟ وهل سيخرج “أمرابط الوزير” في تظاهرة احتجاجية ليساند شركة ضربت القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة، ويحثهم على عدم مقاطعتها؟ وهل سيلتزم “أمرابط رئيس الحكومة” الصمت كلما حدثت واقعة وهزت مشاعر المغاربة؟ …
فشكرا لك يا نور الدين أمرابط، وما أحوجنا لحكومة من أربعين أمرابط…
بعديين