2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
الغلوسي: ميزانية موازين يجب أن تخضع للمراقبة (حوار)

كلما حل الموعد السنوي لمهرجان موازين، إلا وأثير جدل واسع حول تكلفته المالية، غير أن تزامن النسخة 17 منه، مع حملة مقاطعة بعض المنتوجات الإستهلاكية، أدى إلى إنطلاق دعوات لمقاطعته أيضا، في محاولة لإعادة النظر في هذه التكلفة التي هناك مجالات حيوية في حاجة ماسة ولو لجزء منها. وفي هذا الصدد تستضيف جريدة “آشكاين”، محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، ضمن فقرة “ضيف السبت”.
ما موقفكم من دعوات مقاطعة مهرجان موازين؟
موازين هو مهرجان فني، يستقطب العديد من الفنانين، وبالنسبة لي أن تقاطع أو لا تقاطع يدخل في نطاق حرية الافراد ولا يمكن ان نفرض على الناس ذوقا معينا أو فنا معينا، فالمهرجان هو كباقي المهرجانات التي تنظم ولا يمكن أن يكون لنا موقف مسبق من تنظيم المهرجان الذي يعكس تعدد الاذواق وتعدد الألوان الموسيقية على المستوى العالمي، وأتحفظ، ليس من الناحية المالية، ولكن من بعض الدعوات ذات الطابع الإيديولوجي التي تصبغ المهرجان بأنه مهرجان الفسق والفجور ونشر الرذيلة وما شابه ذلك، وهي دعوات منغلقة ولها تصور معين للذوق والفن ولطبيعة المجتمع الذي تنعدم فيه الموسيقى والفن، ولكل ما يخاطب الوجدان وينمي الذواق والابداع، وهذه الدعوات لا يمكن إلا أن تكون مرفوضة.
هل يمكن أن نرجع الدعوة إلى مقاطعة موازين فقط لوجود خلفيات إيديولوجية؟
هناك دعوات غير بريئة تساق معها دعوات أخرى بحيث هناك رسائل توزع في شبكات التواصل الاجتماعي، تقول بأن هذا المهرجان ينشر المجون والرذيلة وهي دعوات لها موقف من الفن والحياة وهي مرفوضة، أما مالية المهرجان أتفق معك، لأن هناك مبالغ كبيرة غير منطقية خاصة أن هذه المبالغ نسمع عنها ولا يوجد ما يثبتها، بحيث نسمع أن الفنان الفلاني تقاضي مبلغا خياليا في غياب الوثائق الرسمية التي من شأنها أن توضح هذا المجال المالي. ومنظمو المهرجان يتذرعون بأن هذه الأموال ليست حكومية وأنها أموال خاصة، إن كانت كذلك فهذا شأن أصحابها، لكن إذا كانت أموالا عمومية فيجب أن تخضع للرقابة والمحاسبة ولتكافئ الفرص فهناك أشخاص آخرون ينظمون مهرجانات لكنها لا تحصل على الدعم وإن حصلت عليه، فيكون دعما ماليا ضئيلا، بالتالي فمثل هذه الجوانب المالية يجب أن تخضع للرقابة والافتحاص ولا يكون المال العام “مال سايب”، وبالتالي لابد من وضع حد لهذا الامر لأن المجتمع في حاجة إلى الأموال والاستثمار في مشاريع اقتصادية واجتماعية من شأنها ان تساهم في تخفيف عزلة بعض المناطق وأن تعالج أعطاب البنيات التحتية وغيرها ، ويجب أن يعاد النظر في طريقة دعم المهرجان من المال العام إذا كان فعلا يتلقى دعما من المال العام.
هنا بعض المؤسسات التي تمول موزاين وتملك الدولة جزء من رأسمالها، هل يمكن إعتبار أن ذلك يدخل في إطار المال العام؟
ما يتعلق بالمال العام يجب ألا يتم هدره في مثل هذا الجانب وكان الأجدر، أن توجه إلى الجانب الثقافي والفني الذي من شأنه أن يساهم في تطوير البحث العلمي والابداع خاصة أن هناك مثقفون يعشون على هامش الحياة وهناك برامج ثقافية تعيش على الهامش أيضا، والمجتمع في حاجة إلى ثقافة تنويرية وفكر عقلاني وتنمية قدرات المواطنين حتى يساهموا في تطور المجتمع، وبالتالي فضخ أموال عمومية من هذه الزاوية على مثل هذه المهرجانات من شأنه أن يحدث ثقلا في المالية العمومية ومن شأنه أن يحدث نوعا من التميز بين بعض الجهات الترابية للبلاد، فهناك مهرجانات لا يعرف ولا يسمع عنها أحد نظرا لضعف الإمكانيات والدعاية الإعلامية والرسمية لها، وبالتالي تعيش العزلة، هناك أيضا مسارح وسينما تعيش نوعا من الإهمال وبالتالي مثل هذه الأموال يجب أن تضخ في بناء منشآت ثقافية، وهذا الدعم العمومي بهذا الحجم والضخامة يبقى غير مبرر ومبالغا فيه.
هل هناك آليات أخرى غير الدعوات للمقاطعة لتلبية مطلب إعادة النظر في التكلفة المالية المرصودة لمهرجان موازين؟
لم يسبق لي أن حضرت أو تابعت موازين ولكن من الناحية المبدئية أنا ضد إلغاء هذه المهرجانات لأن الدعوة لالغائها، بغض النظر إن اتفاقنا او اختلافنا معها، فذلك يعكس تصورا للمجتمع، وهذا التصور الذي يرى أن الفن والثقافة والمسرح والغناء هي مجون وتحلل المجتمع، وبالتالي فهذا المجتمع في غنى عن هذه لمهرجانات التي تهدد الاخلاق العامة، فعلا يجب إعادة النظر في التكلف المالية، التي من الضروري أن تكون معقولة مع البحث عن وسال أخرى غير الدعم العمومي لتشجيع هذا المهرجان، وأن يبتعد ما أمكن عن المال العام وإن إعتمد عليه فيجب أن يكون في حدود معقولة وأن يكون على قدم المساواة مع باقي المهرجانات وأن يهتموا بالفنانين المغاربة والمواهب الشابة التي تحتاج لدعم ومساندة، كما أنه لابد لموازين أن يلتفت الى هذه الأصوات الفنية التي يزخر بها المجتمع وأن يساعدها .