لماذا وإلى أين ؟

أنيابُ الضِّـرْغـامْ في الرد على أغبى الأَنـامْ !

محمد العطلاتي

اعلـم وفقك الله أن الخطوب، إذا أتت من عند الله، فالمؤمنون على شرورها صابرون، و لفرج الله منتظرون، لا يقنطون من روح الله ولا ييئسون، وعلى شهدائهم يترحمون، إذ هم أحياء عند ربهم يرزقون، وعلى حكام الطاغوت ينتفضون، ولحقوقهم منتزعون.
لكن المصائب عندما تأتي من جنس البشر، فالمسألة حينها فيها تأمل و نظر، ويلزم فيه تَفَتُّحُ البصر، ففقهاء النازلة صرحاء واضحون، لا يخشون ولا يهابون، لأنهم بحكم الشريعة عالمون، ولقلب الحقائق رافضون، أما “الرفاق”، كما قال العندليب الأسمر، فهم حائرون يتساءلون في جنون، هُمْ تـارةً أشدُّ بأسا من الحديد، وتارة أخرى هم من جنس العبيد، أحوالهم لا تنضبط لقاعدة، وأفكارهم لا تخضع لضابطة، في كل مسألة هم خائضون، وبخلاصة مفيدة لا ينتهون.

واعلم، حفظك الله، أن ما دعانا للخوض في هذه المسائل، والنظر في هذه النوازل، هو الحرص على تبيان مواطن القصور و أوجه الضمور، مرامنا الكشفُ عن حقيقة ما يجول و يدور؛ حجتنا في ذلك، ليست خطبُ المجانين، ولا سلاليم المُتسلِّقين، بل ما يكابده عموم الجماهير، في سائر القرى و الدواوير، من شدة في البرودة و قِلَّة في الزاد و المؤونة، فلو قُدِّر لك الاطلاع على أحوال الفقراء من أبناء الأرياف المستضعفين، لوليت منهم فرارا و لملئت رعبا، فالاصطياف عندهم أصبح فريضة، و الاستجمامُ عادةٌ مستحكمة، لا توقفه موجةُ بحرٍ عالية ولا ريح صرصر عـــاتية.

واعلم، رعاك الله، أن أبناء المغرب الأقصى، حكاما و حاكمين، قد اتخذوا لهم، في مداواة أمراض المكلومين وإطعام أفواه الجائعين، و إنصاف المتقاضين، و محاسبة السارقين، بدعةً ليست في صحف الخليل إبراهيم ولا أثر لها في ألواح موسى الكليم. وقوام هذه البدعة، الإكثار من الفرجة و اتخاذ الطبلةِ هدفا و نهايةً، و المزمارِ أداة و غاية. وآخر ما استقر عليه رأي جمهور فقهاء السلفية، تمكين كل حاضرة و بلدة بندوة أو مناقشة افتراضية، غايتها جمع الرعاع و الدهماء و إلباسهم لبوس الورع و التقوى، و تمكينهم من مظاهر الدين الشكلية، الموشحة بإعفاء اللحى و جز الشوارب، وإسدال القباب السوداء على هامات النسوة و الفتيات حتى يظن الواحد منا أن البلد صار حارة من حارات الظلمات أو إمارة من إمارات العربان أو مخيما يُقال إنه كان في ىسالف العصر و الأوان.

وفقـــــهاء “القلاقــــل” هؤلاء، ما كانوا لينعموا بهذا الإختيار، لو لم يغب عن البلد رجاله الأبطال. فأوائل الآباء و الأجداد كانت لهم آراء محمودة و سنة مستساغة في محاربة التطرف و البدع، و إطلاق عقال الفكر و العقل، وإذاعة النقد و إفشاء الصراحة، لكن الأمور سارت على غير هدى أو هداية، فانتشرت المظاهر المنكرة مما لا يقبله عقل أو بصيرة، فأعرضَ الناس عن العناية بالعلوم و صيانة الفنون، و تساوى العالم و الجاهل في الدرجات و صار الحال نفسه في شأن الفتيات و النسوان، فانحـــطت بذلك مداركُهم و بلغت درجة الخمول و الهَوان، و تبدلت أدلة الرشد و العنفوان بين الشبيبة و الولدان، و انتقلت من حال الاعتناء بالأفكار و تمحيص الذاكرة و حسن الاختيار، إلى صنف من العُرِيِّ المُقَنَّع بجلابيب أقوام أفغانستان وغيرهم من أجناس الخلق في باكستان، لم يؤتها الله من علم أو سلطان، فتأخرت بذلك أمم المسلمين و غدت أضحوكة أمام العالمين، فخلا رصيدهم من المعارف و العلوم و تفننوا في انتحال أقوال السلفية و نعتوها بالصلاح و العفة، وغير ذلك من الصفات المتخيلة و الحالمة، فكانوا بذلك أبعد الأجناس عن الحضارة و أشدهم عداء للمدنية، فالأمم المعاصرة اتخذت لنفسها الذهاب نحو الأمام فكرا و عقيدة، و اختار السلفيون و الملتحون منهم وجهة دون نبراس أو بوصلة فساروا بالقوم نحو الهاوية دون رجعة.

فالله نسأل العصمة لهم و لنا من كل عاقبة قاسية، و العز و النصر بديلا للذل و الإستكانة.

الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
16 ديسمبر 2022 14:04

مقال يصلح خطبة لصلاة الجمعة بامتياز،

samir
المعلق(ة)
16 ديسمبر 2022 01:27

ما أنت لتقول،وما تقول،أضرغام في صورة قط،أم هر في صولة أسد،،،لو أمثالك ومنك قليل،يعيد ما قيل، من شرائط أسياده،وشرائد أخلائه،تهذي وتمضي،تتطاول وتتمايل،ما بلغت الرشد بعد،وما أتممت كتاب ولا تخرجت من عماد ،ولا عرفت دواة ولا مداد،من يسمع عويلك وينظر في مقيلك،يعلم صرفا حجمك ويسرح قدميه أمامك،تذكر أقواما لو تعلم أنهم هم من لقنوا أسيادك دروسا في الوغى،ومرغوا أنوفهم في النقع لما بغى،أصحاب اللحى ومن ذكرت بأوصاف لباسهم وقد صدقت،إذا تكلموا قالوا هكذا وجدنا الأجداد،وصرنا على نهجهم نحن الأحفاد، شكل الأسود باللحى،والهيبة إذا نحى،أصحاب صلاة الضحى،من عاش في البدو وافترس العدو، وملأ بدمائه الدلو،،،وأنت ما ستقول حفيد عرنسا،أم تابع مزيكا وعبيد أمريكا ،أم مغلوب تابع،شاري وبائع،بالذهب يقنع وبالفضة يسمع،لا يميل إلا لمن يدفع،ولا يركب إلا مدفع،ولا يأوي إلا وكرا ومرتع،غرك حلمهم وجرأك أدبهم وسمتهم،فما استحييت قريب،وما وقرت بعيد.وها نحن نقول ما أدب العبيد إلا الصيات،فلما أمن العقوبة أساء الأدب.ولا حول ولا قوة إلا بالله.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x