لماذا وإلى أين ؟

“كْـوَيْـرات”..”قنابلُ مـوقــوتة” تجوبُ شوارع العـــيون

“كْوَيْر كايس العودة”..”كوير كايس..” (كايس أي ذاهب)..بهذه العبارة الحسانية التي تسبق اسم الحي تستطيع أن تحجز لك مقعدا في سيارات النقل السري المعروفة لدى أهل المنطقة بـ”الكْوَيْرَات”، تصغير “كار”(حافلة)، والتي  تعرف مدينة العيون جنوب المملكة انتشار كبيرا لها، كيف لا وهي(الكويرات) التي كان لها الفضل الكبير في فك العزلة عن أحياء متناثرة في المدينة التي باتت تشهد توسعا عمرانيا مضطردا.

هذه السيارات التي لا زالت محسوبة على “النقل السري” رغم المطالب الملحة  من الممارسين بتنظيمها القانوني، كان لها الفضل في فك العزلة عن آلاف الأسر القاطنة في أحياء المدينة البعيدة عن المركز، مثل أحياء: العودة، الراحة، الوفاق، الدويرات، 25 مارس، الأمل، المستقبل، وغيرها من الأحياء الجديدة الهامشية والتي بها كثافة سكانية كبيرة.

الملاذ الوحيد لساكنة الأحياء الهامشية

وحسب ما استقته “آشكاين” من مصادر محلية متطابقة، فإن “عددا من الساكنة يعتبرون هذه العربات، وإن كان غير مرخص لها نقل المواطنين، فهي تجوب شوارع محددة في المدينة، إلا أنها هي الملاذ الوحيد لآلاف الأسر و الطلبة  والموظفين وغيرهم من الفئات المجتمعية، من أجل قضاء مآربهم اليومية في وسط المدينة”.

وحسب نفس الشهادات التي استقتها “آشكاين” في فترات متفرقة من ساكنة المنطقة، فإنه رغم احتجاج سائقي ومالكي “الكويرات” من أجل إيجاد حل عملي لهم لتفادي حالات التوقيف بين كل حملة أمنية على ممتهني النقل السري وعلى رأسهم سائقو الكويرات الذين يتم حجز عرباتهم في المحجز البلدي للمدينة، إلا أنها ستظل الملاذ الوحيد لهم في تنقلاتهم اليومية”.

اضرابات و”كر وفر”

لا تكاد حالات الكر والفر بين رجال الأمن وسائقي “الكويرات” تتوقف، نظرا لكون السلطات تعتبر أن هذه الفئة تشتغل في مهنة لـ”النقل السري” غير المرخص، ما يجعلها (السلطات) تشن حملة تمشيطية في حقهم، وإن كانت لا تطالهم جميعهم، إلا أنها تشل حركتهم نسبيا ويتوقفون عن العمل “إلين أن تتخطى الحملة”  أي إلى أن تمر حملة حجز “الكويرات” في المحجز البلدي للمدينة.

هذه الحملات المتكررة تدفع سائقي “الكويرات”، اللذين صاروا ينتظمون في تنسيقيات، وإن كانت غير مهيكلة لكن تبقى لها كلمتها بين المهنيين، (تدفعهم) لخوض إضرابات متكررة عن العمل، وهو ما يشل حركة التنقل و يجعل الأحياء الهامشية سالفة الذكر في عزلة شبه تامة ويعطل مصالح آلاف المواطنين القاطنين بها، نظرا لكون الكويرات الذين تجاوز عددهم الألف، حسب تصريحات سابقة لمهنيين، هي صلة الوصل بين ساكنة هذه الأحياء وبين وسط المدينة وجنوبها.

قنابل موقوتة تجوب شوارع العيون

في الجهة المقابلة، يعمد عدد من سائقي عربات الكويرات للنقل السري، إلى ممارسات مشينة تهدد حياة المواطنين اللذين “يُسَلّمونهم أنفسهم” لنقلهم إلى وجهاتهم البعيدة بثمن رمزي لا يتعدى في أغلب الأحوال 5 دراهم لشخص أو لشخصين و 10دراهم لثلاثة أشخاص، حيث يعمدون إلى تشغيل هذه الكويرات باستعمال قنينات الغاز، وفق ما عاينته “آشكاين” في فترات متكررة.

ويرجع هؤلاء استعمالهم لقنينات الغاز إلى ارتفاع سعر المحروقات تارة، ومنهم من يحاول أن يعمد للكسب السريع، نظرا لكون قنينة الغاز الواحدة تكلفه 40 درهما فقط وقد يتجول بها لمدة تصل إلى يومين، خلافا لاستهلاك المحروقات الذي “يثقل كاهلهم”، وفق شهادات متفرقة استقتها “آشكاين” في وقت سابق.

 

مخاطرة بعض هؤلاء السائقين باستعمال قنينات الغاز بدل البنزين، يضع حياتهم و حياة المواطنين الذين يستقلون “الكويرات” في “كف عفريت”ـ وذلك بعد تكرر حوادث انفجار للقنينات والتي تحولت معها هذه الكويرات إلى “قنابل موقوتة” تجوب شوارع المدينة وقد تنفجر بركابها في أي لحظة.

لا تقف المخاطر المحيطة  بـ”الكوير” عند قنينات الغاز، بل تتعداه إلى المستوى القانوي الذي قد يحمي به الراكب نفسه بعدما يستقل هذا “الكوير” اضطرارا للوصول إلى منزله المتواجد في أطراف المدينة التي لا تصلها سيارات الأجرة، وذلك في حال حصول حادث، كالحادث الذي وقع  الجمعة 30 دجنبر الحاري، بحي الوفاق نتيجة اصطدام “كوير” بسيارة خفيفة نتجت عنه إصابات نقل على إثرها أصحابها إلى المستشفى الجهوي مولاي الحسن بن المهدي بالعيون.

صورة حادث الوفاق 30 دجنبر 2022

“الكويرات” تعيل آلاف الأسر

حتى وإن كانت ممارسات بعض سائقي ومالكي الكويرات تسيئ إليهم و إلى سمعتهم وسط أهل المدينة، إلا أن العديد منهم، خاصة الشباب حملة الشهادات، وجد في هذه “المهنة”، والتي تنتظر الترخيص، وجدوا فيها ملاذا من شبح البطالة، إذ أن عددا كبيرا منهم يعيل بالمدخول اليومي من “الكوير” أسرة أو أسرتين، ما يجعل حملات توقيفهم تهدد الدخل اليومي لمئات الأسر المعوزة وتجعلهم في ترقب مستمر.

مطالب بالتقنين

ومع تكرار حوادث الكويرات، من انفجار قنينات الغاز داخلها، وإن كانت هذه الحوادث متفرقة في الأماكن والأزمنة، أو حوادث مرورية عرضية، علاوة على كون هذه “الكويرات” صارت مدخل رزق لآلاف الأسر التي تجد فيها مدخل رزق لقوت يومها، مع كل هذا فقد صارت مطالب التقنين أكثر إلحاحا من الممارسين ضمانا لسلامة الركاب ومن أجل ممارسة مهنية سليمة تضمن للمواطنين تنقلا قانونيا يخرجهم من “خانة السرية” ويضمن لهؤلاء السائقين دخلا ماديا يحفظ كرامتهم.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x