2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
هل اخترقت الأصولية قناة محمد السادس؟ (فيديو)

مر ربع قرن على شروع المغرب في إصلاح الحقل الديني، الذي جعل جوهر رسالة الروحية لعلماء الدين، يكمن في “العمل الدائم على إشاعة الطمأنينة والسلام والحث على التنافس في العمل البناء ومحاربة التطرف والانغلاق والإرهاب. بإشاعة القيم الإسلامية المثلى، تحصينا لبلادنا من الآفات المقيتة للغلو والتعصب”، كما قال الملك محمد السادس خلال ترؤسه للمجلس العلمي الأعلى. الأمر الذي يفرض طرح سؤال حول مدى نجاح هذا الإصلاح في الوقت الذي تسمع فيه بعض الأصوات الداعية إلى قيم وأفكار أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها بعيدة عن هذا الخط الإصلاحي الذي تنهجه الدولة.
أظهر فيديو منشور على شبكات التواصل الإجتماعي، أحد “الفقهاء”، الذين يطلون على المغاربة من القناة الدينية “محمد السادس” التي أسست بعد تفجيرات 16 ماي، لمحاربة الفكر المتطرف، وهو يُحرم إقتراض المغاربة المقيمين بأروبا للقروض البنكية، من أجل شراء منزل يؤون إليه مع أسرهم.
وقال سعيد الكملي، المشرف على كرسي الإمام مالك بمسجد السنة، ” لماذا تريد أخد قرض، حتى تشتري منزلا بأوروبا، ولمادا تريد شراءه..، وإذا كانت الحاجة في السكن ترفع بالمباح فكيف تتقحم بالحرام لها”، أكيد أن هذه ليس دعوة لتهذيب “روح المسلم” بترسيخ قيم القناعة والإيثار، بل هي، تساؤلات يبرر من خلالها الكملي، فتواه التي تخالف توجه الدولة في الحقل الديني، فعندما يكون تحريم الإقتراض البنكي، بمبرر”الربا” صادرا عن أحد المكلفين بتنزيل و الترويج لخطة الإصلاح الديني لدولة قوانينها و معاملاتها المالية الخارجية تقوم على ذات الأساس، فإننا نكون أمام شيء من إثنين، إما أن الجهاز الديني إن صح التعبير، “مخترق” من طرف أصحاب الفكر الرافض لقيم و المعاملات التي فرضتها تطورات العصر، وإما أن علماءنا يعيشون في حالة حادة من الإزدواجية فهم لا يظهرون ما لا يؤمنون به، ويخفون قناعاتهم الحقيقية.
لقد نسي الكلمي، وهو يقول لجمهوره في إحدى الدروس -يبدو أنه كان يلقيها بإحدى الدول الأروبية- “عنداك إضحك عليك الشيطان، إذا مت سيخرجون أبناءك من المنزل”، (نسي) أن هؤلاء الجالسين أمامهم، لم تخرجهم من بلادهم حرب أو إبادة، بل هاجروا لينقذوا عائلاتهم من السكن الصفيحي والعيش غير الكريم، ولكي يشتروا “قبرا للحياة” قبل قبر الموت، فكيف للكلمي الذي لاشك أنه يملك بيتا في إحدى الأحياء الراقية بالرباط، أن يزيد في حمل هؤلاء حملا أكبر من حمل الدهر نفسه.
وإذا كانت الدولة تضخ أموالا كثيرة من جيوب دافعي الضرائب، بغاية الإصلاح الديني و تحصين الأمن الروحي للمغاربة، فعليها أن تهتم بالعنصر البشري الذي تعتمد عليه في ترجمة خطتها على أرض الواقع، وأن تتأكد من طبيعة القيم التي يدعون إلى ترسيخها، وأن تصيغ لهم خطابا دينيا يتماشى وقيم الحداثة و الديمقراطية، ويحد من إنتشار الفكر المتشدد، خاصة أن التجارب أثتبت مدى تأثير مثل هؤلاء “العلماء” في عدد من الأحداث الدامية التي شهدها العالم.
لم يقل سوى كلمة حقلان الرسول ص امرنا بلا نرتاب