العالمُ السُفلي.. القصة وراء “Nehir” سفينة المخدرات التي حاول طاقمها إغراقها

“العالم السفلي”؛ سلسلة قصصية مشوقة، تفتح من خلالها “آشكاين” لقرائها الكرام نافذة لاستكشاف عالم تجارة المخدرات في شمال المغرب. 

من خلال هذه النافذة، تنقل الجريدة الإلكترونية “آشكاين” لمتتبعيها أحداث مشوقة من عالم التهريب الدولي للمخدرات بعضها ينبش تفاصيل ملفات معروف للعامة وبعضها خفي لا يعرفه إلا المقربون من العالم السفلي لتجارة المخدرات، إضافة إلى قصص أشخاص واكبوا وعملوا مع أكبر البارونات بمناطق الشمال والمغرب.

قصة اليوم نتطرق فيها إلى ملف سفينة نقل المخدرات “Nehir”، وعملية حجز أكثر من طن ونصف من الكوكايين الكولمبي النقي على متنها، فيما ضاع طن ونصف آخر دون أثر، وكيف حاول طاقم السفينة إغراقها وكادوا يتسببون في كارثة بيئية، وعلاقة السفينة ببارون المخدرات الشهير، ابن مدينة الحسيمة المعروف ب”علي” والذي تطرقنا لقصته في حلقة سابقة.

إليكم القصة:

تم اعتراض سفينة “Nehir”، التي يبلغ طولها 52.7 مترًا والتي كانت ترفع علم جمهورية بالاو (في منطقة ميكرونيزيا، في غرب المحيط الهادئ) الموجودة حاليًا في ميناء خيخون بإسبانيا، في فبراير 2021 قبالة ساحل لوسينس. على متنها، تم العثور على 92 رزمة بها 1834 عبوة تحتوي على إجمالي 1517.7 كيلوغرام من الكوكايين النقي، وهو ما يصل ثمنه إلى 75.9 مليون يورو في السوق السوداء.

ملف سفينة “Nehir” حسب المصادر التي استشرناها، هو الملف الذي تم على إثره توقيف أحد أخطر بارونات المخدرات بأوروبا وأفريقيا، ابن مدينة الحسيمة “فكري أملاح أغربي” المعروف بلقب “علي”. حيث ولغاية شهر فبراير من سنة 2021، لم يكن من المعروف من يقف وراء تهريب شحنة الكوكايين الكبيرة على متن سفينة “Nehir”، لكن في وقت لاحق وفي إطار العملية الأمنية ذات الاسم الحركي “Mvrand” والتي شارك فيها اليوروبول ومصالح أمنية مختلفة بأوروبا، مكنت من معرفة صاحب الشحنة وهو البارون “علي” وشبكته الواسعة.

مداهمة سفينة “Nehir” قبل حوالي السنتين جاءت، بعدما نبهت السلطات الكولومبية الشرطة الإسبانية إلى “عملية نقل محتملة” لحوالي ثلاثة أطنان من الكوكايين في سفينة “النهير”، وأثناء المحاكمة اعترف العديد من المتهمين أن “هناك حوالي 1650 كيلوغرامًا”، لم يتم استردادها لأنه كان لا بد من إخلاء السفينة بسبب “خطر غرق وشيك” بعد أن أحدث بعض أفراد الطاقم عدة تسريبات في هيكل السفينة.

ولازالت السلطات الأسبانية، لحدود الآن تبحث عن هذه الكمية من المخدرات المفقودة، على الرغم من أن أعضاء مجموعة عمليات التدخل الفني التابعة للشرطة الوطنية الإسبانية (GOIT)، قاموا بعمليتي تفتيش شاملتين داخل السفينة استغرقتا أكثر من شهر بقليل دون أي نتائج مما أدى إلى تعليق البحث.

ولاتزال سفينة “نهير” حاليًا في ميناء خيخون في إسبانيا ، حيث تم نقلها بسبب التحذير من مخاطر بيئية عالية للغاية بسبب احتمال انسكاب الوقود في المياه، بعد استخراج أكثر من 40 طنًا من الديزل الموجود بالسفينة، وتم تفعيل عملية إعادة تعويمها.

•  من اسطنبول إلى كولومبيا

أثبتت التحقيقات، أن أفراد الطاقم التسعة الذين حوكموا بعد مداهمة سفينة “Nehir”، قبلوا نهاية عام 2020 اقتراح مجهولين للانضمام إلى طاقم السفينة المخصصة لنقل الكوكايين، حيث أبحروا انطلاقاً من اسطنبول وأثناء الرحلة كانوا يتلقون التعليمات عبر هاتف مشفر ؛ مروا عبر نواذيبو (موريتانيا) متجهين إلى الساحل الأطلسي لكولومبيا ومن هناك واصلوا رحلتهم إلى سورينام ، وهي رحلة تم خلالها تسليم شحنتين من الكوكايين إليهم في أعالي البحار.

مصادرنا تشير إلى أنهم تلقوا أمرًا بنقل شحنة الكوكايين بالقرب من ساحل “غاليسيا” وتسليمها إلى قارب آخر كان عليه الخروج لمقابلتهم، لكن وقبل تنفيذ العملية، في صباح يوم 22 فبراير 2021، عندما كانت سفينة “النهير” تبحر وأضوائها مطفأة، رصدها زورق دورية تابع للبحرية الإسبانية، ليقترب منها بعد وقت وجيز فريق هجوم من فرقة العمليات الخاصة التابعة للشرطة الوطنية الإسبانية، في مداهمة تشاهد فقط في أفلام نيتفليكس، إذ وبعد تلقيهم أوامرا عبر الهاتف المشفر، قام بعض أرفاد الطاقم بتخريب بدن السفينة في أكثر من موقع، حتى يقوموا بإغراقها بحمولتها لكي لا تنكشف.

لكن غرق بدن السفينة، لم يمنع من اكتشاف نصف الحمولة، التي أدت إلى إدانة واحدة من أعقد وأخطر شبكات تجارة وتهريب المخدرات يقودها مغاربة. فيما يجهل لحد الساعة مصير النصف الآخر من الحمولة، وهل غرق في البحر أم تم تسليمه قبل مداهمة السفينة.