معارك الصحراء: تـكـل..سلسلة معارك بأطار الموريتانية خسر فيها المستعمر أكثر من الحربين العالميتين

يسر جريدة “آشكاين” الرقمية أن تضع بين يدي قرائها الكرام سلسلة رمضانية جديدة عن الأقاليم الجنوبية، من خلال التطرق إلى ما شهدته الصحراء المغربية من معارك طاحنة خاضتها المقاومة الصحراوية ضد المستعمر من أجل إعادة تراب الصحراء إلى حوزة الوطن، من خلال برنامجكم الرمضاني “معارك الصحراء”.

وسنحاول في هذه السلسلة الرمضانية أن ننبش في تاريخ ذاكرة المقاومة الصحراوية ضد المستعمر، من خلال تناول أهم المعارك التي خاضها أبناء المناطق الجنوبية دفاعا عن الوحدة الترابية للوطن، مستندين إلى شهادات باحثين ومهتمين من أبناء المنطقة.

سنتطرق في الحلقة 19 من سلسلة “معارك الصحراء“،  إلى “معارك تكل“، والتي تعتبر سلسلة معارك متواصلة خاضتها المقاومة ضد المستعمر في أطار الموريتانية والتي تكبد فيها المستعمر الفرنسي خسائر أكبر من الحربين العالميتين الأولى والثانية وفق ما صرح به  الكولونيل ابريكان.

يروي لنا قـيّـم فضاء الذاكرة التاريخية بالدشيرة جهة العيون الساقية الحمراء، مصطفى الحمري،  نقلا عن شهادات حية استقاها فضاء الذاكرة من المقاوم البي جولي، الذي كان من بين المقاومين الذين شهدوا معارك تكل، وأسر وحكم عليه بالإعدام، فقد وقعت هذه المعاركة المتتالية على بعد عشرة كيلومترات شرق مدينة أطار الموريتانية بجبل  يدعى “تكل”.

معركة “الشيمام”

وحسب شهادة المقاوم البي جولي، فإنه “في يوم 20 يناير 1957 شهدن منطقة “تكل” معركة تدعى “الشيمام”؛ قتل فيها اثنان من العدو الفرنسي وجرح المقاوم سالم ولد محمود”.

معركة “كلتت أبمبا”

ويسترسل البي جولي أنه “بعد يومين فقط من المعركة الأولى، أي في يوم 22 يناير 1957 نشبت “معركة كلتت أبمبا”؛ حيث شنت فيها القوات الفرنسية غارات جوية على أفراد المقاومة، وقتلت خلالها ما يناهز 20 جملا”.

معركة ” تكل الكبرى “

يورد جولي في شهادته أنه “في يوم 24 و25 يناير 1957 نشبت معركة “تكل الكبرى”؛ استهدفت فيها القوات الفرنسية المقاومين بقوات مدججة بالأسلحة  قدر عدد أفرادها ب 20 آلف جندي، في حين كان أفراد جيش التحرير حوالي 140 مقاوم، استشهد منهم ثلاثة وهم:  فشل ولد باهيا ولد احمد، لحبيب ولد الكليب ولد اعلي من ومحمد ولد السمان.

معركة اصطل

وتابع المتحدث أنه “في يوم 26 يناير 1957  وقعت معركة “اصطل”، والتي واجهت فيها فرقة من جيش التحرير مكونة من 10 مقاومين القوات الفرنسية التي تفوقها عددا وعتادا، ومع ذلك فقد كانت التضحية شعار هذه المعركة حيث جازف المقاومان البشير ولد محمد الصالح ورمضان ولد آمغير بأنفسهما وتصديا للقوات الفرنسية  ومنعاها من الصعود إلى الجبل  وكانت نتيجة تضحيتهما أن استشهدا محروقين بأن صب المستعمر البنزين عليهما وحرقهما”.

معركة السنين

وأردف الشاهد أنه “في يوم 27 يناير 1957 نشبت معركة السنين؛ التي قال عنها الكولونيل ابريكان المشهور أن القوات الفرنسية تكبدت فيها خسائر لم تتكبدها في الحربين العالميتين الأولى والثانية”.

مشيرا إلى أن “الجيش الفرنسي خاض هذه المعركة بقوة تتكون من 70 شاحنة محملة بالجنود، وأربع دبابات، في حين كان عدد أفراد جيش التحرير ستة فقط، إلا أنه هناك تناقض في الأقوال بين وجود ستة فقط الواردة أسماؤهم بعده وإضافة إلى عدد آخر من المقاومين الذين يقول عنهم صاحب الشهادة أنهم اعتقلوا مما يجعل العدد يفوق 6 المصرح بها”.

أهمية معارك تكل

وحسب ما نقله تقرير أعده فضاء الذاكرة  فإن “معركة تكل تعتبر بداية للمعارك المنظمة، ومنعطفا حاسما في سيرورة كفاح أولاد دليم ضد القوى الاستعمارية، ولما كان لها من انعكاسات مباشرة على طبيعة المعارك القادمة وكنقطة تحول في المنطقة والتي فرضت على فرنسا والاسبان التحالف مستقبلا”.

وأكد الشاهد أن “وصول جيش التحرير إلى مركز أوسرد وبداية تعبئته للسكان المحليين وتأطيرهم من أجل مقاومة العدوان الفرنسي أولا، هذا العمل لم يلاق أدنى اعتراض من طرف إسبانيا التي كانت تتواجد بمنطقة وادي الذهب، بل أن مجريات الأحداث من التعبئة وجمع الإمدادات والحث على التطوع في صفوف جيش التحرير كانت تدور أمامها بدون إبداء أدنى اعتراض وكأن الأمر لا يهمها إطلاقا”.

وتابع  المقاوم البي جولي أن “هذا الخجل الإسباني، كان تكتيكيا محكما يهدف من ورائه المعمر تجميع عدد من المعطيات كانت بالنسبة له ضرورية منها معرفة عدد المقاومين من أبناء تيرس وحصر عددهم ومعرفة نواياهم وأبعادهم من أجل درء خطرهم، وإقصائهم مستقبلا”.