2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

أثار مشهد من سلسة “كاينة ظروف” الذي اعتلى في اليومين الأخيرين “الطوندوس” المغربي، الكثير من الجدل، خاصة بعدما صُدم المشاهدون من وفاة شخصية “زهور” أخت “ادريس” نتيجة مضاعفات ألمت بها بعد التبرع بإحدى كليتيها لأخيها إدريس الذي كان يعاني من القصور الكلوي وكان على حافة الموت.
سبب الجدل
فبالقدر الذي أثارت السلسة عواطف المغاربة ولامست الكثير من قيم “تامغرابيت” التي باتت مفقودة في الكثير من الأحيان، بالقدر الذي صب فيه المتابعون والأخصائيون جام غضبهم على كاتبة السناريو، بشرى ملك، والتي “قتلت” في كتابتها للسيناريو شخصية “زهور” التي جسدت دورها الممثلة رباب كويد، والتي تبرعت بإحدى كليتها لأخيها إدريس، الذي جسد دوره الممثل كمال حيمود.
وسبب هذا الجدل، هو كون مسلسل “كاينة ظروف، لمخرجهإ إدريس الروخ، التي تحظى بمتابعة واسعة، قد تطرقت لموضوع التبرع بالأعضاء وأعطت صورة مضيئة عن روح التضامن وما قد يترتب عنه من إنقاذ أرواح الناس من خلال التبرع بالأعضاء، وهو ما يتماشى مع الجهود التي تبذلها المنظمات المدنية المهتمة من أجل تشجيع ثقافة التبرع بالأعضاء بالمغرب، إلا أن مشهد الوفاة أفزع متابعي السلسلة وزرع فيهم نوعا من الخوف من عملية التبرع وما قد ينتج عنها.
ورغم ما ذهبت إليه تصريحات الممثلين والسيناريست، بكون الغرض من المشهد هو التحسيس بمخاطر الإهمال الذي تسببت فيه “زهور” لنفسها، بعد إحساسها بارتفاع حرارة جسمها وأعراض جانبية وامتنعت عن زيارة الطبيب رغم إلحاح أخيها، إلى أن تضاعفت حالتها وتوفيت، إلا أن المتابعين والمختصين لم يقتنعوا بذلك.
خيبة ظن ومجانبة للصواب
وفي سياق متصل، قال طبيب كلى، طارق صفلي حسيني، إنه قد “استوقفه العديد من المرضى المصابين بالفشل الكلوي وبعض الزملاء الأطباء للحديث عن آخر تطورات أحداث مسلسل تلفزيوني تبثه القناة الأولى مساء كل يوم طيلة شهر رمضان”.
موردا أنه “يبدو للوهلة الأولى غريبا أن يسترعي انتباهنا مسلسل “كاينة ظروف” وأن يكون موضوع حديثنا داخل المستشفى، لكن الغرابة تزول حين نعلم أن المسلسل يتطرق في جانب منه لموضوع التبرع بالأعضاء وزرع كلية من متبرعة حية لأخيها المصاب بقصور كلوي مزمن”.
وتابع في تدوينة فيسبوكية، “كم خاب ظني وظن من حاورتهم حين اختار الساهرون على المسلسل أن يكون الموت مصير المتبرعة، لقد جانبوا الصواب بهذا الاختيار الدرامي، وضاع بذلك أملنا أن يكون لهذا “العمل الفني” دور تحسيسي إيجابي يساهم في نشر ثقافة التبرع بالأعضاء لذى المغاربة”.
وشدد الطبيب المختص على أن “التبرع بالكلية بين الأقارب الأحياء يتم في احترام تام لشروط صارمة، تضمن أولا وقبل كل شيء سلامة المتبرع الذي يستأنف حياته العادية أياما قليلة بعد التبرع، كما أن نسبة نجاح عملية زرع الكلية لذى المتلقي تفوق 90 بالمائة، والمعطيات الطبية والإحصاءات متوفرة بسهولة إلا لمن فضل التغاضي عنها”.
وتأسف المصدر نفسه “لوضع الإنتاج الإعلامي المغربي الذي ينقل رسائل سلبية مغلوطة ويغفل عن رسائل إيجابية ومبادئ إنسانية مهمة”، معتبرا أن “الإنتاج الإعلامي ليس مجرد ترفيه أو إثارة أو تسلية، بل هو أداة قوية لتشكيل الرأي العام والثقافة الشعبية وتوجيههما نحو الإيجابية والتقدم. لكن هيهات”.
مسؤولية مشتركة بين المخرج والسيناريست
ودعا الطبيب نفسه إلى “الكف عن العبث، إذ يجب حسبه أن “يتحمل المخرج إدريس الروخ والمؤلفة بشرى مالك وغيرهم، مسؤوليتهم في إنتاج محتوى إعلامي يعزز القيم المجتمعية الإيجابية ويساهم في نشر الوعي والتوعية حول قضايا مهمة، مثل التبرع بالأعضاء، ويتعين عليهم توجيه رسائل إيجابية للجمهور وتشجيعه على المشاركة في العمل الخيري وبث روح المواطنة بدل نشر السلبية في عقول المواطنين”.
وخلص المتحدث إلى أن “حسن النية لا تشفع هنا، فالضرر المترتب عن هذا المسلسل واقع لا محالة، وأول المتضررين هم المرضى الذين يأملون في غدٍ أفضل لن يكون ممكنا إن لم تتطور ثقافة التبرع بالأعضاء في بلادنا”.