لماذا وإلى أين ؟

صبــري: اجتهادُ المحكمة البريطانية برفض طلب البوليساريو يُـوازي الإعلان الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء أو يفوق

صبري الحو*

يكتسي قرار محكمة الاستئناف بلندن برفض طلب استئناف تقدمت به منظمات غير حكومية داعمة للبوليساريو “WSC”، يخُصُّ قرارا سابقا للمحكمة الإدارية برفض طلبها الرامي إلى إبطال اتفاق الشراكة الذي يربط المغرب ببريطانيا بتاريخ 30 دجنبر 2020 أهمية قصوى، قضائية وسياسية في نفس الوقت.

هو قرار صادر عن محكمة عليا بريطانيا، وأيد الحكم الإداري برفض طلب الغاء اتفاق الشراكة بين بريطانيا والمغرب، فهو حكم نهائي اكتسب حجية الشيء المقضي به، و فصل في جوهر الدعوى برفض طلبات البوليساريو، ولم يقف عند حدود الشكل، وهو ما يعدم أية مزاعم بالتمثيلية والصفة والمصلحة على السواء.

فهو بذلك اجتهاد قضائي ملزم لكل قضاء الموضوع البريطاني الذي سيتعامل معه على أساس أنه قرينة قطعية يحرم عليها الخوض في طلبات من تفس الموضوع تبعا لمبدأ سبقية البث كمبدأ متأصل القضاء، اقرته كل القوانين المسطرية في كافة التنظيمات القضائية المقارنة الدولية.

كما أن القرار الاستئنافي برفض الطلب، ملزم لكافة المؤسسات البريطانية، بما فيه التنفيذية، تبعا للمكانة الأعلى التي تحتلها السلطة القضائية في بريطانيا، والتي يجب على باقي المؤسسات احترام قراراتها و مطابقة تصرفها وسلوكها واعمالها مع هذا الإجتهاد الذي اصبح قاعدة عامة، واحتراما لمبدأ الشرعية.

و يمتد أثر تنفيذ الحكم والقرار الصادر عن محكمة بريطانيا الى السياسة الخارجية لبريطانيا، لأنه أصبح عنوانا للحقيقة،. ولهذا فان بريطانيا مفروض عليها أن تتعامل مع المغرب باحترام سيادته الكاملة، وأن تبرم معه اتفاقات يسري مجال ونطاق تنفيذها على كل و كامل الإقليم المغربي بما فيه الصحراء المغربية، ولا يؤثر في ذلك كون المنطقة هي او كانت محل النزاع، فالتمييز في الإقليم المغربي غير جائز وغير مقبول.

وهذا الحق في الاحتجاج بالاجتهاد القضائي الذي يكرسه هذا القرار ليس حكرا تستأثر به المؤسسات البريطانية وحيدة، بل إن المغرب يستفيد منه بدوره رغم قاعدة نسبية الأحكام القضائية، التي لا يتأثر بها الا من كان طرفا فيها. فهو مبدأ لا محل له لأن محل دعوى البوليساريو وجه ضد اتفاقية المغرب طرف فيها وتهم اقليمه الجغرافي، وترمي البوليساريو منها تحقيق حاجة والوصول الى غاية هي حرمان المغرب من مزايا صادراته من منتوجات مصدرها صحراؤه.

فالحكم الصادر عن محكمة الاستئناف البريطانية سلاح في يد المغرب، يستعمله في كل واقعة تحاول المس بتصرفات قانونية يجريها المغرب وتطال كافة اقليمه. و في مواجهة أعمال وقرارات الادارة و المؤسسات الحكومية والوزارية البريطانية. فالقرار الصادر يعطي هذه الصفة للمغرب لأن يتصرف بكل حرية ضد كل حركة او تصرف أو سلوك يمس بحقوقه ويتناقض مع الاجتهاد الحالي. وهو في مأمن واطمئنان من النتيجة لصالحه أمام القضاء البريطاني.

ولأن بريطانيا عضو دائم في مجلس الأمن، ومن الدول أصدقاء الصحراء، فهي ملزمة بمراعاة الحكم في مرافعاتها ونقاشاتها ومداولاتها في المحافل و الفضاءات، فالحكم الصادر عن محكمة الاستئناف البريطانية اليوم يوازي بل يفوق موقفا سياسيا بريطانيا يؤيد مبادرة المغرب بالحكم الذاتي على غرار التأييد الاسباني. و هو في نفس مرتبة الاعلان الرئاسي الأمريكي بشرعية سيادة المغرب أو يفوق.

*محامي بمكناس، خبير في القانون الدولي و قضايا الهجرة ونزاع الصحراء.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x