لماذا وإلى أين ؟

”بريكس” ترسمُ معالــمَ نظامٍ عالمي جديد.. شقير: المــغرب مُتريِّــث في الاصطفاف

تنطلق اليوم الثلاثاء، قمة مجموعة بريكس في جوهانسبرغ بجنوب افريقيا، والتي تعكس إحدى تمظهرات الثنائية القطبية الجديدة في موازين النظام العالمي، بين المعسكر الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمركية، ثم معسكر الصين و روسيا اللتان كانتا وراء تأسيس ”بريك”، قبل أن تنضم إليه جنوب افريقيا سنة 2009، ويصير اسم المجموعة ”بريكس”، وهي اختصار للأحرف الأولى لأسماء الدول الخمسة المشكلة للتحالف (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا).

وإذا كان المغرب قد رفض المشاركة في القمة، لأسباب تتعلق بما أسماه مصدر مأذون من وزارة الخارجية المغربية، بـ ”توتر” العلاقة بين المملكة وجنوب افريقيا جراء ”سلوكياتها المعادية بشكل سافر للمصالح العليا للمغرب” وليس لسبب آخر، فإن الرباط في الوقت نفسه تنأى عن الدخول في اصطفاف مع هذا المعسكر أو ذاك، بل تجمعها علاقات وطيدة مع باقي الدول الأربعة في ”بريكس”، كما تربطها في المقابل شراكات وطيدة واستراتيجية مع تيار أمريكا والغرب عموما.

هل سيتحتم على المغرب أن ينحاز إلى هذا الطرف أو ذاك؟ خصوصا وأن العديد من القضايا الدولية الساخنة مثل الحرب في أوكرانيا والامتداد الصيني الروسي في أفريقيا وانقلاب النيجر…، باتت تزيد من حدة التجاذبات قد تصل أحيانا إلى خوض حروب بالوكالة بين المعسكرين، مما يتطلب إبداء موقف، سيرا على منوال المقولة الشهيرة للرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش الإبن مخاطبا حلفاءه: ”من ليس معنا فهو ضدنا”.

تكسير للأحادية القطبية

محمد شقير، الأستاذ المتخصص في الشؤون الافريقية والعلاقات الدولية، شدد على أن قمة ”بريكس” تأتي في سياق تكسير الأحادية القطبية السائدة لسنوات.

وأوضح شقير، ضمن حديثه لجريدة ”آشكاين”، أن هناك قوى صاعدة سواء كانت عظمى (الصين) أو متوسطة ( البرازيل، الهند، جنوب افريقيا…)، كلهم يبحثون عن تموقع جديد داخل النظام العالمي المقبل الذي يُجهل ما إذا كان سيكون ثنائي القطبية أو متعدد الأطراف.

لكن من الواضح، وفق شقير دائما، أن هذا النظام العالمي الجديد، لن يكون أحادي و لا ثنائيا، بل نظاما متعدد الأطراف.

انتظر لترى 

يرى ذات الباحث في العلاقات الدولية، أن المغرب يحاول، بناء على تصوره الدبلوماسي، أن يتعامل مع ”بريكس” بمنطق ” انتظر لترى”، ثم بعدها يتخذ موقفا محددا في هذا الإطار، مبرزا أن موقف الرباط لن يميل لجهة على حساب أخرى، بل سيبنيه حسب الظرفية وحسب المصالح التي يمكن أن يجنيها.

وقال شقير إن المغرب، ودون الانضمام إلى ”بريكس”، في علاقة استراتيجية مع الأقطاب الرئيسية المكونة للمجموعة، كالصين وروسيا والهند، التي تجمعها علاقات اقتصادية قوية مع المغرب.

وأبرز أن المملكة لا تحتاج للانضمام إلى بريكس في وقت أسرع، فإلى جانب علاقاته المهمة مع المكونات الرئيسية للمجموعة الاقتصادية، فهو في مساع لتوسيع دائرة شركائه.

هل مواقف المغرب ضبابية؟

وحول سؤال عما إذا كانت مواقف المغرب هاته تتسم بنوع من ”الضبابية”، أجاب شقير أن الوضع هو من يتسم بالضبابية وليس المواقف المعبر عنها من قبل المملكة.

وأكد أن السياق الدولي يشهد عدة متغيرات، حيث لم تتضح بعد تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية وما ستسفر عنه، إضافة إلى ما يجري في افريقيا من صراعات ما بين الدول، كل ذلك يعكس مخاض نظام عالمي مقبل.

وأوضح قائلا: ”من اللازم ألا يكون هناك تسرع في الاصطفاف أو انضمام متسرع”، كما تفعل الجارة الجزائر”، مشددا على أن الوضع ”لا يتطلب ردود أفعال، بل سياسة مرتكزة على أسس تأخذ بعين الاعتبار المصالح الحيوية والاستراتيجية للمغرب وتراقب الوضع الدولي قصد بناء موقف محدد”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x