لماذا وإلى أين ؟

التنمية في الصحراء المغربية.. الوجه الأخر

العلام الفيلالي

دشن المغرب منذ إسترجاع الأقاليم الجنوبية للمملكة إلى حضن الوطن دينامية تنموية شاملة المجالات ومتعددة التدخلات في جميع القطاعات توجت بتنزيل الفعلي للنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، والذي أعطى إنطلاقته الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء توخى من خلاله إحداث نهضة تنموية تكمل مسيرة التحديث بمنطقة الصحراء المغربية، كرد حازم على المشككين وقرار حاسم لجلب المستثمرين في أفق منح هذه المنطقة حكما ذاتيا ضامنا للسيادة وتطورا إقتصاديا كقاطرة للريادة، وهو الطموح الملكي المنشود في القضية الوطنية الأولى، لكن نحن دائما لا نرى في وسائل الإعلام وتصريحات الأعيان والشيوخ ومنتخبين بالمنطقة إلا ماهو ظاهر للعيان وشاخص للمشاهدين سيان،فيا ترى ماهو الوجه الأخر للتنمية للصحراء المغربية في ظل العناية الملكية والميزانيات الضخمة المخصصة للمنطقة سنويا؟

إن الجواب عن هذا السؤال يستلزم الغوض في تفاصيل المشهد بالصحراء،حيث يلتقي السياسي بالإقتصادي والإجتماعي فيرسم صورة قاتمة تحاول النخب المستفيدة من الإمتيازات والعائلات المتحكمة في دواليب الخيرات تغطيها بديثار المنجزات المحققة والقبلية المقيتة، وتغض الطرف عن التحديات القادمة وتتناسى الإكراهات المسجلة، فمن أمعن في بنية المجتمع بالصحراء المغربية يستشف سيادة فئتين، أولها النخبة التي تتشكل من الأسر والشخصيات النافذة وأصحاب الريع والإمتيازات، وثانيها الأغلبية وتتجلى الساكنة المغلوب على أمرها،سياسة التهميش هاته إنعكست حتى على ساكنة الإقليم الأصلية والتي مافتئت الخطب الملكية تؤكد على مركزيتها في عملية التنمية و دورها في مسار التسوية، لكن أين هي من كل هذا اليوم؟ هذا الجزء الأول من الوجه الأخر للتنمية في الصحراء التي تعرف اليوم بشهادة تقارير رسمية أعلى معدلات البطالة في المغرب، مما يدفع بشبابها للإرتماء في أحضان المخدرات مهربين ومستهلكين، وركوب أمواج البحر مرغمين ومغامرين تاركين ورائهم وطنا تتحكم فيه أقلية إختارت تنمية الحجر وأجهزت على مكاسب تنمية البشر ،فنحن لا ننكر دور الإستثمار في البنية التحية لكن ليس على حساب العنصر البشري الذي تزخر به الصحراء المغربية، إلى ذلك تكمل الصحة في الأقاليم الجنوبية.

الجزء الثالث من الوجه الأخر للتنمية فلا يخفى على الجميع الندرة في الكوادر الطبية والنقص في التجهيزات الصحية،مما يؤدي بالكثير من الساكنة إلى تجشم عناء المسافات من أجل إستجداء العلاجات أمام غلاء المصحات الخاصة وضعف في التخصصات. ولأن الوجه الأخر للتنمية بصحراء المغربية لا يمكن أن يكتمل دون الحديث عن قطاع التعليم لاسيما العالي، فقد شكل إحداث جامعة متكملة التخصصات والمؤسسات مطلبا ملحا في كل الأوقات من طرف الفئات المثقفة والمفكرة ومن عموم المجتمع، لكن المجهودات في هذا الجانب لازالت دون المستوى حيث ترتكز على بناء مؤسسات مترامية بين المدن والبلدات، يضطر معها الطلبة والطالبات إلى تحمل أعباء السكن والبعد عن حضن العائلات التي تثقل كاهلها هذه المصاريف، حيث يطرح أكثر من سؤال حول الإنصاف في توزيع المؤسسات الجامعية على المستوى الجهوي.

هذه بإختصار مختلف الأجزاء التي تشكل الوجه الأخر للتنمية في الصحراء المغربية، وما يزيده قتامة هو ضعف أليات المراقبة في ظل تعدد الهيئات وتنوع الأجهزة التي توكل لها مهام التدقيق ومراقبة التسيير، والسؤال الذي يطرح نفسه هل ستبقى الصحراء المغربية بعيدة عن صرامة المراقبة والتدقيق ورهينة تدبير الأقلية للشأن المحلي غير مترافعة أو أبهة بإحتياجات المنطقة بداعي خصوصية المنطقة على ضوء التطبيق المستقبلي لمخطط الحكم الذاتي ؟

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x