2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

في تطور جديد للأزمة الدبلوماسية المالية الجزائرية، أعلنت الحكومة المالية رسميا عن انسحابها من اتفاقية السلام والمصالحة التي ترعاها الجزائر لعام 2015 وذلك بعدما أعلنت مالي في بيان سابق عن رفضها للأعمال العدائية الجزائرية تجاه مالي، المتمثلة في التدخل في شؤونها الداخلية، وهو ما اعتبرته الجزائر “أمر خطيرا”.
وبررت الحكومة المالية خطوتها بما وصفته، في بيانها تخت الرقم 065 تتوفر عليه “آشكاين”، بـ”تحول بعض الحركات الموقعة على الاتفاق إلى أذرع إرهابية-جهادية، وفشل الوساطات رغم الشكاوى العديدة التي عبرت عنها مالي، إضافة للمواقف العدائية لِلجزائر الراعي الرسمي للإتفاق”.
انسحاب مالي من الاتفاق
وقالت الحكومة المالية الانتقالية، في بيانها الجديد، إنه “في إطار تنفيذ اتفاق السلام والمصالحة في مالي الناتج عن عملية الجزائر، الموقع عام 2015، فهي تشاطر الرأي العام الوطني والدولي، حقائق خطيرة، تتجلى في التغير في وضع بعض الجماعات الموقعة على اتفاق السلام والمصالحة في مالي الناتج عن عملية الجزائر، حيث أصبحت جهات فاعلة إرهابية ويلاحقها النظام القضائي المالي، بعد أن ارتكبت أعمالا إرهابية وأعلنت مسؤوليتها عنها.
ومن بين دوافع القرار توقل الحكومة المالي هو “عدم قدرة الوساطة الدولية على ضمان الامتثال للالتزامات الملقاة على عاتق الجماعات المسلحة الموقعة، رغم الشكاوى التي تقدمت بها الحكومة الانتقالية، عبر رسالة وزير المصالحة والسلام والتماسك الوطني المسؤول عن اتفاق السلام والمصالحة الوطنية مؤرخة في 24 فبراير 2023 موجهة إلى سلطات الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية رائدة الوساطة الدولية”.
وشدت على أنها اتخذت هذا القرار بسبب ما وصفته بـ”الأعمال العدائية واستغلال الاتفاق من قبل السلطات الجزائرية التي تتولى بلادها قيادة الوساطة، كما ورد في البيان رقم 064 المؤرخ في 25 يناير 2024 للحكومة الانتقالية”.
وأضافت أنه “في ضوء هذه الحقائق الخطيرة بما فيه الكفاية المذكورة أعلاه، تلاحظ الحكومة الانتقالية عدم قابلية التطبيق المطلق لاتفاق السلام والمصالحة في مالي الناتج عن عملية الجزائر، الموقع في عام 2015، وبالتالي تعلن انتهاءه بأثر فوري”، مؤكدة على “رغبتها في العمل على التسوية السلمية للأزمة المالية، من خلال استخلاص الدروس من الاتفاقيات السابقة وتعزيز إنجازاتها”.
ودعت الحكومة المالية “جميع المجموعات الأخرى الموقعة على اتفاق السلام الذي عفا عليه الزمن، وغير المنخرطة في الإرهاب، وكذلك شركاء مالي إلى الاشتراك في روح الحوار المالي المباشر المفتوح لجميع مواطنينا المحبين للسلام، الذي أعلن عنه فخامته العقيد عاصمي غويتا، رئيس الفترة الانتقالية، رئيس الدولة، 31 ديسمبر 2023″، داعية “الماليين إلى تعزيز التماسك الوطني وتعزيز الحوار والسلام”.
الجزائر تهدد بـ”الحل العسكري”
لم تمض سوى ساعات على قرار مالي بالانسحاب من الاتفاق، حتى خرجت الجزائر عن صمتها عبر بيان لوزارة خارجيتها، والذي اعتبرت فيه أن هذا القرار يتسم بـ”الخطورة”، مشيرة إلى أن “الجزائر أخذت علما، ببالغ الأسف والقلق العميق، بانسحاب السلطات المالية باتفاق السلام والمصالحة في مالي، المنبثق عن عملية الجزائر”.
واعتبرت الجزائر، في بيان خارجيتها، اطلعت عليه “آشكاين”، له “خطورته الخاصة بالنسبة لمالي نفسها، وللمنطقة برمتها التي تتطلع إلى السلام والأمن، وللمجتمع الدولي برمته الذي وضع كل ثقله ووسائله المتعددة لمساعدة مالي على العودة إلى الاستقرار من خلال المصالحة الوطنية”.
ولفتت الجزائر الانتباه إلى أنه “لم يغب عن ذهن أحد أن السلطات المالية كانت تعد هذا القرار منذ فترة طويلة، وكانت العلامات التحذيرية على مدى عامين هي انسحابهم شبه الكامل من تنفيذ الاتفاق، ورفضهم شبه المنهجي لأي مبادرة تهدف إلى إعادة إطلاق تنفيذ هذا الاتفاق، واعتراضهم على نزاهة الوساطة الدولية، وتعيينهم للموقعين على الاتفاق. ، اعترفوا على النحو الواجب، كقادة إرهابيين، بطلبهم الانسحاب من بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما)، والتكثيف الأخير لبرامج الأسلحة التي تمولها دول ثالثة ولجوئهم إلى المرتزقة الدوليين”.
ولوحت الجزائر بالحل العسكري للأمة المالية، حيث قالت الخارجية الجزائرية، إن “كل هذه التدابير التي تم تنفيذها بشكل منهجي مهدت بعناية الطريق للتخلي عن الخيار السياسي لصالح الخيار العسكري كوسيلة لحل الأزمة المالية”.
ومضت الجزائر في تهديدها لمالي بالخيار العسكري، موجهة كلامها للماليين بالقول إنه “يجب أن يعلم الشعب المالي الشقيق أن مثل هذه القرارات المؤسفة وغير المرحب بها أثبتت في الماضي أن الخيار العسكري هو التهديد الأول لوحدة مالي وسلامة أراضيها، وأنه يحمل في طياته بذور حرب أهلية في مالي، وأنه ويؤخر المصالحة الوطنية بدلا من تقريبها، ويشكل في نهاية المطاف مصدر تهديد حقيقي للسلام والاستقرار الإقليميين”.
وخلصت الجزائر إلى أن “مالي لا تزال بحاجة إلى السلام والمصالحة. فهو لا يحتاج إلى حلول لم تجلب له في الماضي سوى الحسرة والدمار والخراب”، منبهة إلى أن “تكرار أخطاء الماضي هذه يؤدي بلا مبرر إلى إطالة أمد المأساة والمصائب بالنسبة لمالي وللشعب المالي الشقيق”، وفق تعبير البيان.
يأتي انسحاب مالي من هذا الاتفاق، بعدما أصدرت بلاغا تنديديا سابقا بما وصفته بـ”التدخل الجزائري في الشؤون الداخلية لمالي، من خلال استقبال عناصر إرهابية ومحمومين لدى القضاء المالي”.
شرارة الأزمة
يشار إلى أن دولة مالي انتفضت في وجه جمهورية الجزائر؛ بعدما استقبل رئيسها عبد المجيد تبون، وفدا من حركة الأزواد (شمال مالي) التي دخلت في حرب مع الجيش المالي المدعوم بمليشيات “فاغنر” الروسية”، معتبرة أن الجزائر تقوم بأعمال “غير ودية” ضد مالي.
واستدعى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المالي، أمس الأربعاء، سفير الجزائر لدى مالي، ليحتج عليه بخطاب “شديد اللهجة من حكومة جمهورية مالي، إثر الأعمال غير الودية الأخيرة التي ارتكبتها السلطات الجزائرية تحت غطاء عملية السلام في مالي”، في إشارة إلى استقبال تبون لوفد من الأزواد.
وأكد الوزير المالي أن “اللقاءات المتكررة، على أعلى المستويات في الجزائر، ودون أدنى معلومات أو تدخل من السلطات المالية، مع جهة وأشخاص معروفين بعدائهم للحكومة المالية، واختيار بعض الحركات الموقعة على اتفاق السلام والمصالحة في مالي من شأنه أن يلوث العلاقات الطيبة بين البلدين”.
وترى مالي أن ما أقدمت عليه الجزائر يشكل “تدخلا في الشؤون الداخلية”، داعية الجانب الجزائري إلى “تفضيل مسار التشاور مع السلطات المالية، باعتبارها السلطات الشرعية الوحيدة للحفاظ على التبادلات بين دولة ودولة مع شركاء مالي”، مشددة في السياق ذاته على أنه يجب على الجزائر أن “تتحمل كامل مسؤوليتها كدولة ذات سيادة”.
سبب خفي للأزمة
وسبق لتقارير إعلامية أن كشفت عن أسباب خفية للأزمة المالية الجزائرية، والمتمثلة في وضع الجزائر لـ”خطة سرية” لإقامة منطقة عازلة بطول 100 كلم شمال مالي غير أن باماكو ترفضها بشدة”.
وأوضح التقرير المذكور أنه “منذ صيف 2023، وضعت السلطات الجزائرية خطة سرية تهدف إلى ضمان الأمن للجزائر وحماية سلامتها الإقليمية من تداعيات القتال بين مختلف الجماعات المسلحة والقوات العسكرية المالية”.
وتتمثل هذه الخطة، وفق مصادر تحدثت لـ”موقع أنتلجنس” لم يسمها، في “إنشاء منطقة عازلة تمتد على طول حوالي 100 كلم على الحدود الجزائرية مع شمال مالي يبلغ طولها أكثر من 1300 كلم، حيث تفترض الخطة أن تقع هذه المنطقة العازلة في شمال مالي وأن تكون سلمية بالكامل، وهذا يعني استبعاد وجود أي قوة مسلحة مهما كان وضعها الشكلي أو المؤسسي”.
دولة ضالعة في العداء لكل جيرانها ولم تسلم منها لا تونس ولا ليبيا ولا المغرب، وهاهي توزع عدائها على دول الجنوب، مما يتير تساؤلات حول الاجندات التي تخدمها الجزائر و الجهات التي توظفها في هذا الاتجاه بالضبط.
الكابرانات سعروا
كيف يوجهون لدولة مستقلة وذات سيادة مثل هذا الخطاب الذي ذكرني برد الفعل الفرنسي في النيجر