2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

أمرت محكمة العدل الدولية في قرارها الصادر يوم الجمعة الماضي حول القضية التي تقدمت بها جنوب أفريقيا بخصوص احتمال ارتكاب إسرائيل لجرائم ترقى للإبادة الجماعية بغزة، بضرورة اتخاذ إسرائيل إجراءات وتدابير لمنع ارتكاب قواتها إبادة جماعية في قطاع غزة، ولمنع التحريض المباشر عليها، حيث رفضت -في حكمها الصادر اليوم الجمعة- الطلب الإسرائيلي برفض الدعوى التي أقامتها جنوب أفريقيا.
وبموجب القرار أيضا يتعين على إسرائيل أن ترفع تقريرا إلى ذات المحكمة في غضون شهر واحد من صدور القرار تُدرج فيه كل التدابير المؤقتة المتُخذة لمنع ارتكاب الانتهاكات سالفة الذكر، وبإجراء تحقيق فوري للتأكد من عدم قيام جيشها بذلك.
وعكس قضية دعوى الإبادة بغزة، أمرت محكمة العدل الدولية روسيا في قرار مشابه ، بتعليق عملياتها العسكرية في أوكرانيا على الفور، وذلك في قرار أولي في قضية رفعتها كييف، بعد أقل من شهر من بداية الحرب.
وقال القضاة في أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة “يجب على روسيا الاتحادية أن تعلق فورا العمليات العسكرية التي بدأتها في 24 من فبراير 2022 على أراضي أوكرانيا”.
وقالت القاضية جوان دونوهيو “المحكمة تدرك جيدًا حجم المأساة الإنسانية” في أوكرانيا و”تشعر بقلق عميق إزاء استخدام القوة الروسية الذي يثير مشاكل خطيرة جدًا في القانون الدولي”.
وأيد القرار 13 قاضيا مقابل اثنين، وعلى الرغم من أن قرارات المحكمة ملزمة فإنها لا تملك وسيلة مباشرة لتنفيذها، وقد تجاهلتها دول في الماضي في حالات نادرة.
فهل خدمت دعوى جنوب أفريقيا إسرائيل أم أحرجتها وجرجرتها وأظهرت حقيقتها للعالم؟
قرار محكمة العدل لا يعطي تكييفا قانونيا لجوهر القضية
اعتبر أستاذ القانون الدولي حميد بلغيت، أن “قرار محكمة العدل الدولية لا يعطي صورة حول التكييف القانوني لجوهر القضية، لأن القرار لم يؤكد وجود الجرائم من عدمها، واتخذ إجراءات احترازية تمنع من تفاقم الأوضاع سوء، عندما تبين للمحكمة أن موضوع القضية معقول وادعاءاته متماسكة”.
وفي مقارنة قرار محكمة العدل الدولية مع القرار الذي سبق وأصدرته ذات الهيئة القضائية الدولية في حالة الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا على أراضي هذه الأخيرة، يرى الدكتور بلغيت، أن “عدم إصدار قرار بالوقف الفوري لإطلاق النار كما في حالة روسيا، مرده تجنب المحكمة في الخوض في الطبيعة القانونية للحرب، لأن المطالبة بوقف الحرب في قطاع غزة، يعني اقتناع المحكمة بأن عمليات إسرائيل العسكرية ترقى لـ “عدوان”، وكي لا تعتبرها عدوانا وفي نفس الوقت لا تعتبرها دفاعا عن النفس، فضلت عدم الدخول من الأساس في الخوض للطبيعة القانونية للحرب”.
وفي هذا السياق أضاف أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس، أن “هناك معطيات واقعية قانونية وليست بالضرورة سياسية هي التي جعلت من المحكمة ألا تخوض في هذا النقاش حاليا، لأنه سيلزمها الكثير من الوقت حتى تُقر بشأنه نتيجة عدم وجود توافق بين أعضاءها حياله، ما سيترتب عنه هدر الوقت، في حين سكان القطاع يحتاجون لقرار عاجل لا يحتمل المزيد من التأخر لحمايتهم”.
إسرائيل خاسرة بمجرد مثولها أمام المحكمة
يقول بلغيت في تصريح خص به جريدة “آشكاين” الإخبارية، إن “إسرائيل خاسرة ومُتضررة بمجرد رفع الدعوى، ولا يوجد نقاش حول مدى خسارتها من عدمه لأنه محسوم كليا، ولا يمكن أبدا اعتبارها مستفيدة أو أن نص القرار في صالحها، وإنما النقاش المُثار هو حول حدة خسارتها ودرجاتها، لأن مسألة نقل إسرائيل من موقع الجلاد لموقع الضحية لأول مرة في التاريخ، تُشكل ضررا معنويا كبيرا لإسرائيل، وستكون له ترتيبات أخرى في حالة اعتبار الحرب لا تدخل في مجال الدفاع عن النفس، إذ يمكن للفلسطينيين الاستناد عليه في العديد من القضايا لترتيب مسؤولية دولية (إعادة الإعمار، الحق في العودة، الإخلاء القسري..)، والاهم انه الان كشف وضع إقليم غزة”.
أوامر محكمة العدل الدولية مُلزمة لإسرائيل
أكد المُختص في القانون الدولي، أن “كل أوامر محكمة العدل الدولية مُلزمة للأطراف، والإشكال في هذا الموضوع ليس حول الإلزامية، وإنما في الجهة الموكول لها تنفيذه والسهر على تطبيقه، وهنا تفرض الاتفاقية المؤسسة لمحكمة العدل الدولية بأن الأوامر تُحال على مجلس الأمن بصفته الهيئة التنفيذية لقراراتها، وفي هذه الحالة يكون مجال المناورة للدول الأعضاء في ذات المجلس ضيق ومحصور جدا، إذ من الصعب اللجوء لحق “الفيتو” للاعتراض على قرار صادر عن هيئة قضائية دولية ومُصاغ مسبقا، عكس سهولة اللجوء إليه حينما يتعلق الامر بقرار مُعد من دولة ما.”
وفي مسألة الانضباط والالزامية بهذه الأوامر، أضاف الأستاذ بلغيت أن “عدم امتثال اسرائيل للأوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية، يعني تأكيد الادعاءات الموجهة ضد إسرائيل، والحال أن هذه الأخيرة دائما ما تقدم نفسها دولة ديمقراطية وتمتثل للقانون الدولي وليس من عاداتها ترك فجوات في هذا الجانب”.
لكي تصدر المحكمة الدولية قرارا يدين إسرائيل، أدى ا الفلسطنيون تمن الحكم من جلودهم بتقديم أكتر من 25 الف شهيد مند7 اكتبوبر فقط، وقدمو أعز ما لديهم
من ابنائهم وابائهم وبناتهم، وتلك شهادة على أن ارادة الشعوب لا تقهر.