2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

جرت الكثير من المياه تحت جسر العلاقات الدبلوماسية المالية الجزائرية، حيث تطورت الأزمة بين الجانبين إلى مستويات أبعد، بسبب “التدخل الجزائري في الشؤون الداخلية لدولة مالي”، ما دفعها للانسحاب من اتفاقية السلام والمصالحة لعام 2015 التي ترعاها الجزائر.
هذا الانسحاب المالي وصفته الجزائر بأنه يتسم بـ”الخطورة” وعمدت إلى تهديد مالي بـ”الحل العسكري”، وهو ما رد عليه المجلس الوطني الانتقالي في مالي بالتصعيد من خلال عقد “جلسة داخل الإتحاد الإفريقي للإستماع للحركة التي تطالب باستقلال إقليم القبائل عن الجزائر”.
التطورات المذكورة تدفع للتساؤل عن مآلات هذه الأزمة؟ وما هي انعكاساتها على دول المنطقة ومن بينها المملكة المغربية؟
وفي هذا الصدد، أوضح أستاذ العالقات الدولية والشؤون الأمنية وتسوية النزاعات، عصام لعروسي، أن “الأزمة الدبلوماسية المالية الجزائرية سيستفيد منها المغرب بالأساس، لأن المسألة تتعلق بتعارض الاستراتيجيات”.

وأكد لعروسي، في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “الاستراتيجية الجزائرية تؤمن باليد الطولى في إفريقيا، وفرض سياسة الأمر الواقع على مجموعة من الدول الإفريقية، وفي بعض الأحيان شراء الذمم لبعض الدول الإفريقية واستعمال المال مقابل تغيير مواقفها من قضية الصحراء، وهذه استراتيجية نهجتها الجزائر لفترة طويلة وأفلست إفلاسا تاما مع إفلاس هذا المشروع الجزائري في إفريقيا”.
ويرى لعروسي أن “الاعتماد على معاداة المغرب بشكل تام، واعتباره الركيزة الأساسية لسياسة الخارجية الجزائرية، قد أفضى إلى تداعيات سيئة حتى على مستوى لعب الجزائر دور الوساطة وحل الأزمات، فلا يمكن أن نعتبر الجزائر وسيطا نزيها في العديد من الملفات”.
وأضاف أن “الجميع رأى هذه القفزة الأخيرة للرئيس الجزائري واستضافته للرئيس السوداني عبدالفتاح البرهان، على اعتبار أنه يقوم بدور الوساطة، في حين أن هناك تحيزا تاما للفريق البرهان على حساب قوات الدعم بقيادة حميتي”.
وأردف أن “الجزائر فقدت الكثير من صفات الوسيط النزيه وأفلست في العديد من الملفات، خاصة أنها تقوم بدور الوكيل أو التلميذ النجيب لفرنسا من خلال الدفع عن هذا الطرح، أي الطرح الفرنسي مقابل طرح النخبة المالية التي ترفض الوجود الفرنسي”.
في المقابل، يضيف المتحدث “يتقيد المغرب دبلوماسيا بأداء دبلوماسي مستقر واعتماده كليا على المجهودات الدبلوماسية التي بذلت في السنوات الأخيرة، والتي كان الهدف منها انتعاش العلاقات الإفريقية، والتدخل بما يخدم مصالح القارة الإفريقية، وليس الاصطفاف مع فرنسا التي أفلست وفشلت وأصبح وجودها الجيو-سياسي مهددا بوجود فواعل إقليمية أخرى تنشط في القارة”.
وخلص إلى أن “هذا المشروع الجزائري من خلال الشراكات الأمنية العسكرية وتبني، في الكثير من الأحيان، محاربة الإرهاب، أصبح مشروعا فاشلا وانتهت صلاحيته، ما يعني أن المغرب يستفيد بشكل كبير من هذه السقطات للدبلوماسية الجزائرية، ومن هذه الأزمة المالية الجزائرية، من خلال تعزيز نفوذه في المنطقة والتركيز على مبادئ السياسة الخارجية المغربية القائمة على أسس التعايش والحوار وتقديم يد المساعدة للدول الإفريقية، من خلال مبادرات هادفة وبناءة، وليس مجرد التدخل الهدام كما تقوم به الجزائر من خلال التدخل المباشر وغير المباشر عن طريق الجماعات الإسلامية المسلحة”.
الجزائر تحاول ان تلعب دورا مغايرا لما كانت عليه في السبعينات بإيعاز من فرنسا بعد
ا ن بدات روسيا تتجنبها تدريجيا لميولها الى لعب ادوار انتهازية كدركي يعرض خداماته على الصديق الفرنسي والذي اصبح يبدو منزعجا من طموحات المغرب في إفريقيا، وبالتقاء رغبة الطرفين تحاول الجزائر تطمين فرنسا بقدرتها على لعب ادوار قدرة لصالح فرنسا مقابل دعم نظام الكبرانات في البقاء في السلطة، وتعزيز مواقفهم من القضايا الاقليمية وعلى راسها قضية الصحراء، وهذا ما يفسر تردد فرنسا في إعلان موقف صريح يدعم مغربية الصحراء.