لماذا وإلى أين ؟

شقير يكشف الرسائل الضمنية في وثيقة العدل والإحسان السياسية

أعلنت جماعة العدل والإحسان الإسلامية، في ندوة صحفية يوم الثلاثاء 6 فبراير 2024، عن وثيقة رسمية سمتها بـ “الوثيقة السياسية”، تتضمن نظرة الجماعة لكل القضايا السياسية والدستورية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وكل المجالات.

والملاحظ في ذات الوثيقة هو خلو أغلب فقراتها ومحاورها من المصطلحات المُنتمية للقاموس الإسلام السياسي، وتعويضها بمصطلحات دستورية قانونية صرفة، أسس لها في الاصل الفكر الليبرالي في القرن 19 في الدول الغربية.

وفيما يخض الجانب السياسي والدستوري، ركزت الجماعة في وثيقتها السياسية على بناء دولة عصرية عادلة مدنية بعيدة كل البعد عن طبيعة الدول الثيوقراطية (الدينية)، والعسكرية والبوليسية، منتصرة فيها للنظام البرلماني الديمقراطي القائم على الفصل بين السلط وتعاونها (فصل مرن)، وذلك بمنح السلطة التشريعية كاملة ودون نقصان للبرلمان المُنتخب من طرف الأمة، ومنح كل السلطة التنفيذية ومجالاتها بما فيها الأمن والخارجية والمجال العسكري لمؤسسة الحكومة، المُنبثقة عن البرلمان,

القطيعة مع أفكار الشيخ ياسين

المحلل السياسي محمد شقير، يرى أن “توقيت إصدار الوثيقة يأتي في ظرفية سياسية تتميز بمتغيرات أهمها تراجع اليسار خاصة الاتحاد الاشتراكي، وفي ظل هيمنة الائتلاف الحكومي على المشهد السياسي المغربي، ما نتج عنه عدم التوازن داخل الحقل السياسي المغربي”.

واعتبر أستاذ العلوم السياسية في تضمين الوثيقة المذكورة، مصطلحات تنتمي للحقل القانوني والدستوري دون صيغة دينية، “رغبة لدى العدل والإحسان في التموقع داخل المشهد السياسي، من خلال القطع مع مخلفات مرحلة سابقة كانت تتركز فيها على الطابع الديني أثناء قيادة الشيخ الراحل ياسين مؤسس الجماعة”، مضيفا أن الجماعة “قطعت مع المرحلة السابقة بخطوة أولى تمثلت في تشكيل الدائرة السياسية، تليها الخطوة الحاسمة الحالية المتمثلة في وضع وثيقة سياسية لتنظيم سياسي أكبر مما هو إطار لجماعة دينية إسلامية”.

رسالة إلى صناع القرار 

أشار شقير بأن وثيقة العدل والإحسان الجديدة، “تضم مشروعا سياسيا متكاملا ومتماسكا وجد متطور من ناحية الصياغة، يقوم على عدة مبادئ ونقط تهم النظام السياسي والمطالب السياسية، وقد قاربت كذلك شعار الدولة الإجتماعية المرفوع حاليا من طرف النظام، بإشارتها في إحدى فصول الوثيقة لتطبيق مجتمع الدولة بدل دولة المجتمع، إي خدمة الدولة للمجتمع بدل أن يكون المجتمع تابعا لتصورات الدولة”.

وأكد المحلل السياسي شقير، وفي هذا الإطار أن “ابتعاد الجماعة عن الدولة الثيوقراطية والبوليسية لأول مرة، هو رسالة قوية علنية غير مشفرة للنظام السياسي أساسا، مفادها أن العدل والإحسان أصبحت منذ إعلان الوثيقة، حزبا سياسيا ببرنامج سياسي محض يحاول تطبيقه وفق أعراف التدافع السياسي داخل الأنظمة الديمقراطية”.

تبديد مخاوف اليسار الراديكالي

يرى الخبير السياسي محمد شقير أن وثيقة العدل والإحسان الجديدة، تحمل رسالة كذلك لتنظيمات اليسار الراديكالي في المغرب خاصة للنهج الديمقراطي وفدرالية اليسار والاشتراكي الموحد.

واعتبر شقير، أن “الجماعة كانت ملتزمة بحضور دائم لرموز اليسار الراديكالي في ندواتها وأنشطتها، وكان يعاب عليها آنذاك عدم وضوح برنامجها السياسي وطبيعة النظام والدولة التي تريدها، بالتالي الوثيقة السياسية الآن، تعتبر رسالة أخرى مفادها أن الجماعة تجاوزت بلا رجعة أمر الغموض السياسي، وهي كذلك دعوة لتعزيز التنسيق والتحالف مع اليسار الراديكالي باعتباره حليفا استراتيجيا لها في العمل الجماهيري الميداني للرد على مبادرات صناع القرار”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
Dghoghi
المعلق(ة)
9 فبراير 2024 09:47

مكاين لا عدل ولا إحسان.. مند فجر الاستقلال ونحن نعاني من هؤلاء المتشددين دوي الثقافة المتزمة لا علاقة لهم بالمنجز التقني والمعرفي والعلمي، والتقدم العلمي والتكنولوجي الجاري ممد عقود،اي ظاهرة موضوعية كونية شاملة لا يمكن ردها وابطالها برغبة دينية وداتية… هؤلاء الظلاميين يرفضون الثقافة التعددية وهم المسؤولين عن ظواهر التطرف والعنف وشيوع الاصولية…

عالم من التسويف و المراوغة
المعلق(ة)
8 فبراير 2024 22:45

خارج التاريخ في الماضي و في الحاضر

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x