لماذا وإلى أين ؟

الملكية لم تكن يوما معيقة للتقدم

دار نقاش في الآونة الأخيرة حول الملكية بالمغرب ، وبالخصوص حول ما قيل بأنها معيقة للتقدم . فالملكية لم تكن يوما معيقة للتقدم و التطور، و القول بخلاف ذلك يدخل في باب الجهل المركب ، وذلك للأسباب التي سنبسطها فيما يلي :

1- إن المشروعية التاريخية و الدينية للمؤسسة الملكية في المغرب ساهمتا في تحقيق الوحدة الوطنية و درء الانقسامات و الاختلافات الأيديولوجية و الثقافية داخل المجتمع ، وشكلتا حصنا واقيا ضد التيارات الدينية والسياسية المتطرفة ، وكذا النزعات القبلية . فلولا الملكية ، المتجذرة في التاريخ ، لانقسم المجتمع إلى فئات و قبائل تتطاحن في ما بينها حول السلطة و من هو جدير بالحكم ، بعيدا عن الآليات الديموقراطية . بالإضافة إلى ذلك ، فإن التجارب السياسية أبانت عن عدم قدرة الأحزاب على التداول على السلطة بشكل ديموقراطي بدون غطاء ملكي ، وهي ميزة أساسية ساهمت في قوة نظامنا السياسي . علما أن الملك لا حزب له و لا تيار سياسي يميل إليه ، فهو فوق جميع الأحزاب و فوق كل المعادلات الانتخابية.

2- إن النظام الملكي المغربي لعب منذ قرون دور الضامن لأمن و استقرار البلاد ، بل ساهم في تقدمها بفضل مسلسل الإصلاحات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و بالخصوص في عهد جلالة الملك محمد السادس . كما أن المغرب عرف كيف يتلاءم مع الأحداث ت التي التي شهدها العالم العربي في ضل ما سمي بالربيع العربي ، وذلك من خلال صدور دستور جديد سنة 2011 متميزا عن الدساتير السابقة التي كانت مجرد مراجعات لأول دستور عرفته بلادنا سنة 1962 ، حيث أن الملكية كانت لها الجرأة للتنازل عن مجموعة من صلاحياتها الدستورية لفائدة الحكومة و البرلمان ، للمضي قدما في مسلسل ديمقراطي يحترم الإرادة الشعبية ، و للتأكيد أيضا على أن الملكية بالمغرب منفتحة و مسايرة للتطور.

3 – إن المغرب ، بفضل ملكيته ، يشكل النموذج الأمثل بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجال الإصلاحات و تكريس مبادئ حقوق الانسان ، على خلاف ملكيات أخرى ضلت منغلقة على ذاتها ، سواء من خلال أنسنة التشريعات أو إحداث المؤسسات الكفيلة بحماية الحقوق و الحريات أو المصادقة على مجموعة من الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن ، فضلا عن إحداث هيئة الإنصاف و المصالحة ، وهي تجربة فريدة من نوعها في العالم العربي ، ينبغي استلهامها.

4 – الملكية بالمغرب تساهم بشكل كبير في التنمية و التقدم ، خاصة و أن الملك يباشر شخصيا بصفته رئيسا للدولة العديد من أوراش الإصلاحات الكبرى في مختلف الميادين و يسهر على تتبع تنفيذها بكل حزم و في إطار تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. فكثير من الأفكار و المبادرات التي كان لها وقع إيجابي على التنمية و التطور ببلادنا ، كانت إما مبادرات أو توجيهات ملكية ، نذكر على سبيل المثال : المفهوم الجديد للسلطة ، التضامن الاجتماعي ، المبادرة الوطنية للتمية البشرية ، الانصاف و المصالحة ، الرأسمال اللامادي ، النموذج التنموي ، المقاولة المواطنة ، السجل الاجتماعي الموحد …
وعلى هذا الأساس ، فالملكية بالمغرب ، و التي عليها إجماع وطني ، لا يكمن إلا أن تكون ضامنة للوحدة و الاستقرار و رافعة للتقدم و التطور ببلادنا .

*مدير مركز الرباط للدراسات السياسية و الاستراتيجية

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها حصرا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x