2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

شهدت مناطق الحدود الموريتانية المالية المشتركة، يوم الأحد 7 أبريل 2024، مواجهات مسلحة استنفرت الجيش الموريتاني إلى قرب الحدود، تطورت إلى “أعمال عنف واختطاف أصيب فيها موريتانيون وقتل آخرين”.
فيما تحدثت مصادر الصحافة الفرنسية، عن اشتباكات في غابة واغادو المالية القريبة من الحدود الموريتانية، بين جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (حركة ماسينا) وقوة من حركات الإطار الاستراتيجي المدعومة من فصائل الطوارق.
هذه التحركات دفعت الجيش الموريتاني إلى تعزيز تواجده بالمنطقة القريبة من هذه الحدود المحمومة بالتوتر، وهو ما يدفع للتساؤل عن أثر هذا الأمر على المنطقة وما إن كانت للجزائر يد فيها خاصة في ظل التواتر القائم بينها وبين السلطات المالية.
مكاوي: يبسط تفاصيل الأحدث وعلاقة البوليساريو الجزائر بها
في هذا السياق، أوضح الخبير العسكري، عبد الرحمن مكاوي، أن “ما وقع من توغل لقوات الفاما المالية رفقة مليشيا فاغنر الروسية على الحدود، تحديدا في مدينة فصالة الموريتانية، هو مطاردة لعناصر كثيبة ماسينا التابعة لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي يقودها أأك إياد غالي، والمتواجدة في جبال الهقار بالجزائر”.
ويرى مكاوي، في حديث لـ”آشكاين”، أن “مطاردة الفاغنر لهذه العناصر التي تتحرك في أدغال غابة واداغودوغو المالية تذهب إلى الأراضي الموريتانية وللتموين ولعلاج عناصرها، حيث تمت مباغثتها ومطاردتها مع عناصر الفاغنر التي كانت تمتطي دراجات نارية ضخمة، رفقة فرقة من قوات الفاماس المالية”.
وأسفر هذا التدخل الذي كان عنيفا في إحدى القرى، في مدينة فصالة الموريتانية، يسترسل الخبير العسكري، على “جرح ثلاثة وهروب الكثير واستجواب واستنطاق العديد من سكان هذه القرية، فيما لم تصدر أي بلاغات من ناحية القيادة الموريتانية ولا من ناحية الجيش المالي، فاماس، بل هناك تسريبات عن اعتذار مليشيا الفاغنر عن هذا التوغل اللاإرادي، خاصة أن طول الحدود المالية الموريتانية أكثر من ألفي كيلومتر”.

وشدد على أن “موريتانيا التي اعترفت بالإنقلابيين في باماكو، ولم ترد إثارة هذا الموضوع ولا إثارة ضجيج حوله، خاصة وأن الكل يعمل أن موريتانيا بصدد مباحثات جدية لأجل نقل قاعدة الدرون المتطورة المتواجدة في النيجر بأرليت إلى موريتانيا”.
وأضاف أن “التواجد العسكري والاستخباراتي الفرنسي والإسرائيلي يؤكد أن توغل عناصر الفاغنر هو لمطاردة عناصر كثيبة ماسينا التابعة للقاعدة ولجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، والتي لها علاقة مباشرة مع جبهة البوليساريو ومع الأجهزة الاستخباراتية الجزائرية”.
ولفت الانتباه إلى أن “قوات فاغنر أصدرت اعتذارا رسميا للقوات الموريتانية، معتبرة أن توغلها في الأراضي الحدودية الموريتانية، كان لمطاردة عناصر كثيبة ماسينا، وأنها كانت لا تعلم بمحددات الحدود المالية الموريتانية الصعبة التحديد”.
وأشار إلى أن “هناك مخيم لاجئين كبير قرب الحدود المالية الموريتانية يقدر بـ300 ألف لاجئ مالي من الطوارق والفولانيين والعرب يسمى بمخيم “تمبرا”، والذي تشرف عليه المفوضية السامية للاجئين، وكثير ما تلجأ إليه بعض عناصر الطوارق وكذلك كثيبة ماسينا للتزود بالمؤونات والأدوية لعلاج عناصرها”.
واعتبر مكاوي أن “هذا التوغل جاء بسبب عدم معرفة الفوات المالة وعناصر فاغنر للحدود المالية الشاسعة، ولكن تنبغي الإشارة إلى أن جبهة البوليساريو وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التي لها علاقة بالأجهزة الاستخباراتية الجزائرية، قد تكون لها يد في هذا التوغل لثني موريتانيا عن عدم الانجرار في المشاريع التي تسميها الجزائر بـ”الإماراتية” في المنطقة”.
من جهة أخرى، يؤكد مكاوي أن “ميليشيا فاغنر تم السماح لها بالتوغل في منطقة الأزواد المالية بمباركة ومساعدة قيادة الجيش الوطني الشعبي الجزائري، حيث انتقلت عناصر فاغنر من أوروبا سوريا وليبيا إلى ولاية تامنراست التي تضم المنطقة العسكرية السادسة في الجزائر، ومن هنا توغلت بمساعدة القوات الجزائرية إلى شمال مالي”.
وأردف أنه “في بداية الأمر كان للجزائر دور مهم في استيطان هذه الميليشيا في شمال مالي، إلا أن التوتر الحاصل بين مالي والجزائر حول تدبير إشكالية منطقة الأزواد، بين الانضمام لمالي واحكم الذاتي أو الاستقلال، أدى إلى قوات فاغنر والجيش المالي على الجزائر حيث يتواجد الآن على الحدود المالية الجزائرية بمدينة تنزاواتين المالية الجزائرية”.
الفاتحي: دور أساسي للجزائر
من جانبه، لم يستبعد الخبير في العلاقات الدولية ومدير “مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية”: عبد الفتاح الفاتحي، الدور الجزائري في هذه الاحداث، وواصفا دور الجزائر بـ”الأساسي لأنها في حاجة إلى إعادة التوازن في علاقاتها بدول الجوار”.

واعتبر الفاتحي، في تصريح لـ”آشكاين”، أن “الجزائر يبدو أنها فقدت بوصلتها بخصوص علاقات طبيعية مع مالي عقب انهيار اتفاق للجزائر 2015، حيث لم تعد الجزائر محايدة في علاقتها بمختلف أطراف الأزمة المالية”.
ومن جهة ثانية، يسترسل محدثنا “سجل فيه تدخل سافر في الشؤون الداخلية لمالي ولعدد من دول الساحل وفي ليبيا وتونس واستمرار مناوراتها ضد المغرب”.
ونبه إلى أن “واقع العزلة الجزائرية من المفترض أن يجعلها تشجع على تأزيم المنطقة أمنيا وعسكريا بالقدر الذي تعيد من خلاله فرض ضغوط على دول الجوار، فالجزائر التي ساءت علاقاتها مؤخر مع النيجر على خلفية المعاملة السيئة للجالية النيجيرية، وحيث أنها ترى أن المزايدة بالمسألة الأمنية والتدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول، فإنها لن تتواني كذلك في الوقيعة بين مالي موريتانيا، علما أن مالي قد أكدت، في اكثر من مناسبة، عن وجود علاقات طبيعية بين الدولة الحزائرية وجماعات مسلحة إرهابية”.
وخلص إلى أن “موضوعية ربط هكذا سلوكات لكونها تكررت بنفس التخطيط في محاولة الوقيعة بين المغرب موريتانيا في أزمة الحافلة التي قصفت في المنطقة العازلة، وفي قضايا تتعلق بمقتل منقبين عن الذهب، بادعاء أن الهجوم تم في تراب موريتانيا، إلا أنها فشلت في ذلك في أكثر من مناسبة بعد تكثيف التنسيق بين الجيش المغربي والموريتاني لتحصين حدود البلدين وتمييز مناطق انتشار مليشا البوليساريو”.