2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

تناقلت الصحافة الإسبانية خبر توجيه دعوة رسمية إلى الملك محمد السادس لزيارة إسبانيا، حيث قالت صحيفة أوكيدياريو” الإسبانية نقلا عن مصادر دبلوماسية لم تسمها، إن “حكومة بيدرو سانشيز اقترحت على الملك محمد السادس زيارة إسبانيا بمناسبة التعيين الرسمي لإسبانيا والمغرب والبرتغال كمضيفين لكأس العالم 2030″، مشيرة إلى أن “وزارة الخارجية تتولى تنسيق الجهود لإتمام هذه الزيارة”.
وأضافت المصادر الدبلوماسية المذكورة، أنه “قد تم بالفعل إرسال الدعوة إلى الرباط من قبل الحكومة الإسبانية، بعد جهود بذلتها المديرية العامة للمراسم والمستشارية والأوامر الخارجية، وهي الجهة التي تقوم بإعداد المبادرة تقنيا، دون تلقي أي رد لحدود الآن”.
وأشارت ذات المصادر، إلى أن “الحكومة الإسبانية تعتزم اعتبار هذه الزيارة الرسمية إلى مدريد علامة على “المصالحة الكاملة” بعد سنوات مضطربة في العلاقات بين البلدين خاصة بعد الأزمة غير المسبوقة التي تسبب فيها استقبال إسبانيا لزعيم البوليساريو على أراضيها بغرض التداوي من كورونا في أبريل 2018، والتي طويت بعد دعم إسبانيا لمبادرة المغرب المتعلقة بالحكم الذاتي في الصحراء المغربية في مارس 2022، وهو ما يجعل لهذه الزيارة المحتملة أبعادا متشعبة.
وفي هذا الصدد، اعتبر أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق مراكش بجامعة القاضي عياض، ومدير المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الصحراء، محمد بنطلحة الدكالي، أن “العلاقات بين المملكتين المغربية الإسبانية هي علاقات راسخة ومميزة واستراتيجية، وهي تعرف مدا وجزرا، تبعا للتحولات السياسية التي تفرض نفسها، ولكنها في العمق تفرض نفسها واستراتيجية لصالح كلا الطرفين”.
وأوضح بنطلحة، في حديثه لـ”آشكاين”، أن “هذه العلاقات بدأت تأخذ أبعادا جد متميزة، سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي، سيما بعد تأييد إسبانيا لمقترح الحكم الذاتي، وهذا ما يزيد اطمئنانا على مستقبل هذه العلاقات”.

ولفت الانتباه إلى أن “بعض المناوشات التي تقوم بها بعض الأطراف السياسية الإسبانية، مثل الحزب الشعبي الإسباني، تدخل في إطار البوليميك السياسي وجذب الناخبين وإثارة الرأي العام ليس إلا، لأن العلاقات بين البلدين سائرة في طريق التطور الإزدهار”.
وتابع أن “هذه الدعوة الرسمية التي تلقاها الملك من رئيس الحكومة الإسبانية، تترجم الماكنة الكبيرة للمغرب لدى إسبانيا، وهي تحمل الكثير من الدلالات السياسية، والإشارات الإيجابية وتظهر للرأي العام الوطني والإقليمي والدولي، أن هاته العلاقات ستزيد تطورا ورسوخا، نظرا لمكانة المغرب الإقليمية والدولية، ونظرا لحجم التبادل التجاري والاقتصادي والروابط المشتركة بينهما”.
ويرى المتحدث أن “من بين أولويات هذه الزيارة المرتقبة، دعم التعاون الاقتصادي والعسكري والتجاري بين البلدين، خاصة أن إسبانيا تحتل مكانة متميزة في ميزان المبادلات التجارية، وتعتبر مستثمرا أساسيا في المملكة المغربية، دون أن ننسى أن ملف كأس العالم سيكون حاضرا، وسيشمل ما هو أمني ولوجستي وتقني واقتصادي وسياسي واجتماعي”.
وأضاف أن هذه الزيارة يمكن أن “تشمل العديد من الملفات، بينها ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، الفضاء الجوي للصحراء المغربية، والتعاون العسكري والأمني في موجهة الإرهاب والهجرة السرية، والحضور الاقتصادي لإسبانيا في المغرب، خاصة أن المغرب منفتح على كأس العالم وسيكون سوقا واعدة للاستثمار وإسبانيا بدورها تبحث عن الاستثمار في المغرب، من أجل منافسة بعض الدول، مثل فرنسا، على عدة مشاريع كمشروع السكك الحديدية التي سيعرف فيها المغرب تطورا كبيرا، والطرق السيارة وتطوير البنية التحتية، والبنية السياحية، ما يعني أن إسبانيا تريد أن تكون فاعلا ومستفيدة من هذه الطفرة الاقتصادية التي يعرفها المغرب استعدادا لكأس العالم”.
وأردف أن “المصالح بين الدول يحركها طابع المصلحة أولا، والحكومة الاشتراكية تنهج نهج الواقعية السياسية، الذي يعتمد على البراغماتية والمصلحة، ومصلحة إسبانيا كبيرة جدا في المغرب، سواء اقتصاديا، اجتماعية أو أمنيا، أو في محاربة الهجرة والإرهاب، ما يعني أن هناك مجموعة من الأمور ستجعل من هذه الزيارة ذات طابع استثنائي في تاريخ البلدين”.
وخلص إلى أن “هذه الزيارة ستكون أيضا في إطار براغماتية وواقعية من المملكة المغربية، حيث ستراعي مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية، ولذلك نجد أن الموقف الإسباني من الصحراء المغربية، لم يأت هكذا صدفة، وإنما إدراكا من صانع القرار الإسباني أن العلاقة الديبلوماسية المغربية الإسبانية تعتمد على استراتيجية عقلانية وواقعية في تدبير العلاقات بين البلدين الجارين، مع العلم أن الاستراتيجية هي علم وفن لاستخدام الوسائل والقدرات المتاحة في إطار عملية متكافئة يتم إحداثها والتخطيط لها بهدف خلق هامش من حرية العمل يعين صناع القرار على تحقيق سياستهم العليا وفق عمل دبلوماسي يستند للواقعية ولحس استباقي دقيق”.