لماذا وإلى أين ؟

أوزين يكتب عن دروس ” بيلماون” وحاجتنا الجماعية إلى ترسيخ الوعي الهوياتي بالذات

محمد أوزين*

كرنفال “بوجلود” او “بولبطاين” او بالأمازيغية “بيلماون بودماون” تراث مغربي أمازيغي اصيل يقام عادة في اليوم الثاني من ايام عيد الاضحى ، حيث يرتدي الشباب جلود الأغنام والماعز بعد تنظيفها وتجفيفها ويضعون أقنعة على وجوههم لخلق جو من الاحتفالية والكرنفالية ايام العيد السعيد للترويج عن النفس وخلق جو من المتعة وسط الأطفال والشباب. وهو يحمل بعدا تضامني حيث يجمع الشباب الذين يشاركون في هذه الاحتفالات تبرعات من الأهالي، تشمل نقوداً وبيضاً وسمنًا ولحوم الأضاحي، يتم توزيعها فيما بعد على الأسر المعوزة ومساعي إنسانية اخرى.

على هذا الأساس فهو حدث بجذور انتروبولوجية تستحضر سنة الأضحى وما تحمله من دلالات عن التضحية، ويوم النحر والعيد الكبير وعيد الحجاج.
ما خلق ربما بعض ردود الفعل السلبية هي بعض التفسيرات التي ترجع اصل هذا التراث الى تقديس الحيوان، وهو طرح غير مقنع. بحيث اذا سلمنا به سنكون في تناقض كبير مع ذواتنا. كون ملابسنا اليوم جلها مصنوعة من الصوف والجلد ، فالغريب أن أصحاب الفتاوي الجاهزة لا يرون مانعا في لباس ” جاكيتات ” من الجلد الرفيع وبأسعار خيالية !!!!

في هذا الإطار وجب التذكير يالمقابل ان هذا الطقس الأصيل يحتاج إلى حمايته من بعض السلوكات المشينة حتى لا يفقد جوهره الثقافي والتضامني ودلالاته الرمزية والنبيلة ، من قبيل التحايل وإجبار المارة على المساهمة تحت التهديد.
وطبعا ثرات من هذا الحجم وجب ضمان التنظيم اللائق به. وخلق جمعيات تعنى بالتعريف باهدافه ومراميه. والسهر على التقيد بمقاصده و أهدافه .
من جهة أخرى ، وتفاعلا مع أطروحات النحريم والتجريم لمثل هذه المبادرات الثقافية الراسخة في الثراث الامازيغي الاصيل ، نؤكد من منطلق مرجعيتنا الفكرية اننا دوما ضد الفكر النمطي المغلق من أي جهة كانت ، كما نحن ضد المنظور الجنائزي الضيق لمختلف القيم المغربية المتأصلة بعمقها الانساني والحضاري والتاريخي .
فما علاقة منطق الحلال والحرام باحتفال ” بيلماون ” ؟ خاصة انه ينظم في مجتمعات لها ارتباط عميق بالقيم الدينية السمحاء والدليل هو ربط هذا الإحتفال بعيد الأضحى الابرك !
خلاصة القول أننا نعتبر أن الإشكال اليوم ليس مختزلا في طقس ثقافي من قبيل بوجلود او بيلماون، بل هو اكبر من ذلك بكثير ، إنه إشكال القدرة عن بناء الحوار الهادئ والبناء والعجز البين عن إستيعاب الفلسفة الدستورية الجديدة التي أسست لمغرب المصالحة مع تاريخه ، مغرب يحتضن كل اللغات والثقافات في إطار مبدأ الوحدة في التنوع ، مغرب دستوري جديد وأصيل أحدث تحولا جدريا في الوعي الهوياتي بالذات ورسخ الحاجة إلى سياسة لغوبة وثقافية وطنية قادرة على نقل المغرب الشعبي إلى المغرب الرسمي .

*الأمين العام لحزب الحركة الشعبية

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
ابو زيد
المعلق(ة)
21 يونيو 2024 22:49

لو كتبتم فيما يهم لما كتب علينا ( بضم الكاف) كمغاربة تحمل فرضكم على المشهد السياسي!!

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x