لماذا وإلى أين ؟

احتفالات بوجلود.. تراث ثقافي وكرنفال شعبي في جهة سوس ماسة

عبد الرحيم بن بيهي

تعد احتفالات بوجلود جزءاً لا يتجزأ من التراث الثقافي والشعبي في جهة سوس ماسة، حيث تمتد جذورها إلى عصور قديمة، وتحمل في طياتها معاني عميقة من الفرح والتلاحم الاجتماعي. ولكن في السنوات الأخيرة، ظهرت بعض الانتقادات لهذه الاحتفالات، معتبرة إياها غير ملائمة للزمن الحالي. في هذا المقال، نود أن نسلط الضوء على أهمية احتفالات بوجلود والدور الذي تلعبه في تعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية في منطقتنا.

رمز ثقافي يحتفل به الأجداد

مثل العديد من الكرنفالات العالمية، تعد احتفالات بوجلود رمزاً ثقافياً يحتفل به الأجداد منذ أجيال. على غرار كرنفال ريو دي جانيرو في البرازيل وكرنفال البندقية في إيطاليا، تحمل احتفالات بوجلود طابعاً فريداً يميزها عن باقي الاحتفالات. الشباب يرتدون جلود الماعز ويتنكرون بأزياء تقليدية، مما يضفي جوًا من الفرح والمرح على المجتمع. هذه الأزياء ليست مجرد تنكر، بل هي تعبير عن هوية ثقافية وتاريخية عميقة.

ترويح عن الأمهات والآباء

تلعب احتفالات بوجلود دورًا كبيرًا في ترويح الأمهات والآباء، حيث يجدون في هذه المناسبات فرصة للاستراحة من ضغوط الحياة اليومية والاستمتاع بأوقات مليئة بالفرح والسرور. الأجواء الاحتفالية التي يخلقها الشباب بأزيائهم التقليدية وأدائهم المرح تجلب الابتسامات والضحكات إلى الوجوه، وتساهم في تخفيف الضغوط النفسية والاجتماعية.

تعزيز الروابط الاجتماعية

تعتبر احتفالات بوجلود فرصة لتعزيز الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع. فهي تجمع الجيران والأقارب في أجواء من الفرح والتعاون. هذا التجمع الاجتماعي يساعد في بناء علاقات أقوى وأكثر تماسكًا بين أفراد المجتمع، ويعزز الشعور بالانتماء والوحدة. الشباب الذين يشاركون في هذه الاحتفالات يسهمون في خلق جو من الفرحة والسعادة ليس فقط لعائلاتهم، بل أيضاً لجيرانهم وأقربائهم.

الكرنفالات العالمية الناجحة

لا يختلف كرنفال بوجلود في جوهره عن أشهر الكرنفالات العالمية التي تجلب الفرح والتلاحم الاجتماعي لمجتمعاتها. وإليك بعضاً من أشهر الكرنفالات الناجحة حول العالم:

1. *كرنفال ريو دي جانيرو، البرازيل*: أكبر وأشهر كرنفال في العالم، يتميز بعروض السامبا الرائعة.
2. *كرنفال البندقية، إيطاليا*: معروف بأقنعته الأنيقة وأزيائه الراقية، ويعود إلى العصور الوسطى.
3. *ماردي جراس في نيو أورلينز، الولايات المتحدة*: مشهور بعروضه الملونة والخرز التي تُرمى من العربات.
4. *كرنفال ترينيداد وتوباغو*: حدث حيوي بموسيقى الكاليبسو والسوكا، وأزياء زاهية الألوان.
5. *كرنفال نوتينغ هيل، لندن، المملكة المتحدة*: مهرجان كاريبي كبير في شوارع لندن، مع الموسيقى والرقص والطعام الكاريبي.
6. *كرنفال سانتا كروز دي تينيريفي، إسبانيا*: واحد من أكبر الكرنفالات في أوروبا، مشهور بعروضه وملكات الكرنفال.
7. *كرنفال أورورو، بوليفيا*: مزيج من التقاليد الأصلية والإسبانية، مُدرج في قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية من قبل اليونسكو.
8. *كرنفال كولونيا، ألمانيا*: معروف بعروضه، وحفلاته التنكرية، وروحه الاحتفالية.
9. *كرنفال بارانكيا، كولومبيا*: احتفال ملون ونابض بالحياة، بالموسيقى والرقص والأزياء التقليدية.
10. *كرنفال كيبيك، كندا*: أكبر كرنفال شتوي في العالم، يتميز بمنحوتات الجليد، وسباقات الزوارق على الجليد، وشخصية “بونهوم كرنفال” الشهيرة.

ضرورة تبني وزارة الثقافة ووزارة السياحة

نظراً لأهمية هذا الموروث الثقافي، ينبغي على وزارة الثقافة ووزارة السياحة تبني احتفالات بوجلود واحتضانها لتصبح منتوجاً سياحياً يمكن تسويقه عالمياً لجلب السياح. تماماً كما هو الحال مع الكرنفالات الدولية، يمكن أن تصبح احتفالات بوجلود جزءاً من الهوية السياحية للمغرب، تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم للاستمتاع بالأجواء الفريدة والاحتفالات البهيجة التي تعكس عمق وتراث ثقافتنا.

إلى الذين ينتقدون احتفالات بوجلود، نقول إن هذه الاحتفالات ليست مجرد مظاهر سطحية، بل هي جزء من تراثنا الثقافي الذي نحافظ عليه بفخر. كما هو الحال في العديد من دول العالم، تعتبر هذه الكرنفالات رمزاً للتقاليد والتاريخ والثقافة. لذا، دعونا نحترم ونحتفي بهذه التقاليد التي تزرع الفرح في قلوب الناس وتعزز الروابط الاجتماعية والثقافية في منطقتنا.

تظل احتفالات بوجلود جزءاً مهماً من التراث الثقافي في جهة سوس ماسة. إنها ليست مجرد مناسبات للاحتفال، بل هي فرص لتعزيز الروابط الاجتماعية وإحياء التقاليد الثقافية التي تربطنا بأجدادنا. لذا، دعونا نواصل الاحتفاء بهذه المناسبات بفخر واعتزاز، ونقدر الدور الإيجابي الذي تلعبه في مجتمعنا، ونعمل على تحويلها إلى منتوج سياحي عالمي يعزز مكانة المغرب على خريطة السياحة الثقافية الدولية.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
26 يونيو 2024 14:45

كتير من العادات الثقافية الاحتفالية بدات في الانقراض من المغرب منها بولبطاين في المدن الكبرى كما شاهدناه في الستينات وسبعينات القرن والذي يشبه الى حد كبير بجلود في اكادير، وسلطان الطلبة الذي كان احتفالا كبيرا بفاس ينطلق من جامعة القرويين، وطقوس الناير التي لم يعد يحتفي بها الجيل الجديد، واحتفالات عاشوراء التي يشارك فيها النساء والشبات بالاهاجيز الشعبية والغناء وجمع التبرعات الى غيرها من المظاهر التي تجسد الهوية الثقافية لشعب المغرب والتي قد تحظر في ذاكرة من يماتلونني سنا.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x