2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

عبد الرفيع حمضي
من أجمل التعاليق الساخرة التي وصلتني على القرار المفاجئ بحل “الجمعية الوطنية الفرنسية” من طرف الرئيس الفرنسي، هو رسم كاركاتيري مفاده أن “مكتب الخبرة الدولي ماكينزي، اقترح على إيمانويل ماكرون dix Solutions (عشرة حلول) لتجاوز الأزمة. لكن الرئيس فهم dissolution ، وهكذا حل مجلس النواب، بسرعة وبدون استشارة، وفي حركة غير مفكر فيها. وأعلن عن انتخابات تشريعية سابقة لأوانها .
الانتخابات التي لم يسبق لماكرون أن جربها . فلم يسبق أن خاضها لا محليا، ولا جهويا ولا برلمانيا ولا أوروبيا، قبل فوزه بالصدفة في رئاسيات 2016، مما عمق شعوره بالتفوق والعصمة.
وهكذا واجه الجميع منذ وصوله إلى السلطة، متوهما بقدرته على الخروج بمفرده من الأزمات الشائكة، مما جعله يعيش “معزولا بسبب يقينه بموهبته”.
هذه العزلة التي قالت عنها الصحفية الفرنسية solenn de Royer المختصة في قضايا الاليزيه أن ماكرون بدأ ولايته بها وهو الآن ينهيها بها كذلك، بعدما تخلى عنه كل الكبار من رجال السياسة.
كيف لا وهو الذي الذي سبق له أن وصف، رؤساء الأحزاب والمنتخبين “بأصحاب المحلات التجارية في آخر الزنقة ” حسب ما أسر به لصديقه الكاتب Philipe Besson سنة 2017 .
فها هي فرنسا “إعلان حقوق الإنسان والمواطن” لسنة 1789، الوثيقة أساسية في دستور الثورة الفرنسية .
وفرنسا التي احتضنت اعتماد “الإعلان العالمي لحقوق الإنسانDeclaration universelle des Droits de l’Homme سنة 1948 بقصر chaillot بباريس والذي كان الفرنسي Rene cassin أحد محرريه حيث اقترح كلمة Universelle بعدما كانت عدة مصطلحات متداولة من شأنها تقزيم هذه الوثيقة الدولية .
فرنسا الجنرال ديغول وبعد نظره وميتران وحكمته وشيراك ونخوته . هاهي تعبث بها شعبوية ماكرون وتطرف بارديلا وسقوطها المحتمل في يد المتطرفين هي مسألة وقت فقط .
في انتظار وصول القهوة فاجئني هلع – صديق عزيز، مقيم ببلجيكا- من التصريح الأخير Jordan Bardella المرشح الأكثر حظا لتولي منصب الوزير الأول بفرنسا. الذي قال أنه سيحدد بمرسوم بعض الوظائف والمناصب التي لا يمكن ان يتولاها مزدوجي الجنسية .
ولعل خطورة هذا التصريح لا تكمن في أجرأته أو إمكانية تفعيله المستبعد . ولكن في بعده الثقافي لأنه يحسم مع وحدة المجتمع والدولة ويفتح باب جهنم على فرنسا .
في صيف 2003 استقبلت بمقر عملي أحد المواطنين الذي جاء يستفسر عن الأوضاع بالمغرب، وعن إمكانية العودة للاستقرار به بعد أكثر من 30 سنة قضاها بباريس .وأضاف بفرنسية رفيعة .
“غادرت المغرب بعد حصولي على الباكلوريا بليسي اليوطي والتحقت بالعاصمة الفرنسية فوجدت المغاربة هناك إما طلبة مناضلين بالجامعة أو عمال بالمناجم و بمصانع السيارات .
وحينها كنت لا أكن ودا لا للمناضلين ولا للعمال. فاخترت لنفسي حياة الفرنسيين وقطعت أية علاقة لي مع المغاربة ومع المغرب، تخرجت مهندس تجنست وتزوجت فرنسية زواجا مدنيا، وكنا معا لا دينيين وعند ما رزقت بولدين لم اختر لهما اسمين لا عربيين ولا أمازيغيين.
لا حرام عندنا فيما نأكل او نشرب .أما زيارتي للمغرب لم تكن إلا كسائح فرنسي. وطبعا كل علاقاتي الاجتماعية والمهنية كانت مع الفرنسيين . فجأة وقع ما وقع بنيويورك وواشنطن يوم 11 شتنبر 2001 . وبقدر ما اهتزت نيويورك اهتزت الأرض تحت قدمي. فلم تعد نظرات الزملاء في العمل هي هي،ولا كلام الجيران هو هو، وفي المساء عندما أبنائي من المدرسة يحكيان بألم، عن تنمر هنا وكراهية هناك .مرة من التلاميذ وأخرى من الاستاذ. حينها تساءلت ماذا يريد هولاء اكتر مما فعلت ؟ أي مستقبل هنا ؟
ألهذا الحد كان اندماجي هشا ومن جانب واحد ؟”
أما الشاب اليافع Jordan Bardella سواء صار رئيسا للحكومة المقبلة أم لا ، فجده Guerino من جهة الأب ذو الثمانين سنة والذي اختار الإسلام دينا وحكيمة زوجة والشاي بعد العصر بمقاهي بوركون بالبيضاء استراحة سيبقى معززا ومكرما بيننا حيا وميتا بعد عمر طويل.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها.
هدف ماكرون هو قطع الطريق أمام لوبان للوصول إلى رئاسة الجمهورية في 2027 ، فاليمين المتطرف سيحصل على أغلبية المقاعد البرلمانية وغالبا ستكون مطلقة وستخرج حكومة برديلا إلى الوجود وبعد؟ علينا النظر إلى حكومة اليمين المتطرف التي تحكم إيطاليا والتي تهريجاتها تُشابه تهريجات لوبان في فرنسا كما في باقي الدول الأروبية التي تقول أن المهاجرين هم سبب كل مشاكل أروبا وإرجاعهم إلى بلدانهم سيُمكن الرجل الأبيض العجوز من إسترداد قوته، فما الذي تغير في إيطاليا؟ لاشيء. شخصيا أعتقد أنه يجب إعطاء الفرصة لليمين المتطرف للحكم وعندئد سيفهم هؤلاء أن الشعارات شيء والواقع شيء آخر وأنهم عاجزون عن الرد عن صاحب المعمل أو المقاول أو الفلاح الذين لايجدون اليد العاملة التي من الأفضل أن تكون رخيصة (مهاجر بدون أوراق)، وهم الذين يَدَّعون أنهم قادرون على منافسة السلع الصينية. هؤلاء يعلمون أن بلدانهم تعيش بالمديونية وكعضو في الإتحاد الأروبي عليهم الإلتزام بقوانينه التي تُجبرهم على خفضها وذلك من خلال رفع سن التقاعد، تخفيض مصاريف الصحة العمومية كما التعليم العمومي…هؤلاء لايقبلون فكرة أنهم يعيشون فوق طاقاتهم بدون موارد.
كما العادة تحليل رائع للحقيقة المرة ، النتائج ستكون وخيمة على الجميع فرنسيين ، أجانب ، وكذلك على أفريقيا والإسلام كله