2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

أوقفت الشرطة الفرنسية الخميس المنصرم عددا من الناشطين المناهضين للألعاب الأولمبية بباريس، قبل انطلاق مسيرة “toxic tour توكسيك تور” أو “الجولة السامة” على طول قناة سان دوني على ضفاف نهر السين قرب باريس، كانت تهدف للتعريف بتداعيات الدورة الحالية على المنطقة، حسبما قالت منظمة “2024 saccage ساكاج 2024” أو “تخريب 2024”.
واعتبرت السلطات هذه المسيرة “مظاهرة غير مرخصة”، وفق ما نقل ناشطون على منصات التواصل، مؤكدين أنها في الأصل كانت مجرد “جولة” وليس احتجاجا.
وقالت ساكاج إضافة إلى منظمة أخرى هي “Révolte Olympique ريفولت أولمبيك” أو “الثورة الأولمبية” في عدة منشورات على منصة إكس، إن الشرطة أوقفت عددا من النشطاء “كانوا يشاركون في الجولة السامة للتنبيه من التأثير الاجتماعي والبيئي لدورة الألعاب الأولمبية بباريس”.
وقال مصور صحافي كان يغطي الحدث إنه تم أيضا التدقيق في هوية المشاركين وتغريمهم ومنهم صحافيون. وأوضح أرنو فيليت بأن “الشرطة منعت الجولة التي كانت مزمعة في سان دوني. كان يتواجد فيها صحافيون إلى جانب المشاركين” .
وتابع فيليت في منشور على منصة إكس: “لم يتم تغريم الصحافيين الذين كانوا يحملون بطاقة الصحافة”. مضيفا: ” الجولة السامة: تم نقل 3 أشخاص إلى مركز شرطة سان دوني”.
مراسلون بلا حدود تدين “الاعتقال التعسفي” لصحافيين
وكان أرنو فيليت نفسه قد أوقف من قبل الشرطة برفقة صحافية فرنسية أخرى هي باتريشيا بواسييه في 28 يوليوز وتم اقتيادهما إلى مركز شرطة سان دوني، خلال تغطيتهما لتحرك مناهض للألعاب الأولمبية دعت إليه منظمة “ساكاج 2024” قبل أن يتم إطلاق سراحهما، وفقا لما قالت منظمة مراسلون بلا حدود في تقرير، انتقدت فيه “الاعتقال التعسفي” لصحافيين، وأدانت “أمرا نادر الحدوث في فرنسا”.
وفي اتصال مع فرانس24، قال أرنو فيليت الذي يعمل لدى وكالة دي إر كوليكتيف DR Collectif للمصورين الصحافيين، إنه كان ينوي تغطية المسيرة التي كانت “ساكاج 2024” تنوي تنظيمها صباح الثامن والعشرين يوليوز، انطلاقا من بلاس دو لا بورت دي باريس في سان دوني، وأنه كان برفقة المصورة الصحافية باتريشيا بواسييه، وشخص آخر كان من المفترض أن يدلهما على مكان انطلاق المسيرة.
وأضاف فيليت أنه تم توقيفه وبواسييه على الرغم من عرضهما بطاقات الصحافة المهنية، وقال إن حقيبة الشخص الذي رافقهما كانت تحتوي على ملصقات مناهضة للألعاب الأولمبية. مشيرا إلى أن التوقيف استمر لساعات عديدة وأنه تم في نهاية المطاف وضع القضية في خانة عدم المتابعة، منتقدا “توقيفا استمر عشر ساعات من أجل لا شيء”.
منظمات نددت بظاهرة “التطهير الاجتماعي”
وتنتقد عدة منظمات في فرنسا دورة الألعاب الأولمبية وأحداث أخرى مشابهة بشكل مستمر، منددة بالتداعيات البيئية والاجتماعية لمثل هذه الفعاليات العالمية.
في هذا الصدد، تسعى منظمة أطباء العالم إلى مواكبة وحماية الفئات الضعيفة خلال هذه الألعاب، من ذلك الأشخاص المشردين. وهي تنتقد “إبعاد الفئات الضعيفة ونصب السلطات لكتل خرسانية ضخمة وحواجز” لمنعهم من المكوث في مناطق معينة بباريس تعودوا على قضاء الليل فيها بالعراء، حسبما قالت في منشور سابق على منصة إكس.
وتجدر الإشارة، إلى أن أكثر من ثمانين منظمة غير حكومية نددت قبل أربعة أشهر، بما أطلقت عليه “التطهير الاجتماعي” للعاصمة الفرنسية، من خلال عمليات ترحيل الأشخاص المشردين ومنهم مهاجرون ولاجئون وفئات هشة أخرى إلى مدن خارج العاصمة باريس.
قضية أخرى تثير انتقادات حقوقية حيال ألعاب باريس الأولمبية، هي كاميرات المراقبة التي تعتمد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. فقد أدانت منظمة “Attac France أتاك فرانس”، التي تقول إن هدفها تحقيق “العدالة المالية والاجتماعية والبيئية”، اعتزام وزير الداخلية جيرالد دارمانان الإبقاء على نظام المراقبة بالفيديو المزود بالذكاء الاصطناعي في سان دوني بعد الألعاب الأولمبية، “على الرغم من أن دراسات أظهرت أنه مكلف وغير فعال” حسبما تقول.
أولمبياد باريس.. “جهود غير كافية ومصدر ضخم للتلوث”
إلى جانب التداعيات الاجتماعية والحقوقية، يعتب نشطاء البيئة بدورهم على فرنسا لتفويتها فرصة جعل هذه الدورة “الأكثر خضرة في التاريخ”، بسبب الملايين من الرحلات الجوية من وإلى باريس التي تعني مزيدا من انبعاثات الغازات المسببة للاحترار، ومليارات النفايات البلاستيكية.
في هذا السياق، تشرح آن كلير بوارييه الصحافية المستقلة المتخصصة في قضايا الطاقة والبيئة في اتصال مع فرانس24، بأن “برمجة” الألعاب الأولمبية لم تتغير “بشكل عميق” في دورة 2024. وهي تضرب مثالا في هذا الإطار قائلة: “لم يكن هناك تفكير في الحجم الهائل للحدث على الرغم من أنه مصدر ضخم للتلوث. لم يتم فعل أي شيء فيما يتعلق بنقل ملايين الأشخاص، بشكل رئيسي بالطائرات، بالرغم من أن هذا يمثل ما يقرب من ثلث انبعاثات الناجمة عن تنظيم الحدث. ثم إن الشركات الراعية للأولمبياد مثل كوكا كولا، في أحسن الأحوال، وحينما لا تمارس greenwashing (التمويه الأخضر) على نطاق واسع، فإنها تبيع الأوهام وهذا يتناقض تماما مع ضرورات الرصانة”.
لكن بوراييه اعترفت في المقابل بأن السلطات الفرنسية بذلت جهودا في سبيل تخفيف التداعيات البيئية للألعاب الأولمبية. وهي توضح في هذا الشأن: “بالمقارنة مع المسابقات السابقة الأخرى، هناك جهود لإعادة استغلال المواقع مثل قرية الرياضيين (في إطار الإسكان)، أو تفكيكها كمسبح ديفونس أرينا، أو تحديد حجمها بشكل صحيح لضمان استمرار استخدامها بعد ذلك مثلما هو الحال بالنسبة إلى المسبح الأولمبي في سان دوني. ومن ثم، فإن كل هذا إيجابي”. من جهة أخرى، “كانت هناك جهود للسيطرة على الانبعاثات بشكل مسبق، عكس ما وقع في السابق إذ كان يتم تقييمها لاحقا” بعد انقضاء الدورات، تضيف بوراييه.
توجد العديد من المنظمات التي تناهض الألعاب الأولمبية الجارية في باريس، وهي تسعى منذ بدايتها إلى تنظيم تحركات للتنديد بتداعياتها، سواء لدواع إنسانية تتعلق خصوصا بإبعاد بعض الفئات الهشة من باريس، أو الانعكاسات على البيئة، وحتى مسألة حرية التعبير والتظاهر. ننوه، بأننا حاولنا التواصل مع كافة هذه المنظمات لكن دون الحصول على أي رد لحد الساعة.
منظمة “ساكاج 2024” أو تخريب 2024
تقول منظمة “Saccage 2024 ساكاج 2024” إنها تقاوم ما تعتبره “دمارا بيئيا واجتماعيا سببته ألعاب باريس الأولمبية”. وهي توضح في بيان على موقعها الإلكتروني أنها تأسست أصلا في منطقة سان دوني وضواحيها بشمال العاصمة الفرنسية، وأنها تضم “جمعيات وتعاونيات ونهدف للدفاع عن المساحات التي نعيش فيها وحيث نسكن، حيث نلتقي، حيث نبني العلاقات ونمرح”، وهي أماكن “تهددها إقامة هذه الألعاب”.
كما توضح المنظمة بأنها بدأت في النشاط منذ أكتوبر 2020. وهي تقول إن تحركها يأتي بسبب “هذا الإرث الكارثي” وبهدف “مواجهة التحولات الحضرية”. وأنها ترفض “تحويل مساحات معيشتنا إلى مدينة أكثر عولمة وغير متكافئة ومدمرة لبيئاتنا”، منددة في هذا الإطار بـ”تسارع البناء الخرساني والتلوث، المضاربات العقارية، طرد الفقراء وفرض معايير مرتبطة بالسياحية، المراقبة والقمع، تقليص المساحات العامة والمتنزهات، واختفاء الأنواع المحمية” لصالح بناء المواقع المخصصة بإقامة الأولمبياد.
منظمة “ريفولت أولمبيك” أو الثورة الأولمبية
تقول منظمة “Révolte olympique ريفولت أولمبيك” أو الثورة الأولمبية، إنها في “معركة ضد دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024 والألعاب الأولمبية الشتوية في جبال الألب 2030”. هذه المنظمة هي أصلا فرع من منظمة أخرى هي “Peuple révolté بوبل ريفولتي” أو شعب ثائر.
تتساءل ريفولت أولمبيك، التي تنشر بشكل مستمر فيديوهات حول عمليات إخلاء مخيمات المشردين أو المهاجرين غير النظاميين بباريس: “هل أصبح من المستحيل انتقاد ألعاب باريس الأولمبية 2024؟” مضيفة: “يبدو أنه من الصعب للغاية صياغة أدنى انتقاد للحدث والهروب من الخطاب الذي يقدمه على أنه نجاح كامل دون التعرض إلى الإهانات…”.
كما نقلت المنظمة عن المحامي ألكسيس بودلين شهادته في فيديو نشرته قبل أيام على حسابها في إكس: عن “القمع (الوقائي أحيانا) الذي يتعرض له منذ أيام ناشطون يناضلون ضد الدمار الاجتماعي والبيئي الذي سببته دورة الألعاب الأولمبية، في انتهاك لسيادة القانون”.
منظمة “لوروفرس دو لا ميداي” أو الوجه الآخر للميدالية
تعرف منظمة le revers de la médaille أو الوجه الآخر للميدالية نفسها على أنها مجموعة من “الجمعيات والفاعلين في مجال التضامن، نحذر من التأثير الاجتماعي لتنظيم الألعاب الأولمبية والبارالمبية، ونطالب بترك إرث إيجابي في مكافحة الإقصاء” الذي قد ينجم عنها.
كما أوضحت المنظمة بأنها عبارة عن “تجمع لأكثر من 80 جمعية تضامن ترافق بشكل يومي الأشخاص الذين يعيشون في أوضاع محفوفة بالمخاطر (المشردون أو أولئك الذين يعيشون في ظروف سيئة، متعاطي المخدرات، وأولئك الذين يعملون في مجال الدعارة، الأشخاص المنفيون، والذين يحتاجون إلى المساعدات الغذائية…). وبأنها “تتحرك حتى لا تكون الألعاب مرادفة لتعزيز ظاهرة الاستبعاد” في إشارة إلى عمليات نقل هذه الفئات الهشة إلى مناطق بعيدة عن المواقع والمنشآت التي تحتضن الألعاب الأولمبية خصوصا في باريس.
وتقول “لوروفرس دو لا ميداي” إنها نشرت في 30 أكتوبر 2023، رسالة مفتوحة استجوبت فيها “اللجنة المنظمة للألعاب الأولمبية والبارالمبية والمسؤولين المنتخبين والسلطات العامة والجهات الراعية والشركاء، عن المخاطر التي قد يتعرض لها السكان من ضحايا حالات الاستبعاد وعدم الاستقرار” بسبب دورة الألعاب الأولمبية في باريس وضواحيها.
واقترحت هذه المنظمة على السلطات الفرنسية إيجاد حلول دائمة فيما يخص الإقامة والاستقبال، بما يضمن “إخلاء دائما لأكبر عدد من الأشخاص المشردين من الشوارع، مع إنشاء مركز دائم للاستقبال الإنساني الأول للأشخاص المنفيين في باريس، وإنشاء 20 ألف مكان للإقامة على المستوى الوطني، بما في ذلك 7000 مكان على الأقل في منطقة إيل دو فرانس”.
كما دعت إلى إنشاء صندوق تضامن “أولمبي” لفائدة الجمعيات الفاعلة من أجل “دعم استمرارية وتكييف وتنفيذ التدابير الإجتماعية قبل وأثناء وبعد الألعاب الأولمبية، خصوصا المساعدات الغذائية، والحصول على الرعاية والوقاية، والخدمات الاجتماعية والرعاية…”.
فرانس24