2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

استقبل الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، أمس الثلاثاء 13 غشت الجاري، الوزير الأول لجمهورية النيجر علي محمد لمين زين، والذي سلّمه رسالة من رئيس المجلس العسكري بالنيجر عبد الرحمن تياني، وفق بيان مقتضب للرئاسة الجزائرية.
ويأتي استقبال تبون للمسؤول النيجيري في ظل أزمة دبلوماسية بين البلدين، كان آخرها ملف المهاجرين المطرودين من طرف السلطات الجزائري بشكل مشين، علاوة على ما تشهده الحدود الجزائرية المالية والليبية من توتر عسكري شديد، دون أن ننسى المبادرة الأطلسية التي أطلقها المغرب وانخرطت فيها عدة دول من الساحل والصحراء، ما يعطي لهذا اللقاء عدة قراءات.
وفي هذا الصدد، أوضح الخبير في العلاقات الدولية ومدير “مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية”: عبد الفتاح الفاتحي، أن “هذا الاستقبال سبقه مؤشرين اثنين، أولهما، أن سوناطراك الجزائرية تقوم باستثمارات مع النيجر، وثانيهما، وجود مفاوضات سابقة بين الجانبين على خلفية أزمة دبلوماسية بينهما على إثر طرد الجزائر لنيجيريين في ظروف مسيئة للغاية داخل الصحراء”.
وأشار الفاتحي فين تصريحه لـ”آشكاين”، إلى أن “المقرر حاليا هو وجود أزمة دبلوماسية بين الجانبين، إذ حتى تفاعل الجزائر مع المجلس العسكري بعد الانقلاب لم يكن فيه الموقف الجزائري لصالح الوضع السياسي في النيجر غداة الانقلاب”.
وأضاف أن “الجزائر تعيش اليوم عزلة، وتفهم خطورة توسع النفوذ المغربي في دول الساحل والصحراء”، منبها إلى أن “التفاهمات الحالية بين الجانبين الجزائري والنيجيري، لا تعدو أن تكون براغماتية بالنسبة للنيجر، ولا يمكنها أن تكون ذات طبيعة جيو استراتيجية، كما هو الحال للرؤية المغربية التي تركز على إيجاد منافذ بحرية لدول الساحل والصحراء”.

ويرى المتحدث أن “أي تفاهمات مستقبلية للجزائر مع النيجر لا يمكنها أن تتجاوز حدود الحوارات الحالية بين دول الساحل والمملكة المغربية، علما أن الجزائر تعيش عزلة سياسية، وهي بهذا التحرك تحاول قدر الإمكان تدارك الأخطاء التي وقعت فيها من قبل، وهذا في حد ذاته يحمل نوعا من التنازلات التي تقدمها الجزائر”.
ولفت الانتباه إلى أن “النيجر بدورها، في حاجة للجزائر، لظروف براغماتية، تعلق بحاجتها إلى استثمارات مرتبطة بالنفط، لاعتباره هو المورد الرئيسي للمجلس العسكري في هذه المرحلة، ولا يمكن أن يتلقى إعانة أجنبية، بعد طرد الجيش الأمريكي من قاعدته بالنيجر وطرد فرنسا كذلك، وهو الفراغ الذي تستغله الجزائر من الناحية الاقتصادية لعودة تطبيع العلاقات مع دول الساحل والصحراء”.
وشدد على أن “النيجر لا يمكنها أن تصل لتفاهمات مع الجزائر إلا في إطار التصور الذي يؤطر تحالفها الثلاثي مع بوركينافاسو ومالي، واليوم مازالت هناك أزمة سياسية خانقة بين مالي والجزائر في إطار ما يسمى التدخل في الشؤون الداخلية، سواء من الناحية السياسية أو العسكرية، حيث تتهم مالي الجزائر بدعم جماعات إرهابية ومسلحة لإرباك النظام السياسي الحاكم في باماكو”.
وأبرز أن “هذه التفاهمات الممكنة، يستشف من البيان الرئاسي الجزائري ومن الانطباع العام، أنه لا تتجاوز حدود تخطي الإشكالات الأولى والدخول في تفاهمات تبنى على أساس ما هو اقتصادي”.
واستبعد أن “تكون هذه التفاهمات لها تأثير على الأبعاد الجيواستراتيجية التي أصبحت تحكم الدول الثلاثة (النيجر، مالي، بوركينافاسو) ودول الساحل والصحراء، في علاقتها مع بعضها البعض، لكونهم يعانون نفس الإشكال في ظل استمرار العقوبات من المجموعة الاقتصادية غرب إفريقيا “الإكواس”، ولكنها متأثرة بطابع البراغماتية، من خلال محاولة إيجاد موارد مالية من خلال المجال الطاقي، عبر سوناطراك الجزائرية التي لها تراكم تقني وفني، يمكن أن تساعد من خلاله هذه الدول، بعد هروب وخروج الشركات الدولية”.
وخلص إلى أنه “على المستوى الجسواستراتيجي يستبعد أن تستطيع الجزائر، في هذه المرحلة على الأقل، أن تحقق اختراقات مقارنة مع الرؤية المغربية المتعلقة بتنمية الواجهة الأطلسية وإيجاد منافذ بحرية لدول الساحل والصحراء”.