البجوقي: ما وقع بسواحل سبتة المحتلة عملية ”مُدبرة” من جهات معادية

شهدت الأسابيع القليلة الماضية ارتفاعا ملحوظا في معدلات الهجرة غير النظامية من مدن الشمال نحو مدينتي سبتة ومليلية، مما أثار قلقا متزايدا لدى السلطات في كلا من المغرب وإسبانيا.

وتشير التقارير إلى زيادة في عدد المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى الأراضي الإسبانية عبر القوارب الصغيرة، ما يعرض حياتهم لخطر كبير.

ويطرح توقيت عودة هذه الظاهرة وبأعداد كبيرة من الشباب الذين لا تتعدى أعمارهم 18 سنة، أكثر من علامات استفهام، خصوصا وأن واقعة مماثلة حدثت إبان أوج الأزمة بين المغرب وإسبانيا، حين فتحت مدريد مستشفياتها لزعيم جبهة ”البوليساريو” قصد العلاج من ”كورونا” سنة 2021.

لكن واقع الحال مختلف تماما، فالعلاقات المغربية الإسبانية في الوقت الراهن على ما يرام، رغم أن البعض يحاول ربط ما يقع من محاولات عشرات الشباب التسلل إلى مليلية وسبتة، بالزيارة التي قامت بها وزيرة الدفاع الإسبانية إلى الجزر الجعفرية المحتلة. فيما التنسيق المشترك بين السلطات المغربية ونظيرتها في إسبانيا للتصدي للظاهرة، والذي لم يكن حاضرا وقت الأزمة، قد يفند هذه التأويلات.

الكاتب والصحفي المغربي المتخصص في الشأن الإسباني، عبد الحميد البجوقي، شدد على أن ما يقع ”عملية مدبرة” من جهات لم يُسميها، لكن استبعد في ذات الوقت أن يكون المغرب يقف وراءها.

وأوضح البجوقي، متحدثا لجريدة ”آشكاين” أن هناك ”مُخطِطا ومدبرا ومنتجا”، مبرزا أن ذلك يظهر من خلال ما وثقه مقطع مصور لمئات الشباب الحالمين بالهجرة (بين 18 و20 سنة)، يصرخون: ”الشعب يريد الدخول إلى سبتة”، وما له من إيحاءات لما وقع إبان ما سمي بالربيع العربي، ”لا يمكن أن يكون صدفة، وهناك عملية مدبرة”.

من جهة أخرى، شدد على أن المغرب في المرحلة الحالية ”ليس من مصلحته خلق أزمة مع إسبانيا فيما يتعلق بسبتة ومليلية”، مؤكدا أن ”المغرب لن يتنازل على سبتة ومليلية، لكن لن يخلق أزمة الآن فيما يخص الهجرة”، لافتا إلى وجود ” أيادي” وصفها بـ ”الخفية”، قد تكون مرتبطة بـ ”مافيا الهجرة ومافيا ديال حاجة أخرى”، استغلت حالة التوتر واستنفار الأجهزة الأمنية المغربية والإسبانية، قصد تمرير المهاجرين عبر البحر.

وكشف أن ما يقع ”ليس عملية بريئة، بل يقف وراءها مدبر”، كاشفا أن أغلب هؤلاء الشباب حين يصلون إلى سبتة يطلبون اللجوء، موضحا أن هناك من يؤطرهم ويوجههم ويشرح لهم على أن أحسن وسيلة لعدم الطرد الفوري هي طلب اللجوء.

ورغم أن الدوافع، يضيف ذات الباحث، وراءها الأزمة والبطالة والغلاء والاحتقان الاجتماعي والأفق محدود، مؤكدا أنها أسباب تبرر رغبة هؤلاء الشباب في الهجرة، لكن بـ ”الطريقة التي حاولوا بها وبشعار موحد وبالصيغة التي تمت بها، أكيد هناك تدبير من جهة أو من أخرى”.

وأوضح البجوقي أن الدولة المغربية في صراع مع خصوم الوحدة الترابية، أمام كل ”الهزائم”، وآخرها الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء…، يضع فرضيات أن ما يقع قد يكون من هذه الأطراف المعادية.

في موضوع ذي صلة، وعلاقة بالبحث القضائي الذي فتحت السلطات المغربية، بعد قيام عناصر الحرس المدني الإسباني بـ ”مناورة خطيرة”، على سواحل مليلية، كما وصفها مصدر من السلطات المحلية بالناظور، اليوم الاثنين، وقيامها قارب للهجرة السرية وعلى متنه أربعة أشخاص، بينهم فتاة؛ وصف البجوقي العملية بأنها ”طبيعية رغم أن الدهس غير مشروع”.

وحول ما إذا كان البحث القضائي في حد ذاته ”عنوان أزمة بين المغرب وإسبانيا”، يرى البجوقي العكس، واصفا ذلك بـ ”التطور”، مشيرا إلى أن أي حادث من هذا النوع سواء من الجانب المغربي أو الإسباني يتطلب بحثا قضائيا، وقد جرت العادة بذلك من الجانب الإسباني، يشرح المتحدث.

وأوضح أن البحث القضائي المُعلن ”سلوك مغربي مستجد، لكنه طبيعي”، أمام عملية خطيرة يُمكن أن تخلف ضحايا، وما إذا كان الدرك الإسباني ”مرغما” حين تدخله أم أن عملية الدهس كانت متعمدة”.