2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

تواجه مدينة طنجة مشكلة مزمنة تتمثل في انتشار ظاهرة النقل السري، التي أصبحت تشكل تهديدًا مباشرًا على حياة المواطنين. هذه الظاهرة تقف خلفها شبكة من لوبيات النقل السري، الذين يمتلكون أساطيل كبيرة من الحافلات التي تعمل بشكل غير قانوني داخل المدار الحضري، ويوظفون سائقين من ذوي السوابق يسوقون بتهور ويكدسون المواطنين في الحافلات بشكل يهدد أرواحهم و حياة مستخدمي الطرق.
وتعيد الحادثة الأخيرة بمدار “مركز الاستقبال” بمدينة طنجة يوم الأحد المنصرم، والتي أودت بحياة شخصين وأرسلت 20 آخرين إلى المستعجلات، والتي كان بطلها سائق حافلة للنقل السري حاول الفرار من الشرطة ليصطدم بتريبورتور وسيارة نفعية، (تعيد) إلى الواجهة هذه الظاهرة التي أصبحت بالغة التعقيد في مدينة طنجة طيلة السنوات الماضية.
ذئاب منفردة
كما هناك لوبيات وشبكات للنقل السري بطنجة، تعرف المدينة أيضا انتشارًا ملحوظًا “لذئاب منفردة” في سوق النقل السري، حيث يعمل أفراد وثنائيات بشكل غير قانوني باستخدام حافلات صغيرة أو سيارات خاصة. سائقون مستقلون، بعضهم من ذوي السوابق، وبعضهم لا يملكون حتى رخص سياقة، ويشكلون جزءًا لا يتجزأ من شبكة النقل السري، مستغلين ضعف الرقابة وارتفاع الطلب على خدمات النقل داخل المدينة.
ورغم أن هؤلاء “الذئاب المنفردة” لا يمتلكون النفوذ أو الأسطول الضخم الذي يتمتع به بارونات النقل السري، إلا أنهم يساهمون بشكل كبير في تفاقم أزمة النقل في المدينة. وتوسيع نطاق نشاطهم يبرز الحاجة إلى تدخل حازم من السلطات لفرض النظام وحماية المواطنين من المخاطر المحتملة التي تترتب على هذه الأنشطة غير المشروعة.
مافيا حافلات النقل السري
وفي هذا السياق كشفت مصادر مطلعة، فضلت عدم ذكر اسمها، أن “بارونا للنقل السري” يسيطر على جزء كبير من سوق النقل غير القانوني بمدينة طنجة. هذا البارون يملك شركة للنقل المزدوج القروي، ويستغل أسطوله من حافلات النقل المزدوج، التي يتوفر على تراخيص قانونية لتشغيلها خارج المدار الحضري، لنقل الركاب داخل المدينة بشكل غير شرعي.
وتضيف المصادر أن “البارون” المذكور، يوظف عددًا من السائقين الذين يعملون تحت غطاء حافلاته، مما يزيد من تعقيد الأوضاع، حيث ورغم الحملات التي تنفذها المصالح الأمنية، إلا أن المعني يستمر في ممارسة نشاطه بعد هدوء الأوضاع.
وتشير المصادر إلى أن هذا نشاط المعني يتنامى بشكل مقلق في ظل غياب رقابة صارمة من الجهات المختصة، حيث يتم استغلال الحافلات المرخصة لأغراض قروية في النقل داخل المدينة، مما يتيح للبارون توسيع سيطرته على السوق وتحقيق أرباح طائلة.
أصل المشكل
حسن الحداد، رئيس رابطة حماية المستهلك بمدينة طنجة، يقول في تصريح لصحيفة “آشكاين” الإلكترونية، إن “النقل السري بمدينة طنجة ليس بالأمر الجديد، بل انطلق منذ سنوات، حيث في التاريخ القريب في بداية التسعينات، قامت السلطات بإلحاق عدد من المداشر للمجال الحضري بمدينة طنجة، كالسانية وطنجة البالية، ومدشر بنديبان وبني مكادة القديمة، لكن رغم إلحاقها بالمجال الحضري ظلت تعيش في المجال القروي، إذ لم تكن هناك حافلات أو سيارات أجرة تصل إلى هذه المناطق، ومن هنا جاء النقل الذي نرفض أن نسميه بالسري، ليملئ الفراغ”.
وأضاف الحداد، أنه “في بداية الظاهرة لم تكن ظاهرة بحد ذاتها بل أناس يمارسون هذه المهنة، بينما اليوم تحولت من مهنة تمارس في الخفاء إلى ظاهرة النقل السري ومنه إلى ظاهرة علنية، وعندما نقول ظاهرة فهناك عدد كبير من الأشخاص الذين يمتهنونها، والذين يملؤون بالأساس فراغا في مجال النقل الذي يعد حقا دستوريا، حيث هناك لجان تابعة لوزارة الداخلية تعنى بمخططات مديرية النقل الحضري على المستوى الوطني، فضلا عن الجماعات الحضارية، وقصور إستراتيجيات ومخططات هذه الجهات جعل من مهنة النقل السري ظاهرة تسيطر عليها لوبيات تتنافس بينها وتقسم خطوط النقل بينها كشركات تنافس شركة النقل الحضري بطنجة”.
حلول مقترحة
واسترسل رئيس رابطة حماية المستهلك، أن “الحل الأمثل لهذه الظاهرة يتعلق بإحداث نقل عمومي عصري وحافلات في المستوى وأسطول كبير، فضلا عن التفكير في إحداث قطارات ‘ترامواي’ داخل مدينة طنجة، فضلا عن تقنين التطبيقات الذكية الذي لازال ملفها عالقا، والتي تعد حلا ناجعا وآمنا لمواجهة هذه الظاهرة. هذه البدائل، تنوع اختيارات المواطن من حيث الوسيلة الأنسب للتنقل ولا تتركه ضحية لوبيات النقل السري”.
وأوضح الحداد، أنه “وحتى في حديثنا عن النقل المزدوج فقد أصبح متجاوزا على أرض الواقع، ويجب القطع معه، حيث يجب على مؤسسة التعاون بين الجماعات أن تعمل على تطبيق القانون، عبر إحداث نقل مشترك كما يخول لها القانون، إذ تأخرت مؤسسة التعاون بمدينة طنجة كثيرا لتخرج لنا المشروع للوجود، فالكل يعرف أن عقد شركة النقل الحضري بالمدينة انتهى، ومؤسسة التعاون بين جماعات طنجة قامت بمجموعة من اللقاءات مع السلطات المحلية من أجل التسريع في إحداث نقل عمومي تتكلف به مؤسسات التعاون بين الجماعات، وهذه الوسيلة الأوحد لحل هذه المعضلة، وكلما تأخر إخراج دفتر تحملات هذا المشروع إلا وأن ساكنة طنجة ستبقى تعاني مع النقل المزدوج والنقل السري على حد السواء”.
كوارث النقل السري
يذكر أن مدينة طنجة، كانت قد اهتزت على واقعة خطيرة يوم الخميس 9 يوليوز من سنة 2015، حين قام سائق حافلة للنقل السري بشكل متعمد بدهش شرطي والتسبب في وفاته، حين حاول توقيفه على مستوى محطة سيارات الاجرة المتوجهة الى بني مكادة و مسنانة.
وليست هذه إلا أحد أبرز الحوادث الكارثية التي احتلت عناوين الصحف بمدينة طنجة، حيث كانت صورة الشرطي متشبثا بالحافلة لمسافة مائتي متر ، وهي تسير في الاتجاه المعاكس على طول شارع إنجلترا، قبل أن يتم دهسه و تركه مدرجا في دمائه، قد انتشرت بشكل كبير على مواقع التواصل آنذلك.
المعاناة تستمر
الانتشار الواسع للنقل السري في طنجة يعكس ضعفًا في الرقابة من قبل السلطات المختصة، التي تبدو عاجزة عن فرض القانون على هؤلاء البارونات. رغم الشكاوى المتكررة والحوادث الدامية، إلا أن الوضع يظل على حاله، مما يثير تساؤلات حول مدى التقاعس في تطبيق القانون.
وفي نهاية المطاف، يبقى السؤال معلقًا: من سيوقف هؤلاء البارونات ويضع حدًا لمآسي النقل السري التي تهدد أرواح سكان طنجة؟
رغم محاولاتكم اليئيسة لتشويه صورة النقل المزدوج فهو الوسيلة الناجعة لفك العزلة عن العالم القروي، ومقالاتكم عن النقل المزدوج غير بريئة فأنتم تعملون لصالح جهة معينة منافسة للنقل المزدوج.
إن المسؤولين قاموا بإزالة عدد كبير من أحياء الصفيح وكل براكة فيها 12 أشخاص ما فوق . وعصى عليهم الأمر بإزالة 20 قزديرة لها أربع عجلات “@”