لماذا وإلى أين ؟

مواد سامة في واد المنطقة الحرة بطنجة تهدد حياة الإنسان والحيوان (صور)

شهدت ضفاف الواد المجاور للمنطقة الصناعية الحرة بطنجة مؤخرا، تسجيل حالات وفاة لعدد من الطيور البحرية، في واقعة مثيرة للقلق تشير إلى تلوث بيئي خطير يهدد بالتفاقم.

هذه الظاهرة تنذر بكارثة بيئية قد تكون ناجمة عن المخلفات الصناعية التي تتدفق إلى الواد، حيث يعتقد أن تلك المخلفات تحمل مواد كيميائية سامة تؤدي إلى وفاة الطيور المذكورة.

مخلفات كيميائية

يأتي هذا الحادث ليكشف عن الآثار الجسيمة لغياب المراقبة البيئية على الوحدات الصناعية بالمنطقة، والتي توجد في قفص الاتهام بارتكاب انتهاكات بيئية عبر التخلص العشوائي من النفايات والمخلفات الكيميائية في المجاري المائية.

وتشير التقارير الأولية إلى أن العديد من الطيور المتضررة عانت من أعراض تسمم واضحة، مما يعزز فرضية أن تلوث المياه قد يكون السبب الرئيسي في هذه الوفاة.

المجتمع المدني

وفي ظل هذه التطورات المقلقة، تعالت أصوات الهيئات البيئية المحلية مطالبة بفتح تحقيق عاجل لتحديد مصدر التلوث ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات. كما دعت إلى تطبيق إجراءات صارمة لضمان حماية البيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي في المنطقة.

حيث كانت حركة الشباب الأخضر، قد راسلت والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، يونس التازي، حول الوضع الذي “يصبح أكثر خطورة لأن المياه الملوثة من الواد تصب مباشرة في شاطئ سيدي قاسم. وهذا يعرض السباحين ورواد الشاطئ لخطر صحي غير مقبول، مؤثرا تبع لذلك بشكل مهول على مياهنا الساحلي”.

وأضافت الحركة في مراسلتها، إن “الحالات المتكررة من نفوق الطيور البحرية التي لوحظت تعتبر مؤشرات مقلقة على تزايد سمية هذه المنطقة”.

كارثة بيئية تنتظر الحدوث

وقد أشار عدد من عمال المنطقة الحرة بطنجة، تحدثوا لصحيفة “آشكاين” الإلكترونية، أنه بين الفينة والأخرى، تنبعث روائح كريهة من مجرى الوادي، مما يؤكد تسرب مواد ملوثة من عدد من الوحدات الصناعية المتواجدة بالمنطقة.

وأضافت المصادر ذاتها، أن عدة شركات ورغم نفاذ مخزونها من منتجات الوقاية التي يتوجب خلطها بالمياه العادمة قبل التخلص منها إلى مجرى الوادي، تواصل القيام بذلك بشكل معتاد ما يشكل خطرا كبيرا بسبب تركز نسب عالية السمية في هذه المخلفات.

تهرب الشركات وضعف الرقابة

وفي هذا الصدد، قال زكرياء أبو النجاة، رئيس حركة الشباب الأخضر، في تصريح لصحيفة “آشكاين” الإلكترونية، أن “أبرز الإشكاليات في تلوث الواد المذكور، تتعلق بغياب الرقابة المنهجية على الشركات الصناعية، حيث وللأسف، هناك غياب واضح للمراقبة الفعالة على الشركات التي تقوم بتصريف مخلفاتها الصناعية في قنوات الصرف الصحي دون معالجة ملائمة. وقد بات معروفاً أن هذه الشركات تكون على علم مسبق بعمليات المراقبة التي تقوم بها السلطات، مما يؤدي إلى قيامها باتخاذ تدابير مؤقتة خلال فترات المراقبة فقط”.

وأضاف أبو النجاة، أن “مدينة طنجة لا تزال تفتقر إلى محطات معالجة تستجيب للمعايير الدولية. وقد ظهر ذلك جلياً في ما عرف بظاهرة “البحر الأحمر” بشاطئ مرقالة، والتي شكلت خطراً بيئياً وصحياً كبيراً”. مضيفا، أن “مدينة طنجة تواجه أيضاً مشكلة تهرب الشركات المسؤولة عن التطهير السائل – مثل Veolia و Amendis – من تنفيذ التزاماتها التعاقدية مع مجموعة التعاون البوغاز، وذلك في ظل غياب تام للرقابة الفعّالة من قبل السلطة الوصية”.

مشاكل بيئية تخنق المدينة

وقال رئيس حركة الشباب الأخضر، إن “هذه الممارسات قد أدت إلى مجموعة من المشاكل البيئية التي باتت لا تطاق، ومنها تكاثر الحشرات الزاحفة والطائرة، والتي باتت تشكل مصدر إزعاج وخطر صحي على السكان. وانبعاث الروائح الكريهة، مما يؤثر سلباً على جودة الحياة في المدينة. ونفوق الطيور، وفق ما وثقه شهود عيان، نتيجة تلوث البيئة المحيطة. فضلا عن تلويث مياه الساحل والشواطئ، باعتبارها المصب الأخير لهذه المخلفات غير المعالجة، بما فيها من زيوت ومواد كيميائية ضارة”.

وعلاوة على ذلك، يضيف أبو النجاة، فإن “هذه الممارسات تساهم في تشويه صورة المدينة وتقديم انطباع سيئ للسياح حول سوء التدبير البيئي والحضري”.

وأهاب المتحدث، “بجميع المسؤولين والمتدخلين في هذا الشأن، وعلى رأسهم ولاية الجهة، ضرورة التحرك العاجل للقضاء على هذه المظاهر البيئية السلبية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان احترام المعايير البيئية الدولية وحماية سكان المدينة وزوارها”.

خبير بيئي يدق ناقوس الخطر

وفي السياق ذاته، قال الخبير والمستشار في قضايا البيئة والتغيرات المناخية، سعيد شاكري، في تصريح خص به “آشكاين” أن “منطقة جبيلات هي منطقة فريدة من نوعها بالنسبة لمدينة طنجة، خاصة وأنها تجمع عدة معطيات بيئية وسياحية كبيرة جدا، حيث عند الحديث عن المنطقة نتذكر ضاية سيدي قاسم التي تعتبر من أهم المحطات بالنسبة للمناطق الرطبة خاصة بالنسبة للطيور المهاجرة. إضافة إلى وجود مساحات كبرى بالنسبة للمناطق الرطبة، إضافة لشاطئي سيدي قاسم وجبيلة، ناهيك عن مغارة هرقل ومدينة قوطة التاريخية، والتي تعيش تدهورا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، ولعل واد المنطقة الصناعية خير نموذج، خاصة المناطق الصناعية المجاورة والتي تسببت في تسجيل شاطئ جبيلة كشاطئ غير صالح للسباحة”.

وأضاف شاكري، أن “تحقيقات سابقة فتحت في الأمر وخلصت إلى أن بعض المعامل المجاورة هي السبب في ذلك، بسبب تفريغها للنفايات بشكل مباشر دون معالجة، في الوقت الذي نتكلم فيه اليوم عن رؤية ملكية جديدة من خلال تدبير الموارد المائية، ولازلنا نعيش مثل هاته المآسي البيئية والتصرفات الغير مقبولة بيئيا، لاسيما وأن هذه الطيور ربما قد تكون لها أهمية بيولوحية كبيرة، وبالتالي يجب فتح تحقيق جدي في نتائج هذا التلوث وكيف يمكن تفاديه، لأن هذا التلوث لا يمكن إزالته في يوم أو يومين بل تأثيراته ستكون كبيرة وعلى المدى الطويل”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x