سباحة نحو المجهول: قاصرون يتباهون بمغامرات الهجرة إلى سبتة على مواقع التواصل

شهدت مدينة سبتة المحتلة موجة جديدة من هجرة القاصرين القادمين من مدينة الفنيدق، في ظاهرة تزداد حدتها يوماً بعد يوم. ما يثير القلق هو تباهي بعض هؤلاء القاصرين بمغامراتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ينشرون مقاطع فيديو توثق رحلاتهم الخطرة ومحاولاتهم للعبور إلى سبتة.

ويعكس هذا السلوك التحديات الكبيرة التي تواجهها السلطات المغربية والإسبانية في مواجهة هذه الظاهرة، خاصة مع ازدياد عدد القاصرين الذين يتمكنون من التسلل عبر السباحة من شواطئ الفنيدق نحو سبتة المحتلة.

تتجلى هذه الظاهرة في تزايد أعداد القاصرين والشبان الذين يعبرون إلى سبتة بمفردهم، هرباً من ظروف الفقر والبطالة التي تعيشها مناطقهم، ودولهم حتى حيث بعضهم أتى من الجزائر والسمن وتونس، حيث يرون في الهجرة فرصة لتحقيق مستقبل أفضل. ومع ذلك، فإن هذه الرحلات تنطوي على مخاطر جسيمة، سواء من الناحية الصحية أو النفسية، فضلاً عن أن الكثير منهم يجدون أنفسهم عالقين في مراكز الاستقبال المكتظة، ما يزيد من تعقيد الوضع.

وحول أسباب تفاقم ظاهرة هجرة القاصرين والشبان سباحة نحو سبتة المحتلة، قال محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، في تصريح خصّ به صحيفة “آشكاين” الإلكترونية، أنه “اذا كنا نتحدث عن العوامل التي تدفع الشباب ومنهم القاصرين نحو الهجرة فهي أسباب مركبة تجمع بين الهشاشة الاجتماعية وغياب فرص العمل وانعدام الثقة في المستقبل، هذه الأسباب الدافعة. أما الأسباب الجاذبة هي الحلم بالوصول الاوروبي، تحقيق الذات، المحاكاة وتقليد الآخرين من الأصدقاء وأبناء الحي والمدينة”.

وأضاف بن عيسى، أن ما سبق ذكره، “تغذيه عوامل سياق ترتبط أساسا بدور شبكات التواصل الاجتماعي التي يبث فيها من تكمنوا من النجاح في تحفيز الآخرين من خلال ‘ستوريات’ الهجرة من جهة، والمعطى الطبيعي الناتج عن الضباب وهدوء البحر خلال هذه الفترة… علما أن ما يحفز أكثر هو أن تجربة الهجرة سباحة بين الفنيدق وسبتة المحتلة غير مكلفة ماديا لكنها قد تكلف حياة المهاجر”.

وفي السياق ذاته، قال أحمد بيوزان، عضو اتحاد الصحافيين الإسبان، ومختص في شؤون الهجرة والعلاقات المغربية الإسبانية، في تصريح لـ”آشكاين” أن “مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في الموجة الأخيرة لهجرة الأطفال والقاصرين والشباب انطلاقا من شواطئ الفنيدق حيث نشر العديد منهم عبر صفحاتهم في الأنستاغرام والتيكتوك نشوة الفرحة والانتصار بالوصول لشواطئ مدينة سبتة السليبة مما دفع المئات منهم إلى النزوح إلى مدينة الفنيدق في محاولات لركوب البحر وتكرار مغامرات أصدقائهم وأقرانهم”.

وأضاف بيوزان، أنه “شخصيا ضد الهجرة السرية بهذه الطريقة لأن أولا فيها خطر على الأطفال والقاصرين والنتيجة غالبا ما تكون الغرق في البحر وفقدان الحياة، و الجثث التي لفظتها شواطئ الفنيدق وشواطئ أخرى دليل على خطورة الوضع، و ثانيا فهو ضد الهجرة الغير قانونية إلى الضفة الأخرى التي تنشط في محيطها عدد من الشبكات ‘المافيوزية’ التي تبيع الوهم للمواطنين”.

وأكد المتحدث، أن “بلدنا مستقر سياسيا وأمنيا وهناك مجموعة من المشاريع التنموية التي سيتم إنزالها في القريب العاجل والمرتبطة أساسا بالمشاريع الكبرى التي أعلن عنها عاهل البلاد ؛ كتنظيم كأس أفريقيا للأمم و أيضا كأس العالم 2030 التي سينظمها المغرب مع الجارتين الشماليتين إسبانيا والبرتغال، وهذا يلزم المغرب بالالتحاق بالركب الاقتصادي والاجتماعي التي تتمتع بهما كل من إسبانيا والبرتغال”.

وأوضح بيوزان، أنه “ضد الهجرة السرية بهذه الطريقة، أيضا والتي ولدت لنا في دول المهجر موجات من الحركات العنصرية نظرا لعدم تأهيل هؤلاء المهاجرين مهنيا، كتعليمهم عدد من الصنائع والمهن وأيضا تدني المستوى التعليمي لأغلب المهاجرين وأتحدث هنا عن المهاجرين المغاربة وهذا موضوع آخر”.

واسترسل المتحدث، أنه “بالرجوع إلى ما وقع في الفنيدق مؤخرا والذي آثار ردود فعل إعلامية مختلفة على مستوى العالم حيث تطرقت مختلف المنابر الاعلامية الدولية عن نزوح المئات من القاصرين والأطفال إلى سبتة المحتلة عن طريق شواطئ الفنيدق، فإن المسؤولية يتحملها جميع مكونات المجتمع المغربي وعلى رأسها الدولة والأسرة والنظام التعليمي و الإعلام وغياب دور المجتمع المدني، الموكولة إليهم تربية وتوعية الأطفال والتلاميذ وتنبيههم إلى المخاطر التي قد تعترض طريقهم وهم يفكرون في هذه المغامرات”.