2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
مكاسب قضية الصحراء المغربية خلال ولاية تبون الرئاسية (ملف)

يرتقب أن تشهد الجزائر يوم السبت المقبل؛ انتخابات رئاسية جديدة بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي؛ عبد المجيد تبون، على رأس قصر المرادية، في الوقت الذي تشير فيه تقارير أن “العسكر” سيراهن على تبون كواجهة للنظام خلال الولاية المقبلة.
وإن كان ملف قضية الصحراء المغربية أهم ملف الصراع السياسي بين المملكة والنظام الجزائري منذ عقود، فإن أربع سنوات التي ترأس فيها تبون الجزائر؛ شهدت مجموعة من الإنجازات الدبلوماسية والميدانية التي تحققت في هذا الملف الذي قرب على النهاية.
فقد حاول عبد المجيد تبون تنزيل خطة النظام الجزائري في معاكسة مصالح المملكة المغربية؛ خاصة في ما يتعلق بملف الصحراء، وصرف أموالا طائلة من أجل تحقيق مجموعة من الإنجازات؛ والتي سنذكر بعضها في هذا الملف.
قنصليات بالصحراء
منذ انتخاب عبد المجيد تبون رئيسا للجزائر سنة 2019، والقنصليات تفتتح بالتتابع في مدينتي الصحراء المغربية؛ العيون والداخلة، حيث إنه في نفس الشهر الذي انتخب فيه لقيادة الجارة الشرقية افتتحت جمهورية جزر القمر قنصلية لها بمدينة العيون (دجنبر 2019) لتلتحق بها الغابون وجمهورية إفريقيا الوسطى وغامبيا وساو تومي وبرينسيب (الناطقة بالبرتغالية) في يناير 2020، وكوت ديفوار وبوروندي وجيبوتي في فبراير 2020، ووليبيريا في مارس 2020، زامبيا وغينيا الاستوائي ومملكة إسواتيني في أكتوبر 2020، ثم الإمارات العربية المتحدة في نونبر 2020 والبحرين وجمهورية الكونغو الديمقراطية وهايتي في دجنبر 2020.
واستمرت “انجازات” عبد المجيد تبون، في فتح القنصليات بمدن الصحراء المغربية، حيث شهد سنة 2021 افتتاح عدد من قنصيليات دول العالم هناك؛ منها قنصيلة دولة الأردن في مارس 2021 وقنصلية السنغال (أبريل 2021) وقنصلية مالاوي (يوليوز 2021) وقنصلية سيراليون (غشت 2021) وقنصلية غينيا بيساو (أكتوبر 2021)، لتستمر “الإنجازاث بافتتاح تمثليات كل من دول شرق الكاريبي (التي تضم 7 دول أعضاء) في مارس 2022، وسورينام (ماي 2022)، والتوغو (يوليوز 2022) الرأس الأخضر (غشت 2022)، ثم غينيا (يوليوز 2023) لتفتتح التشاد تمثلية لها بالداخلة المغربية في الشهر الماضي.
اعترافات دولية متتالية
“انجازات” القضية الأولى للمغاربة لا تقتصر عن فتح القنصليات من مختلف دول العالم في مدن الصحراء، بل شملت اعتراف دول عظمى بمغربية الصحراء من خلال دعم مخطط الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب لحل النزاع، ولعل أبرزها إعلان البيت الأبيض أن الولايات المتحدة الأمريكية “تعترف بالسيادة المغربية على كامل أراضي الصحراء” منذ دجنبر 2020، لتلتحق دول أوروبية عدة لتعلن دعم المخطط المغربي للحكم الذاتي، ومنها ألمانيا وهولندا وبلجيكا وقبرص ولوكسمبورغ والمجر ورومانيا والبرتغال وصربيا.
لكن “الإنجازات” النوعية في هذا الإطار؛ لا يمكن أن تكون أهم من اعتراف المحتل السابق لمنطقة الصحراء المتمثل في المملكة الإسبانية بمغربية الصحراء من خلال دعم الحكم الذاتي، ليأتي القرار الذي جعل النظام الجزائري يدرك أن الملف بلع مراحله الأخيرة، وذلك بإعلان الجمهورية الفرنسية أن الصحراء مغربية حاليا ومستقبلا.
بالإضافة إلى ما سبق، يظهر في الأفق أن دولا أخرى مقبلة على الاعتراف بمغربية الصحراء وفتح تمثيليات لها بالداخلة، خاصة بعد الأوراش والمشاريع الكبرى التي أطلقها الملك محمد السادس، ولعل من أبرزها إطلاق المبادرة الأطلسية في نهاية عام 2023 بهدف منح دول الساحل غير الساحلية (مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد) ولوجا إلى المحيط الأطلسي، والدول التي ستلتحق بهذه المباراة مستقبلا.
دبلوماسية الصور
في الوقت الذي تستمر فيه دبلوماسية المملكة المغربية في تحقيق أهداف استراتيجية في ملف الصحراء؛ تهرول الدبلوماسية الجزائري في عهد تبون إلى “البروباكاندا” الإعلامية، حيث تصرف أموال الشعب الجزائري من أجل سفر مليشيات البوليساريو إلى مختلف دول العالم من أجل التقاط صورة يتم تروجيها على أنها نجاح في ملف الصحراء.
تتمثل دبلوماسية العمق المغربية في أن قرارات مجلس الأمن ـ في عهد رئاسة تبون للجزائر ـ تشيد دائما برغبة المغرب وتعاونه مع الأمم المتحدة لحل ملف الصحراء والتنمية التي تشهدها مدن الصحراء ومشاركة ساكنة هذه المناطق في الانتخابات بكثافة، في الوقت الذي تستمر فيه الجزائر والبوليساريو في الترويج لحرب في المنطقة.
أما على مستوى مجلس الاتحاد الإفريقي، فبرغم من احتدام الصراع بين الطرفين؛ إلا أن المغرب سجل نقاطا هامة، أهمها الدفع بإصدار قرار يقضي بمنع الكيانات غير المعترف بها في الأمم المتحدة من المشاركة في المنتديات الدولية للاتحاد الإفريقي؛ ما يجعل البوليساريو خارج هذه اللقاءات الدولية الكبرى. كما وقع عدد من وزراء خارجية عدد من الدول الإفريقية نداءً يدعو لطرد البوليساريو من الإتحاد الإفريقي، في الوقت الذي تستمر فيه الجزائر في الاستثمار في دبلوماسية الصور والخطابات أمام وسائل الإعلام.
صفعة الكركرات
حاول ميلشيات البوليساريو سنة 2020 بدعم وتخطيط جزائري لصنع عنوان حقوقي ظاهره احتجاجات ضد ما سموه “معبر غير قانوني ولا وجود له في اتفاق وقف إطلاق النار”، بأفق استراتيجي باطنه خلق شريط جغرافي ومخيمات بهدف تغيير الوقائع ووقف حركة المرور بمعبر الكركرات، إلا أن التعامل الحكيم الحازم والذكي للمغرب حوّل مناورة تعطيل المعبر إلى “قصة نجاح مغربية”؛ بعدما فطن إلى ما يسعى إليه الخصوم من هذه العملية وتعامل معه بذكاء وحكمة.
وعليه أعلن المغرب القيام بعملية عسكرية في الكركرات من أجل “إعادة إرساء حرية التنقل” المدني والتجاري في المنطقة، وهو ما تم حين عادة الحركة التجارية إلى طبيعتها؛ وحول المعبر إلى مدينة صغيرة تتوفر فيها كل الحاجيات الضرورية؛ بإنشاء مسجد وفندق ومحلات تجارية عدة.
وحتى لا تتكرر الواقعة مرة أخرى، أقدم المغرب على بناء الجدار الرملي في المنطقة العازلة بين المعبر المغربي ومعبر النقطة 55 الموريتاني من أجل التأمين النهائي لحركة مرور المدنيين والتجارة في طريق الكركرات، وهو ما جعل البوليساريو تعلن التنصل من اتفاق إطلاق الناري من جهتها، لتنتهي قصة فشل جديدة للنظام الجزائر الداعم للإنفصال بصفعة تسمى الكركرات.