لماذا وإلى أين ؟

الغنبوري يعلق على مذكرة قانون المالية

تُطرح عند بداية كل دخول اجتماعي وسياسي القضايا الاقتصادية والمالية بشكل كبير، باعتبارها المدخل الرئيسي لحل جل المشكلات الاجتماعية والتنموية المطروحة، وخاصة لتزامن فترة الدخول الاجتماعي والسياسي مع بداية إعداد مشروع قانون المالية السنوي، الذي يعكس بشكل ملموس طريقة ترتيب الأولويات لدى الجهاز الحكومي.

في هذا الصدد، أجرت جريدة “آشكاين” الإخبارية، حوارا مع المحلل الاقتصادي ورئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعيـ علي الغنبوري، ضمن نافذة “ضيف الأحد”، لمناقشة بعض الجوانب المرتبطة بقانون المالية المقبل، والظروف الاقتصادية المحيطة بالإعداد لهذا القانون الحيوي.

في ما يلي نص الحوار:

– ما هي الأولويات الواجب توفرها قانون المالية المُقبل؟

هناك ظروف موضوعية تحيط بسياق إعداد قانون المالية حاليا، وهي الواجب اعتبارها كأولويات بما يجب تضمينها في مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، وهي محددة بشكل رئيسي في استكمال بناء أسس الدولة الاجتماعية، عبر الأوراش الأربع المشكلة لها، إذ لم يتم لحد الآن تنزيل ورشين هما تعميم التقاعد وتعميم التعويض عن فقدان الشغل، إضافة إلى تنزيل منظومة الإصلاح الصحي عبر التنزيل الفعلي لنظام المجموعات الترابية الصحية، وتجاوز الفوارق المجالية.

فالمغرب لن يتحول لبلد صاعد إذ لم يتجاوز اختلالات عدة بينها غياب العدالة المجالية، كون التنمية متمحورة فقط في محور طنجة الجديدة، وتفاقم نسب البطالة والفقر، وتسجيل نسبة نمو ضعيفة لا تتجاوز 3 في المئة غير معقولة

كما يجب على القانون المقبل أن يتضمن اعتمادات مالية واضحة لتطوير ورشين استراتيجيين، وهما ورش السياسات المائية عبر حل إشكال الإجهاد المائي الحاد الذي يعاني منه لمغرب، وورش الانتقال الطاقي للتخلص من التبعية للخارجية المكلفة حوالي 16 مليار دولار وهو مبلغ ضخم جدا، وذلك يمر عبر تطوير وتسريع عرض الهيدروجين الأخضر المقدم حاليا من طرف الحكومة، وتكثيف المشاريع الموجهة لتطوير منظومات الطاقة الشمسية.

– هل تتضمن المذكرة التقديمية لقانون المالية لسنة 2025 كل الإشكالات المطروحة؟

هناك بعض المواضيع المهمة غير الواردة في المذكرة التقديمية لرئيس الحكومة، أبرزها كما سبق وتحدثت عن ذلك خلال حوارات صحفية عدة، سواء مع منبركم الإعلامي أو لمنابر أخرى تعطي أولوية فعلا للقضايا المهمة، وهي الساسية التشغيلية والإصلاح الضريبي.

فالإصلاح الضريب على الدخل وكما هو معلوم، منقسم في المنظومة الضريبية المغربية منقسمة لثلاث أصناف: الضريبة على الشركات، الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الدخل، والملاحظ في هذا الصدد هو أن الحكومة أقرت إصلاحات فيما يخص الصنفين الأولين، لكنها لم تتضمن أي إشارة واضحة للضريبة على الدخل رغم الوعود الحكومية لمباشرتها خلال الفترة المقبلة. مع العلم بأن الضريبة على الدخل تطرح إشكالات كبيرة اليوم تحتاج حلولا عاجلة لأن الضريبة على الدخل يؤديها لحد الآن الموظفين والأجراء ويستثني فئات لها مداخيل مالية كبيرة جدا، فقط وهو أمر لا يمكن ويتنافى مع مبادئ العدالة الضريبية، كما يجب إحداث تحفيزات ضريبية عادلة وحماية اجتماعية متطورة، وتطوير بنية الانتقال الرقمي، وتحويل التداول بالكاش إلى تداول رقمي عبر التطبيقات البنكية والشراء من المواقع الالكترونية وهو أمر نجحت فيه عدة دول أفريقية.

وذات الأمر ينطبق على السياسة التشيغيلة، فالتقارير الرسمية تحدث عن ارفاع كبير نسب البطالة وفقدان مناصب الشغل في بعض القطاعات، في الحين يستحيل إنجاح أي ورش في الحماية الاجتماعية دون حل هذه المعضلة لارتباطها المباشر بها، ما يعتين على القانون المالي المقبل إيجاد بدائل حقيقية تحل هذه المعضلة التي تطرح نفسها بشكل موضوعي تما.

– كيف قرأت تحدث المندوبية السامية للإحصاء في تقريرها الاخير عن تسجيل ارتفاع طفيف لمؤشر التضخم؟

إن التضخم الذي تحدثت عنه المندوبية السامية للتخطيط، هو تضخم مرتبط بالطلب لا بالعرض، وهو متوقع جدا خلال فصل الصيف، فجل المغاربة يرغبون في هذه الفترة السفر وقضاء العطلة الصيفية واستهلاك أكثر يفوق استهلاكهم الطبيعي بباقي الأشهر، ما ينتج عنه ضغط كبير على الطلب لا يوازيه كثرة العرض، ما يؤدي في نهاية المطاف لارتفاع التضخم وارتفاع الأسعار.

وهنا يجب الإشارة إلى أن التضخم يكون إما على مستوى العرض وإما على مستوى الطلب، فإما يكون العرض يفوق بكشل كبير الطلب ما يؤدي بالمنتوج لفقدان قيمته المالية، وإما يكون الطلب يفوق بكثير العرض ما يؤدي لبيع المنتوج بأسعار تفوق قيمته المالية الحقيقية بكثير، وما يقع خلال أشهر الصيف يونيو ويوليوز وغشت هو أن الطلب يفوق العرض بشكل كبير جدا.

فالتضخم المرتبط بالطلب في فصل الصيف يؤدي لاختلال التوازنات الاقتصادية نتيجة الارتفاع الكبير في نسب الاستهلاك، وهو غير مرتبط بالضرورة بالمسؤولين وعدم نجاعة تدخلاتهم الاقتصادية والمالية للحد نسبة التضخم، إنما مرتبط بارتفاع فُجائي دفعة واحدة وغير تدريجي في الاستهلاك.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x