2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
هل يلعب المغرب دور الوساطة في الأزمة المصرية الأثيوبية بعد فشل “وساطة” الجزائر”؟

وقع المغرب وإثيوبيا خلال الأسابيع القليلة الماضية اتفاقية تفاهم في المجال العسكري، خلال استقبال المملكة رئيس الأركان العامة لقوات الدفاع الوطني الإثيوبية، وهو ما أثار الكثير من النقاش داخل الأوساط السياسية والإعلامية المصرية؛ خاصة أن ذلك يتزامن مع تجدد الصراع المصري الإثيوبي حول سد النهضة.
بعد أسبوع من الإتفاق المغربي الإثيوبي، التقى وزيري خارجية المغرب ومصر بمقر وزارة الخارجية المصرية بالقاهرة، وناقشا ما سمي “القضايا ذات الاهتمام المشترك عربيا وقاريا ودوليا”. وبلا شك الصراع المصري الإثيوبي وقضية الصحراء ستكون من بين أبرز الملفات التي تم التطرق إليها. فهل يمكن أن يلعب المغرب دور الوساطة في الأزمة المصرية الأثيوبية بعد فشل “وساطة” الجزائر”؟
محاولة خلق أزمة مغربية مصرية
في هذا الإطار، لابد من الإشارة إلى أنه بعد ساعات من إعلان توقيع اتفاقية تفاهم بين المغرب وإثيوبيا؛ سارعت أطراف إلى الترويج بأن هذا الإتفاق العسكري يستهدف الجمهورية المصرية بالإساس، حيث حاولت أطراف معروفة بعدائها للمغرب؛ خاصة الإعلام الجزائري، أن تروج بأن الإتفاق وقع على حساب مصر ومصالحها؛ مستغلة تأجج الصراع بين مصر وإثيوبيا.
تفاعلا مع ذلك، يقول الباحث في سياسات التنمية والتغيير وتحليل المخاطر؛ عبد اللطيف العسري، إن الأطراف الثلاثة (المغرب، مصر، وإثيوبيا) تدرك جيدًا أن تطوير العلاقات المغربيوة الإثيبوبية ليست موجهة ضد أي طرف، وهو ما أكدته البلاغات الرسمية، مثل البلاغ الأخير للخارجية المغربية عقب لقاء الوزير ناصر بوريطة مع نظيرته المصري، مشيرا إلى أن هذا “التواصل الدبلوماسي يعكس النهج العام للمغرب الذي يعتمد دائمًا على الشفافية والمبادرة الذاتية مع شركائه، مثلما شهدنا سابقًا في الاتصال الملكي بالرئيس الفلسطيني بعد استئناف العلاقات المغربية مع إسرائيل”.
فشل الوساطة بين مصر وإثيوبيا
قبل محاول الإجابة عن سؤال دور المغرب في الوساطة لحل الأزمة بين مصر وإثيوبيا؛ لابد من الإشارة إلى أن النزاع بين البلدين ما يزال في تأجج مستمر، ولا يقتصر على “التصعيد الكلامي” بين البلدين، بل تجاوزته ليصل إلى إقليم الصومال المنشق، حيث يدعم كل من مصر وإثيوبيا طرفين مختلفين في النزاع الصومالي؛ ما ينذر بظهور بؤرة جديدة للصراع في شرق إفريقيا، خاصة مع إعلان إثيوبيا مؤخرًا عن بدء مرحلة جديدة في ملء سد النهضة. كما تجذر الإشارة إلى أن جهود الوساطة السابقة، وعلى رأسها وساطة الاتحاد الإفريقي، وصلت إلى باب مسدود.
وفي هذا الإطار, يشرح العسري الذي كان يتحدث لصحيفة “آشكاين” الإخبارية، أنه رغم التوترات المستمرة، تبقى كل من مصر وإثيوبيا متمسكتين بعدم الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة، وهو ما يمكن اعتباره انفتاحًا على جهود الوساطة؛ بالرغم من أن جهود هذه الأخير لم تحقق تقدمًا ملحوظًا حتى الآن، رغم ترحيب الطرفين بمبادرة الوساطة التركية التي طُرحت مؤخرًا.
أسباب فشل مبادرات الوساطة
حتى نقف على إمكانية نجاح أي مبادرة مغربية للوساطة لحل الأزمة بين مصر وإثيوبيا؛ من الإهمية البحث في أسباب فشل المبادرات السابقة ولماذا لم تحقق أي تقدم؟ وما الذي يجعل دور المغرب الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى؟ والجواب وفق الباحث في تحليل المخاطر؛ “لا يكمن فقط في تمسك كل طرف بمواقفه، فهذا أمر طبيعي في أي أزمة. بل يجب أن تتكون عناصر عدة لنجاح أية مبادرة؛ منها أن يكون الوسيط محايدًا ومستقلًا، وهو شرط لم يتحقق في الاتحاد الإفريقي، الذي تُتهم إثيوبيا بالتوغل في دهاليزه، حيث يحتضن مقره الدائم في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا”.
كما “يحتاج الوسيط إلى القدرة على التأثير الناعم على أطراف النزاع لتليين مواقفهم”, يسترسل المتحدث، مسدركا “هذا الشرط لا يمكن تحقيقه إلا من خلال وجود مصالح مشتركة ومتنوعة بين الأطراف، وهو ما يفتقده مثلًا الاتحاد الإفريقي أو حتى الجزائر في محاولات الوساطة التي لم تؤتِ ثمارها”.
هل المغرب مؤهل للوساطة؟
على عكس ذلك، يرى العسري أن المغرب تمكن من تأسيس علاقات متينة واستراتيجية مع إثيوبيا، مما يجعله في موقع جيد للعب دور الوسيط، مبرزا أن هذه العلاقات “تمنحه القدرة على تقديم بدائل مقبولة للتنازلات المطلوبة من الطرفين، كما أن شراكة المغرب الاستثنائية مع مصر تجعل منه وسيطًا محايدًا وموثوقًا لدى الطرفين”.
وخلص متحدث “آشكاين” بالإشارة إلى أن “المغرب يمتلك اليوم، أكثر من أي وقت مضى، الأدوات اللازمة لتقديم وساطة ناجحة، خاصة أن دبلوماسيته معروفة بالوفاء بالتزاماتها تجاه شركاء المملكة وبالعمل الجاد والفعّال، الذي يتم في هدوء ويحقق نتائج ملموسة”. لافتا إلى أن “هذا النهج سبق وأن أثبت نجاحه في وساطات سابقة، حيث حظي المغرب بتقدير دولي لحياده ونجاحه في تحقيق الإنجازات الدبلوماسية”.