لماذا وإلى أين ؟

تجميد عضوية أبو الغالي انقلاب على قانون “البام “وتأسيس لديكتاتورية قيادية!

قرر المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، يوم الثلاثاء 10 شتنبر 2024، تجميد عضوية الأمين العام للحزب صلاح الدين أبو الغالي، بناء على ما اعتبره شبهة “ارتكاب خروقات للنظام الأساسي للحزب ومس بقيمه”.

وطرح تجميد المكتب السياسي لـ “الجرار” أحد أمنائه العامين الثلاث، جدلا ونقاشا كبيرا داخل الوسط الإعلامي والسياسي والحزبي، خاصة من ناحية مدى توفر المكتب السياسي على الصلاحية اللازمة لتجميد أمينه العام.

فكما هو معلوم، لتجميد أحد قادة الأحزاب يجب الاستناد حصرا على مادة واضحة المعالم دقيقة وغير عامة تنص على تجميد ذلك القيادي صراحة وبالصفة التي يتحمل بها المسؤولية داخل الحزب، أو دعوة الجهاز الذي انبثق منه ذلك القيادي للاجتماع والبث في تجميده بالأغلبية المُطلقة مع احترام الشكليات المسطرية.

وبالبحث أكثر في الموضوع، نجد أن المكتب السياسي بقيادة الأمينة العامة فاطمة المنصوري استند على المادة 106 من النظام الداخلي للحزب والتي تنص على “بالإضافة إلى اختصاصات المكتب السياسي المنصوص عليها في النظام الأساسي للحزب، يمكنه حصريا توجيه إنذارات وإصدار قرار تجميد العضوية فيما يتعلق برئيسي مجلسي البرلمان، الوزراء، أعضاء المكتب السياسي، البرلمانيين، رؤساء الجهات، رؤساء الغرف المهنية، رؤساء التنظيمات الموازية، الأمناء الجهويين ورؤساء المجالس المنتخبة، ويختص بالإحالة المباشرة في هذا الشأن على اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات”، وهذه المادة كما يُلاحظ لا تنص صراحة على تجميد الأمين العام.

وما يجعل مبررات المكتب السياسي لـ “الجرار” غير متماسكة في الاستناد على هذه المادة، هو أن أبو الغالي لا تتوفر لديه أي صفة من الصفات المذكورة، فهو ليس رئيس أحد مجلسي البرلمان ولا يتقلد مسؤلية أي قطاع وزاري باسم الحزب، وليس حتى عضوا عاديا في المكتب السياسي، وإنما أمين عام للحزب منتخب من طرف المجلس الوطني المنبثق عن المؤتمر الوطني، مثله مثل فاطمة الزهراء المنصوري والمهدي بنسعيد، والأمين العام أعلى مرتبة من باقي أعضاء المكتب السياسي، لأن طريقة انتخابه مختلفة عن طريقة انتخاب باقي أعضاء المكتب السياسي، ما يجعله غير معني كليا بهذه المادة، مع الإشارة إلى أن الأصالة والمعاصرة وفي تجربة غير مسبوقة، يتوفر على ثلاث أمناء عامين لهم نفس الصلاحيات ونفس الواجبات ونفس الوضعية في الترتيب الهرمي لأجهزة حزب الأصالة والمعاصرة.

وإذا في ظل غياب نص قانوني واضح في النظام الداخلي يتيح للمكتب السياسي للأصالة المعاصرة تجميد أمينه العام، تبقى الإمكانية الوحيدة لذلك متمثلة في اتخاذ القرار داخل الجهاز الذي بواسطته أصبح أبو الغالي أمينا عاما للحزب، أي من داخل جهاز “المجلس الوطني” في إطار ما يعرف بـ “توازي الشكليات” مع احترام المساطر المتبعة في هذا الشأن من دعوة المجلس الوطني للانعقاد ويكون من بين نقاط جدول أعماله تجميد الأمين العام، واتخاذ القرار بالأغلبية المطلقة (50 في المئة زائد 1) وهذا ما لم يتم، وإنما اجتمع المكتب السياسي في اجتماع عادي تناول قضايا عدة، واتخذا قرار تجميد أبو الغالي بالاستناد بشكل غير قانوني على المادة 106 كما تم توضيحه.

ومما سبق، يتبين أن تجميد الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة صلاح الدين أبو الغالي، غير قانوني ولم يخضع للإجراءات المسطرية المنصوص عليها في النظام الداخلي لهذا الحزب، ما يجعلنا بشكل واضح وملموس أمام انقلاب على مقتضيات النظام الداخلي الصادر بشكل ديمقراطي عن المؤتمر الوطني الأخير، وكذلك وهذا هو الأخطر أمام تأسيس لديكتاتورية حزبية بامية بقيادة فاطمة الزهراء المنصوري عبر تكييف قانون حزبها واستغلاله بغير الكيفية التي وُضعت به لتصفية الحسابات السياسات والخصوم وفرض الرأي الواحد على حزب الجرار الذي لم يتعافى كليا بعد من الأضرار الجسيمة التي لحقت به إبان فترة الأمين العام السابق عبد اللطيف وهبي.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
عبد الكريم
المعلق(ة)
12 سبتمبر 2024 18:23

اكبر خطأ ان يحظى عديم الكفاءة بالمسؤولية
استمعت مرات لصوت السيدة المنصوري وظهر لي أن رئاسة الحزب منصب كبير عليها
البام لم يكن يعش هذه الامور مع بيد الله وبنشماس
ومع مشاريع القوانين فلينتظر النتيجة في الانتخابات القادمة

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x