لماذا وإلى أين ؟

خبير علاقات دولية: المغرب سيصبح المستورد الأول من روسيا إفريقيا إذا تجاوز “الدولار”

تجاوزت روسيا فرنسا في تصدير القمح اللين إلى المملكة المغربية، حيث أرسلت 1.92 مليون قنطار مقارنة بـ0.33 مليون قنطار فقط من فرنسا، في غشت الماضي.

في هذا الأطار، يقول أحمد نورالدين، الخبير في العلاقات الدولية، إن روسيا كانت تحتل المرتبة الثانية بعد فرنسا في تزويد المغرب بالقمح عموما والقمح اللين بصفة خاصة.

وأضاف نور الدين، في حديثه مع “سبوتنيك”، أن الكميات المستوردة من بداية العام إلى نهاية غشت، بلغت نحو نصف مليون طن، بارتفاع مهم مقارنة بالسنة الماضية.

وتابع: “من المتوقع أن ترتفع واردات المغرب من القمح الروسي لثلاثة أسباب على الأقل؛ الأول يعود إلى تراجع محصول القمح الوطني في المملكة بحوالي النصف، نظرا للجفاف مما سيضطر المغرب لتعويض حوالي 2،75 مليون طن بزيادة الاستريراد من الخارج.

أما الثاني؛ فإن سعر القمح الروسي أكثر تنافسية من نظيره في عدة دول أوروبية يستورد منها المغرب، في ما يعود السبب الثالث، إلى تراجع إنتاج فرنسا من هذه المحصول، وهي التي تحتل المرتبة الأولى كمورد للمغرب، وتأتي بعدها روسيا مباشرة قبل دول أخرى مثل تركيا وأوكرانيا ورومانيا وغيرها”.

واستطرد بقوله: “يعتبر تنويع الشركاء في المجال الاقتصادي وغير الاقتصادي خيارا استراتيجيا للمملكة، منذ تولي الملك محمد السادس مقاليد السلطة، وهذا راجع إلى عدة اعتبارات منها التخلص من الابتزاز الذي كانت تمارسه فرنسا والشركاء التقليديون للمغرب، في ملف الصحراء المغربية”.

وقال: “في هذا الإطار العام يندرج حرص المغرب على تنويع مصادر استيراد القمح اللين، وهو مادة استراتيجية في المعادلات الجيوسياسية على المستوى العالمي”.

ولفت إلى أن “هناك مشكلة واحدة قد تعترض زيادة الواردات من روسيا، وتتمثل في صعوبة السداد بالدولار، بسبب العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على روسيا منذ اندلاع الأزمة في أوكرانيا”.

وتابع: “أرى أن روسيا تحاول إبداع حلول بديلة لتجاوز العقوبات الأمريكية والأوروبية، ومنها الأداء بالمقايضة أو العملات المحلية”.

ويرى أنه حال قدرة موسكو والرباط على حل هذا الإشكال، فإن المغرب يمكن أن يستورد ما لا يقل عن 2 مليون طن من القمح الروسي، لرفع المخزون الاستراتيجي الحالي الذي لا يكفي لتلبية الطلب السنوي على القمح اللين، وهو رقم قد يجعل المغرب أول زبون لروسيا في القارة الأفريقية وهي المرتبة التي تحتلها مصر حاليا.

بشأن المؤشرات الاقتصادية بين البلدين، وعلاقتها بالتحولات الجيوستراتيجية، يقول: “كشفت الأزمة الأوكرانية عن هشاشة المنظومة الدولية على أكثر من صعيد، يأتي في مقدمتها الأمن الغذائي والطاقي، فروسيا تتحكم في حوالي 30% من صادرات القمح نحو إفريقيا مثلا، وهو ما جعل آثار الحرب لا تتوقف عند ارتفاع أسعار هذه المادة الاستراتيجية التي قفزت مثلاً بين مارس 2021 ومارس 2022 من 250 دولار للطن إلى حوالي 400 دولار للطن، بل تجاوزتها إلى تهديد سلاسل تزويد الأسواق الدولية واحتمال حدوث نقص حاد من هذه المادة الحيوية أو فقدانها، دون احتساب باقي الواردات من زيوت غذائية وأسمدة يتم استيرادها من نفس المصدر”.

وتابع: “كلّ هذه الأرقام التي هي انعكاس للأحداث الجيوسياسية الجارية في منطقة البحر الأسود، تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن روسيا لاعب جيوسياسي كبير على صعيد التغذية في العالم وفي القارة السمراء بالخصوص، ويمكن للمغرب أن يكون مع روسيا منصة لوجستية لتكوين مخزونات روسية استراتيجية موجهة نحو إفريقيا الغربية على الأقل، كما يمكن لمصر أن تلعب نفس الدور بالنسبة لأفريقيا الشرقية”.

حول الأبعاد السياسية والاستراتيجية للانفتاح الاقتصادي المغربي على أسواق جديدة، يقول: “في هذا الإطار أبرم المغرب اتفاقية الشراكة الإستراتيجية مع روسيا سنة 2002 خلال زيارة العاهل المغربي محمد السادس إلى موسكو، والقمح مادة استراتيجية في الأمن الغذائي العالمي وأظن أنها فرصة ذهبية لتطوير التعاون بين المغرب وروسيا من خلال منصة لوجستية موجهة نحو القارة الأفريقية أو على الأقل غرب أفريقيا”.

ويرى أنه من الفوائد الاستراتيجية لهذا المشروع، أنه سيحرر روسيا من عدة ضغوطات تواجهها صادراتها حاليا بسبب ظروف الحرب والعقوبات الغربية، وبالنسبة للمغرب ستمكنه من الاستفادة من عائدات التخزين الاستراتيجي والنقل واللوجستيك نحو أفريقيا، وفي نفس الوقت سيجنب الدول الأفريقية، في حالة الحرب مثلا، المخاطر التي تهدد أمنها الغذائي وسلاسل التزود بالقمح.

سبوتنيك

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x