لماذا وإلى أين ؟

المغرب حقق طفرة اقتصادية هائلة مقرونة بفوارق اجتماعية ومجالية حادة (تقرير دولي)

وقف تحليل اقتصادي حديث صادر عن “معهد كارينغي للسلام”، على مظاهر تقدم وتعثر الاقتصاد المغربي، مشيرا إلى تحقيق هدا الأخير خلال الألفية الحالية طفرة اقتصادية هائلة، تبقى مقرونة بفوارق اجتماعية ومجالية حادة نتيجة هيمنة الاقتصاد غير المهيكلة وتفشي مظاهر الفساد والرشوة والزبونية.

نمو اقتصادي الأول من نوعه في القارة

أقر التقرير تمتع المغرب خلال السنوات الأخيرة بنمو اقتصادي قوي مدفوعا بالاستثمار العام في البنية التحتية، حيث تم توسيع شبكة الطرق السريعة، التي كانت محدودة للغاية في السابق في القرن الماضي، إلى 1800 كيلومتر ومن المتوقع أن تنمو إلى 3000 كيلومتر بحلول عام 2030، كما كان لتطوير ميناء طنجة المتوسط ​​في عام 2007 بمثابة علامة فارقة، وعزز توسعه اللاحق في عام 2019 قدرته بشكل أكبر، مما حوله إلى أكبر ميناء للحاويات في البحر الأبيض المتوسط. بالإضافة إلى ذلك، أصبح المغرب رائدا في إدخال السكك الحديدية عالية السرعة في إفريقيا، ما جعل الآن النقل الجوي والطرق والموانئ في البلاد تلبي بشكل كبير معايير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

واعتبرت دراسة “كارينغي”، أن الاستثمارات الكبيرة في طنجة من قبل مجموعات السيارات الفرنسية رونو، سمحت بأن يصبح المغرب أكبر منتج ومصدر للسيارات في القارة، متجاوزا جنوب أفريقيا، كما تستضيف البلاد الآن شركات تصنيع قطع غيار السيارات الكبرى، بما في ذلك “فاليو” الفرنسية والشركات اليابانية “يازاكي” و”سوميتومو”، وقد أسفرت هذه الاستراتيجية المتمثلة في تحفيز مصنعي السيارات ومكونات السيارات على نقل بعض عملياتهم إلى المغرب عن استثمارات أجنبية مباشرة كبيرة، حيث ارتفعت بشكل عام حصة قطاع التصنيع من الاستثمار الأجنبي المباشر من 15 إلى 37% بين عامي 2010 و2019، مدفوعة إلى حد كبير بالمكاسب في صناعة السيارات.

وفيما يخص التوترات الإقليمية والعالمية الحادة حاليا بين الدول الغربية وغير الغربية، أشاد التقرير بامتناع المغرب عن الانحياز إلى أي كتلة جيوسياسية، بوضع نفسه على هامش التنافس بين الولايات المتحدة والصين، حيث حافظ المغرب على علاقات تاريخية قوية مع الولايات المتحدة، والتي تتجلى في مكانته كحليف رئيسي غير عضو في حلف شمال الأطلسي لواشنطن، وحافظ في ذات الأمر على موقفه من القضايا الدبلوماسية العالمية، من الغزو الأمريكي للعراق إلى الحرب بين روسيا وأوكرانيا والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث كان دائما متوافقا في هذه القضايا مع موقف الجنوب العالمي المناهض للغرب الأمريكي.

نمو اقصادي دون ازدهار اجتماعي

في المقابل، أقر التحليل الاقتصادي استمرار معاناة المغرب من فوارق مجالية وطبقية حادة جدا ومستمرة، وفجوات تنموية بين المناطق الحضرية والريفية، كشف عنها الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز، وارتفاع معدلات التوظيف غير الرسمي في القطاع غير الهيكل المتسم بالهشاشة الكبرى في الشغل والعمل لساعات طوال في ظروف عمل صعبة بأجر هزيل جدا، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، وانخفاض مشاركة الإناث في العمل، مُشيرا هو الآخر للتأثيرات للاقتصادية السلبية للقطاع غير المهيكل الذي يمثل ثلثي الوظائف بالمغرب، على إنتاجية العمل والنمو، كما تنبع من بطء وتيرة التحول الهيكلي للاقتصاد الرسمي واعتماده المستمر على الزراعة، التي لا تزال توظف ثلث القوة العاملة في البلاد، إذ باستثناء المحاصيل التجارية، تظل الزراعة تعتمد بشكل كبير على الظروف الجوية، مما يجعل الغلات غير متسقة وغير قادرة على رفع إنتاجية القطاع.

كما أشار التقرير لوجود مظاهر تعوق التنمية الاقتصادية المتمثلة أساسا في المحسوبية والزبونية والرشوة، وهي مظاهر تعوق التماسك الاجتماعي. مشيدا في ذات الصدد بقرار مجلس المنافسة بمعاقبة ما سماها “كارتيل المنتجات النفطية”، معتبرا إياه يشكل الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح في هذا الجانب.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
سعد يحياوي
المعلق(ة)
23 سبتمبر 2024 14:18

الفوخ والزوخ و العشاء قرنينة
كلش ملك الغير
الديون قريب 100 مليار دولار

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x