لماذا وإلى أين ؟

الغفري: تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال لن يأتي بأي فائدة تُذكر للمغرب

مرت سنة كاملة على الأحداث المتسارعة في الشرق الأوسط منذ عملية حركة حماس العسكرية في السابع من أكتوبر 2023، وما تلاه من تحولات إقليمية كبرى أثرت في واقع المنطقة ككل.

وشهد المغرب منذ العملية، حراكا شعبيا استثنائيا تميز بتنظيم الآلاف من التظاهرات الاحتجاجية في جل المدن ومناطق المغرب، للتعبير عما يسميه منظمي هذه التظاهرات “دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته المشروعة”، وقد برزت بشكل لافت خلال هذه التظاهرات “الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع” التي بادرت إلى جانب شبكات مغربية أخرى مهتمة بالقضية الفلسطينية لتنظيم تظاهرات حاشدة.

ولتسليط النقاش أكثر حول واقع التظاهرات المغربية الداعمة لفلسطين، وما تثيره من نقاش مجتمعي بين داعم ورافض لها، تستضيف جريدة “آشكاين” الإخبارية في فقرة “ضيف الأحد”، محمد الغفري المنسق الوطني لـ “الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع”، وفيما يلي نص الحوار كاملا.

– كيف كانت الاستجابة مع المبادرات التي قمتم بها خلال هذه السنة؟

تميزت هذه السنة الممتدة من عملية المقاومة الفلسطينية من السابع أكتوبر 2023 غلى غاية اليوم، بتنظيم أزيد من 1000 تظاهرة بين المحلية والوطنية للتضامن مع نضال الشعب الفلسطيني ومقاومته المشروعة بموجب القانون الدولي، وكذلك للتنديد بتطبيع العلاقات بين الدولة المغربية وبين دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهو رقم مهم وغير معهود في تاريخ الدعم المغربي للقضية الفلسطينية.

وقد كانت طبيعة التجاوب الشعبي مع هذه الفعاليات معقولة بشكل بكير، وتميزت على العموم بتفاوت حسب طبيعة الحدث، فهناك تظاهرات عرفت تجاوبا كبيرا جديا فاق كل التوقعات حتى من طرف المنظمين أنفسهم نظرا للحدث الذي تزامنت معه، وهناك تظاهرات عرفت تجاوبا أقل لعدم تزامنها مع أحداث بارزة، لكن يكفي على العموم الرجوع للمقاطع الملتقطة خلال المسيرات المليونية المُنظمة في مدن طنجة والدار البيضاء والرباط ومراكش لمعرفة مدى التجاوب الشعبي الكبير مع مبادرات الجبهة.

– ما هو تقييمكم الخاص لطبيعة  تجاوب السلطات مع مبادراتكم ومطالبكم؟

يمكن القول صراحة، أن تجاوب السلطات ظل محدودا جدا في مجمله مع مطالب الجبهة، حيث وجهت الجبهة خلال السنة الاخيرة العديد من المطالب لإسقاط التطبيع ودعم مقاومة الشعب الفلسطيني بشكل رسمي من طرف المغرب في جل المحافل الدولية.

غير أنه للأسف تجاوز الأمر في الآونة الأخيرة تطبيع العلاقات إلى بروز معالم تحالف بين الطرفين في عدة مجالات، بشكل يظهر معه أن الدولة المغربية ماضية في تعميق هذا التطبيع، في وقت أعادت فيه العديد من الدول العالمية موقفها منه.

– ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتموها كجبهة؟

الجبهة واجت صعوبات كبيرة صراحة إبان تأسيسها في دجنبر 2020، حيث تأسست ضد إعادة تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال، إذ في الأيام الأولى كانت صعوبات حقيقية فقط في تنظيم وقفات احتجاجية بسلام، عكس ما هو الأمر عليه الآن، لكن إصرار الجبهة بمكوناتها السياسية النقابية والحقوقية في تنظيم الاحتجاجات رغم المنع المتكرر في البدايات فرض في آخر المطاف تنظيم الوقفات الاحتجاجية دون منع يُذكر.

كما تجلت الصعوبات بعد السابع من أكتوبر في اعتقال بعض نشطاء الجبهة والحكم عليهم بالسجن النافذ، إلى أن تم الافراج عنهم مؤخرا في إطار العفو الملكي الذي شمل عددا من النشطاء والمعتقلين السياسيين، وكذلك في ممارسة تضييق غير معلن في وسائط التواصل الاجتماعي من طرف إدارة الفايسبوك وباقي المناصات وليس من طرف السلطات، حيث تم حجب الصفحة الرسمية للجهة التي كانت تعرف تجاوبا كبيرا من طرف الرأي العام، كما تم حجب المئات من المنشورات الداعمة للشعب الفلسطيني ما اعاق بشكل أو بآخر عملية التواصل مع المواطنين والرأي العام.

– هل استفاد المغرب شيئا من هدا الحراك المستمر لمدة سنة؟

كان للحراك أهمية كبيرة في توعية الناس وتأطير الشعب ضد التطبيع، الذي يشكل خطرا على الدولة المغربية ووحدة المغرب وأمنه الغذائي والفلاحي والقومي، ما يؤثر بشكل جلي على مستقبل المغرب في آخر المطاف.

كما أن المسيرات التي أعلنت عنها الجبهة ردا على رسو سفينة عسكرية موجهة لدولة الكيان بميناء طنجة أعطت نتيجة مهمة، حيث نُظمت مسيرة مليونية حاشدة جدا في ذات المدينة رفضا لهذا الرسو، وهو ما أعطى ثماره فيما بعد في عدم رسم سفينة ثانية كان من المقرر كذلك أن تحط الرسال بميناء قبل إكمال مسيرها ولم تدخل حتى المياه الإقليمية وإنما مرت من المياه الدولية.

– الا ترون فعلا ان تطبيع العلاقات مع إسرائيل في صالح المغرب من الناحية الجيواستراتيجية كما يقول البعض؟

نعتقد داخل الجبهة ومعنا فئات واسعة من الرأي العام والشعب المغربي، أن تطبيع العلاقات لن يأتي بأي فائدة تُذكر للمغرب، حيث أينما حل الكيان حل الدمار والخراب، كما أنه كيان مجرم والعالم بأجمع رأى حجم الجرائم المهولة غير المسبوقة في التاريخ البشري الممارسة في حق الشعب الفلسطيني واللبناني واليمني، ويعرف حاليا إدانة دولية في كل المؤسسات والمحافل الدولية أبرزها قرارات محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية المُدينة بشكل غير مسبوق لهده الجرائم، ما يجعل التساؤل مطروحا عن أي استفادة تذكر من التحالف مع دولة معزولة عالميا ومدانة في جرائم إبادة جماعية من طرف أسمى المحاكم العالمية.

بهذا أرى أن التطبيع والتحالف مع كيان منبوذ من طرف جل شعوب العالم دون استثناء لن يُفيد لا الدولة المغربية ولا الشعب المغربي، كما أن المسيرة المليونية المنظمة اليوم 6 أكتوبر 2024، وغير المسبوقة من حيث الحجم والحضور الشعبي والرسائل المتضمنة فيها، هي بمثابة استفتاء شعبي واضح على دعم الشعب المغربي بكل قواه الحية مهما اختلفت مرجعياتها السياسية والإديولوجية للشعبين الفلسطيني واللبناني ولمقاومتهما المشروعة.

كما نرى أن الخروج المكثف الذي شهدناه اليوم والذي يمكن وصفه بالملمحة الشعبية المغربية، تأكيد على الرفض  الشعبي الكلي للتطبيع وإصراه على الاستمرار في النضال حتى إسقاطه.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x