لماذا وإلى أين ؟

تطورات مثيرة في “الصراع المسلح” بين قبيلتين صحراويتين

يبدو أن جهود الوساطة بين قبيلة يكوت وقبيلة ايتوسى لم تؤت أكلها لفض “الصراع المسلح” الذي نشب نهاية الأسبوع المنصرم بسبب الترامي على الأرض، حيث ظهرت معالم تطورات مثيرة تنذر بمواجهات ميدانية بين القبيلتين ما لم تحدث انفراجات في الساعات القادمة.

وعلمت “آشكاين” أنه بعد لقاء الوساطة الذي جمع ممثلين عن القبيلتين لرأب الصدع، تسرب تسجيل صوتي لأحد شيوخ قبيلة أيستوى، اطلعت عليه “آشكاين”، يهدد فيه كل من يعيد الكرة بالترامي على أراضي أيتوسى التاريخية بـ”الطحين”(التصفية)، دون مراعاة للقانون”.

هذا “الأوديو” أثار حفيظة قبيلة يكوت التي كان محسوبون عليها متهمين بالترامي على الأراضي الأيتوسية، وأصدرت قبيلة يكوت بيانا شديد اللهجة ردا على ما تسرب في الأوديو المذكور، مبدين استعدادهم “لبذل الأرواح في سبيل كرامتهم”.

مصدر قبائلي مطلع حذر من أن “الأمر قد يتطور إلى أمور أخرى، قد تصل إلى القضاء في الخلاف بين القبيلتين، خاصة مع بيان قبيلة يكوت التي أبدت “تشبثها بوجهة نظرها مهما كانت الظروف سواء عبر التقاضي أو المواجهة الميدانية”.

وتساءل المصدر ذاته “عما إن كانت القبائل ستحكم صوت الحكمة والعقل لتحتوي الخلاف وتعمل على تسويته حبيا، أم أن الموضوع سيعرف تطورات أخرى تذهب بالقبيلتين إلى تحكيم القضاء في خلاف عمر أزيد من خمسين سنة”.

واعتبر المتحدث أن “هذه التطورات تأتي في سياق تضارب الروايات بين القبيلتين”، فيما تساءل عمن “يحرك هذا الصراع في هذا الوقت بالذات ومن له المصلحة في تحريك النعرات، ومن المستفيد منها، وهل لهذا علاقة بما وقع مؤخرا من محاولات لتوحيد قبائل الصحراء حول ملف الاراضي المترامى عليها،  أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد خلاف بين عائلة وأحد مكونات قبائل ايتوسى”.

تضارب الروايات

وتعود كرونولوجيا تصعيد الخلاف، بسبب ما جاء في الأوديو المسرب، بقول أحد شيوخ قبيلة ايتوسى “ع.ش” إن ما حدث هو أن “يكوت قدموا بتسع سيارات في وادي درعة وتصدت لهم مجموعة من أيتوسى، حيث كانت قبيلة يكوت مسلحة بأربع بنادق، وفي البداية اقترب منهم ممثلو ايتوسى للتفاوض، لكن وقع هجوم ومطاردة، ما دفع واحد من أبناء يكوت بإشهار البندقية في وجههم، وضربها أحد أفراد ايتوسى بعصا وأحدث فيها اعوجاجا، وبعدها هرب المحسوبون على يكوت”.

وتابع المتحدث أن “القائد والدرك الملكي حلوا بعين المكان مرفوقين برئيس جماعة عوينة تركز، مع 4 من قبيلة  يكوت ، وعرضوا على ايتوسى المفاوضة، وهو ما رفضته القبيلة، كما طالبت السلطات من قبيلة ايتوسى التوقف عن الحرث إلى حين البث في الخلاف لكن هذا الطلب قوبل بالرفض نظرا لأن القبيلة تعتبر هذه الأرض أرضهم”.

وشدد على أن “لجان الأرض بقبيلة أيتوسى لن تتفاوض مع قبيلة يكوت لأنهم جاؤوا متهجمين بسلاحهم”، مشيرا إلى أنهم “تلقوا رسالة من العمالة بأن قبيلة ايتوسى ستستمر في حرث أرضها في وادي درعة قرب طانطان”.

واعترف بأن “أل يكوت لديهم “معيذر”(قطعة أرضية للحرث) أعطته اسبانيا لعالي ولد با الحسن وهو ما طالب به يكوت، وهو الذي تعترف به قبيلة ايتوسى”، مؤكدا على أن “قبيلة يكوت يحتشدون في جماعة تلمزون، وغير معروف وجهتهم”، محذرا من أنهم “إذا هاجموا قبيلة ايتوسى فلن يراعوا وجود المخزن وسيقع الطحين”.

وفي المقابل، ردت تنسيقية قبيلة يكوت، في بيانها الذي وصل “آشكاين” نظير منه، على التسريب الصوتي اعلاه،  بقولها إن “الرأي العام المحلي والوطني تابع الصراع الذي نشب بين عائلة عالي ولد أبا لحسن وعرش أيت بوجمعة – قبيلة أيتوسى حول جزء من أرض هذه العائلة كانت قد بادرت مجموعات من عرش أيت بوجمعة – قبيلة أيتوسى إلى محاولة الترامي عليه وحرثه بزعم أنه أرض تابعة لهم”.

وسردت التنسيقية روايتها في الأحداث، حيث أكدت أنها “بدأت حين توجه مجموعة من الشيوخ ورثة المرحوم عالي ولد أبا لحسن إلى أرضهم الموثقة توثيقا رسميا قاطعا بغرض مراقبتها والتأكد من عدم ترامي الغير عليها، ليتفاجأ هؤلاء الشيوخ بوقوف عشرات الشباب والرجال من عرش أيت بوجمعة – قبيلة أيتوسى أمامهم وقطع الطريق عليهم ومنعهم من الوصول إلى منطقة “بو الحنة” باعتبارها المنطقة الفاصلة بين حدود قبيلة يكوت وقبيلة أيتوسى، وقد باشرت هذه العصابة الهجوم على هؤلاء الشيوخ دون حتى منحهم فرصة الحديث أو النقاش، وهو ما تؤكده مقاطع بالصوت والصورة لرجال من قبيلة أيتوسى يعترفون فيها بأن شبابهم بادر بالهجوم دون إذن من أحد”.

وأكدت التنسيقية على أن ما “سجله شيوخهم وأبلغوه للسلطات عند حضورها، هو أن هذه العصابة التي هاجمتهم أخفت كل لوحات سياراتهم قبل الهجوم، في مقابل أن سيارات ورثة المرحوم عالي ولد أبا لحسن ظاهرة ولم يطرأ عليها أي تغيير، وبعد وقوع هذا الاعتداء، حضرت السلطات ممثلة في الباشا والقائد ومسؤولين من الدرك والقوات المساعدة، حضروا إلى عين المكان ليقفوا بين طرفي النزاع”.

وأشارت إلى أن “عائلة عالي ولد أبا لحسن قدمت أربع رجال ينوبون عنها للنقاش مع السلطات حيث وضعوا بين أيدي المسؤولين الوثائق القاطعة التي تثبت ملكية المرحوم عالي ولد أبا لحسن وورثته لهذه الأرض، وهو ما تحقق منه المسؤولون وتأكدوا منه، فكان القرار هو وقف أي حرث أو استغلال إلى حين عقد لقاء في اليوم الموالي بمقر عمالة أسا – الزاك، والذي تم تقريره في الساعة الثاني عشر من منتصف اليوم الموالي”.

واسترسل المصدر أنه “في تمام الساعة الثاني عشر من منتصف اليوم الموالي كان ممثلو عائلة المرحوم عالي ولد أبا لحسن الأربعة يقفون أمام مقر عمالة آسا – الزاك حاملين وثائقهم التي تثبت حقوقهم، وقد استقبلهم المسؤولون وظلوا ينتظرون قدوم الطرف الآخر إلى حدود الساعة الثانية بعد الزوال، حين جاء ثلاث أفراد من قبيلة أيتوسى يحملون ورقة يعتبرونها وثيقة في حين تبين أنها ليست سوى قسمة عرفية تمت بإحدى منازل أيتوسى وتم المصادقة عليها في إحدى المقاطعات الحضرية، وهو ما أصاب حامليها بالإحراج”.

وردا على التسجيل الصوتي، أشارت التنسيقية إلى أنه “بعد مرور ثلاث أيام على هذه الأحداث، وعوض أن يأتي عرش أيت بوجمعة قبيلة أيتوسى بوثائقهم المزعومة، تتفاجئ قبيلة يكوت بتسجيل صوتي لـ”ش.ع” أحد متزعمي ما يعرف بتنسيقية أيتوسى، يزعم فيه أن رسالة وصلت من عمالة أسا – الزاك تقول بأنه تم السماح لقبيلة أيتوسى بإستئناف تراميها على أراضي قبيلة يكوت وحرثها”.

واستنكرت القبيلة ما قاله “ش.ع” في نفس التسجيل “من تحريض أبناء قبيلته على الانطلاق لحرث منطقة “بوعجاج” المملوكة تاريخيا لقبيلة يكوت، وقال أيضا بالحرف في ذات المقطع الصوتي ” ماكاين لا مخزن لا والو … كاين ألا الطحين”، وكأننا في زمن السيبة وانعدام الأمن، وكأن الدولة لا وجود لها في نظر هؤلاء الساعين إلى صب الزيت على النار”.

وترى “تنسيقية يكوت للدفاع عن الأرض والعرض”  في هذا التسجيل الصوتي “دليل قاطع على أن القوم لا يتوفرون على وثيقة واحدة يمكن أن تزكي ما يدعون، وأنهم يحاولون الذهاب بالأمور إلى مواجهات دامية لتفادي نقاش الوثائق والحجج”.

وأكدت القبيلة على أن “أرض المرحوم عالي ولد أبا لحسن الموثقة بوثائق قطعية الثبوت تمتد شمالا من مجرى خليج واد درعة إلى منطقة “تازوت” جنوبا، وشرقا من معذر بو الحنة” وصولا إلى معاذر المرحوم عبد الله ولد السعيد المعروف بلقب “الخولات” غربا، وهذه الأخيرة أرض موثقة أيضا بوثائق قاطعة، وغرب ذلك تبدأ أرض قبيلة يكوت على العموم وصولا إلى منطقة العامرة”.

وحذرت القبيلة بأنها “تؤمن إيمانا راسخا بأننا نعيش في دولة يسمو فيها الحق والقانون على الجميع، وأنها حريصة على نبذ العنف والتمسك بالسلام، وتفضيلها سلك السبل القانونية والقضائية، وأنها في ذات السياق تؤكد استعدادها التام لبذل الأرواح رخيصة في سبيل صون كرامتها وحفظ أرضها والدفاع عن حقوقها”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
16 أكتوبر 2024 14:28

يجب اللجوء الى شيوخ لهم باع واحترام من القبلتين ويحكمونهم في النزاع، والالتزام بمايقررونه، وفي حالة التجاوز يتدخل القضاء لحسم النزاع، ومعاقبة المتجاوزين، هذا هو عين العقل.

مواطن
المعلق(ة)
15 أكتوبر 2024 20:05

حقيقة من قرأ هذا المقال سوف يعتبر أن المغرب ليست لديه مؤسسات إدارية و قضاءية يمكن أن ترفه امامها هذه القضايا ليتم التداول فيها و البث فيها بحسب ما تمليه القوانين و المساطر ،
لا يجب تقديم الامور بهذا الشكل و لو أن في الاساس يظهر أن هناك صراع قبلي ، بل يجب رفع النزاع الى الجهات المختصة للنظر فيه ، هذه هي دولة المؤسسات

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x