2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
هل ينجح المغرب في سياسة ”التوازن” بين المعسكر الشرقي والغربي؟

ينهج المغرب سياسية ”التوازن” في تدبير علاقاته الدولية، في ظل ما بات يشهده العالم من تجاذبات حادة بين معسكر شرقي (إن صح هذا التعبير)، تقوده روسيا، وبين معسكر غربي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية.
من جهة، فإن علاقة المملكة المغربية بأمريكا وبأوروبا، تتطور بـ ”إيقاع غير مسبوق” على حد تعبير وزير الخارجية ناصر بوريطة، ومن جهة أخرى تسير العلاقات بين الرباط وموسكو، على نفس المنوال الذي بدأ منذ الشراكة الإستراتيجية التي أطلقها الملك محمد السادس والرئيس بوتين، بمناسبة زيارة العاهل المغربي التاريخية لروسيا سنة 2016.
هذا التوجه في رغبة المغرب بالحفاظ على علاقات متينة في جميع المستويات مع روسيا، ظهر جليا في الكلمة التي ألقاها بوريطة، أمس الاثنين 11 نونبر الجاري، على هامش مشاركته في المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى الشراكة روسيا-إفريقيا، حين شدد على أهمية التعاون بين إفريقيا وروسيا في مجالات الأمن الغذائي والطاقة، معربا عن استعداد المغرب للمساهمة في تعزيز هذه الشراكة.
في نفس المنوال، ذهب أيضا مستشار الرئيس الروسي، أنطوان كوبياكوف، الذي أشار، خلال نفس المؤتمر، إلى وجود مفاوضات جارية بين روسيا والمغرب لتوقيع اتفاقية للتبادل الحر.
وأكد كوبياكوف على أهمية هذه الاتفاقيات في تعزيز الشراكة الاقتصادية بين روسيا والدول الإفريقية، مشيرًا إلى أن المفاوضات بدأت بالفعل مع عدد من الدول، من بينها المغرب.
وشهدت التبادلات التجارية بين المغرب وروسيا نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، خاصة في مجالات الطاقة، الفلاحة، والصيد البحري.
فهل ينجح المغرب في سياسة ”التوازن” هاته بين ما يمكن أن يوصف بالمعسكر الشرقي (روسيا)، والغربي (أمريكا أوروبا…)، في ظل التقاطبات الحادة على الساحة الدولية حاليا؟
الخبير في العلاقات الدولية، محمد شقير، تحفظ التصنيف على أساس معسكر شرقي وآخر غربي، بعد انهيار جدار برلين وتصدع الاتحاد السوفياتي، مبرزا أن التوزيعات الدولية الجديدة تؤشر على ولادة نظام دولي جديد يقوم على تحالفات جديدة وتموقعات مختلفة.

وقال شقير إن السياسة الخارجية للمغرب، ومنذ الاستقلال، مبنية على ”عدم الانحياز وتعدد الشركاء”، موضحا أنه حتى في عز الحرب الباردة حرص الملك الحسن الثاني على التحالف مع المعسكر الغربي برئاسة الولايات المتحدة وفرنسا دون أن يغفل اللعب على المنافسة بين هذين القطبين الغربيين في حين حافظ على علاقات جيدة مع دول المعسكر الشرقي برئاسة الاتحاد السوفيتي من خلال إبرام اتفاقية تشمل تبادل الحوامض واستيراد الحبوب.
ذات الخبير، وفي تحليله للوضع، متحدثا لجريدة ”آشكاين”، أكد أنه بعد انهيار جدار برلين وتصدع الاتحاد السوفياتي حافظ المغرب في عهد الملك محمد السادس على توازن علاقاته مع كلا المعسكرين، إذ رغم شراكته العسكرية مع الولايات المتحدة والاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، فقد حافظ المغرب على حياده فيما يتعلق بالموقف من الحرب الروسية الإيرانية بل قوى من علاقاته الاقتصادية مع روسيا الممثلة في اتفاقية الصيد واستيراد الحبوب وتصدير الحوار وغيرها.
من هذه الزاوية، يوضح شقير، يمكن تفسير مشاركة المغرب في المنتدى الوزاري الإفريقي الروسي وإلقاء بوريطة لكلمة تؤكد على تحقيق المصالح الأفريقية بالأساس دون أي تدخل في الشؤون الداخلية للدول الإفريقية.
حرية الدول في نسج علاقة بين الشرق الغرب قد تكون مهددة بالولاية التانية للرىيس الامريكي ترامب الذي لا يتوقع احد كيف سيتعامل مع هذا الموضوع، وهو الرئيس الذي يفاحئ دائما بقرارات غير منتظرة.