2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

استقبل ولي العهد الأمير مولاي الحسن، مساء اليوم الخميس بالدار البيضاء، بتعليمات من الملك محمد السادس، رئيس جمهورية الصين الشعبية، شي جين بينغ، الذي يقوم بزيارة قصيرة للمملكة.
وعند نزوله من الطائرة بمطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء، وجد الرئيس الصيني في استقباله، ولي العهد الأمير مولاي الحسن.
إثر ذلك تقدم للسلام على شي جين بينغ، رئيس الحكومة عزيز أخنوش، قبل استعراض تشكيلة من الحرس الملكي أدت التحية.
وفي هذا الإطار، أعرب الرئيس الصيني شي جين بينغ، عن استعداد الصين لمواصلة العمل مع المغرب لدعم بعضهما البعض بقوة في القضايا المتعلقة بمصالحهما الأساسية، والدفع نحو تنمية أكبر للشراكة الاستراتيجية بين الصين والمغرب، مشيرا إلى أن الصين والمغرب شهدتا تطورا سليما في علاقاتهما، فضلا عن تعاون عملي مثمر وتبادلات حيوية على نحو متزايد في مختلف المجالات، قائلا إن الملك محمد السادس قام في عام 2016 بزيارة دولة إلى الصين، أجريا خلالها محادثات مثمرة، ما أسهم في الارتقاء بالعلاقات الصينية المغربية إلى مستوى جديد.
وأكد الرئيس الصيني أن هذه الأخيرة تدعم جهود المغرب في الحفاظ على أمنه واستقراره على الصعيد الوطني، داعيا البلدين إلى توسيع التبادلات الثقافية والشعبية لتعزيز الدعم الشعبي للصداقة بين البلدين.
تعلقيا على هذه الزيارة القصيرة، يرى الخبير في الشؤون السياسية و الإستراتيجية؛ هشام معتضد، اختيار الرئيس الصيني زيارة بدلاً من الجزائر التي تعتبر نفسها حليفا لها “تعكس أبعاداً استراتيجية أعمق مما يظهر على السطح”، مضيفا أنه “بالرغم من العلاقات التاريخية والاستثمارات الكبيرة التي تجمع الجزائر بالصين، فإن هذه الأخيرة تعتمد في سياساتها الخارجية على ما يعرف بنظرية “توازن القوى” التي تسعى من خلالها إلى تنويع الشركاء الإقليميين وضمان علاقات متوازنة مع كافة الفاعلين الرئيسيين”.
وأوضح معتضد في تصريح لصحيفة “آشكاين” الإخبارية، أنه من منظور نظرية “اللعبة الصفرية” في الاستراتيجيات السياسية، يمكن قراءة هذه الخطوة الصينية كرسالة غير مباشرة للجزائر، مردفا أنه بقدر ما تظهر العلاقات الصينية المغربية كعلاقة تعاون، فهي في الوقت ذاته تعكس تقليصاً محتملاً لنفوذ الجزائر التي لطالما حاولت استخدام علاقتها مع الصين كورقة قوة في مواجهة المغرب، مبرزا أن بكين، من خلال هذا الاختيار، تؤكد أنها ليست ملزمة بتحالفات أحادية الجانب، وأنها تبحث عن الشراكات الأكثر جدوى وكفاءة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في المنطقة.
ووفق المتحدث فإنه في سياق نظرية “القوة الناعمة”، يمكن اعتبار هذه الزيارة جزءً من جهود المغرب لتعزيز صورته الدولية كشريك استراتيجي موثوق ومبتكر، مشيرا إلى أن العلاقات المغربية الصينية لا تقتصر فقط على الجانب الاقتصادي، بل تمتد إلى المجالات الثقافية والتعليمية، حيث يعمل المغرب على تعزيز شراكاته في مجالات مثل التعليم والتكنولوجيا والتبادل الثقافي، ما يجعل من هذه العلاقة نموذجاً متكاملاً للتعاون المتعدد الأبعاد.
وبخصوص توقيت هذه الزيارة، يرى الخبير في الشؤون الإستراتيجية، أنها تتزامن مع مرحلة حرجة في النظام الدولي، حيث تسعى الصين إلى تعزيز نفوذها في ظل تصاعد المنافسة مع القوى الغربية، لافتا إلى أن المغرب، من جهته، يستفيد من هذا السياق لتعزيز موقعه كفاعل إقليمي ودولي قادر على تحقيق التوازن بين شراكاته مع القوى الكبرى، مشددا في السياق ذاته على أن هذه الديناميكية تُظهر أن المغرب ليس فقط متلقياً للنفوذ، بل فاعلاً قادراً على توجيه شراكاته بما يخدم مصالحه الاستراتيجية.
أما في ما يتعلق بدلالة استقبال الرئيس الصيني من طرف ولي العهد الأمير مولاي الحسن، فقد أكد المحلل السياسي أن ذلك يرمز إلى أبعادا عميقة تتجاوز البروتوكول، مسترسلا “على الرغم من صغر سنه، فإن إشراكه في حدث بهذه الأهمية يبرز ديناميكية النظام الملكي المغربي، الذي يسعى إلى تأهيل ولي العهد لممارسة أدوار قيادية مستقبلاً على الساحة الوطنية والدولية، وهذا الخيار يعكس أيضاً نهجاً استراتيجياً يوازن بين إبراز استمرارية المؤسسة الملكية وتعزيز موقع المغرب كدولة تتقن فنون الدبلوماسية ذات البعد الرمزي”، مشيرا إلى أن حضور رئيس الحكومة إلى جانب ولي العهد يضفي على الاستقبال طابعاً مؤسساتياً، ما يعزز الرسائل السياسية الموجهة للصين وللرأي العام الدولي.
وخلص معتضد بالتأكيد أن اختيار الصين المغرب كنقطة عبور واستقبال الرئيس الصيني من طرف ولي العهد يعكسان التزام البلدين بتطوير علاقة استراتيجية تتجاوز المصالح الآنية لتؤسس لشراكة طويلة الأمد، مبرزا أن هذا التوازن بين الرمزية السياسية والفعالية الاقتصادية يعزز مكانة المغرب كوجهة رئيسية في استراتيجيات القوى العالمية الكبرى، ويدفع بالعلاقات الثنائية إلى آفاق أوسع.