2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
دراسة بحثية تعري فجوات التغطية الصحية بالمغرب

وقفت دراسة ميدانية حديثة صادرة عن المؤسسة البحثية “مبادرة الإصلاح العربي” على واقع التغطية الصحية الشاملة بالمغرب، مسجلة مجموعة من الهفوات والاختلالات التي تعيق تحقيق كافة الأهداف المروجة من هذا البرنامج الاستراتيجي الذي يعد أحد أهم أركان “الدولة الاجتماعية”.
وأشارت الدراسة إلى كثرة الفئات الاجتماعية المستهدفة بالتغطية الصحية الإجبارية والتي عبرت عن عدم تقبلها لمسألة الأداء نظیر استفادتها من التغطية الصحية الإجبارية، كونه لا يأخد في الاعتبار الصعوبات الاجتماعية التي تعيشها هذه الفئات التي تنتهي في مجملها كفئات ممارسة في القطاع غير المهيكل.
واعتبرت الدراسة أن فئات المهن الحرة في المغرب لا تشكل وحدة متجانسة، ولا تربطها ببعضها البعض جملة من الشروط/ فالتاجر ليس سائق التاكسي، ولا الفلاح الصغير، وليس العامل في قطاع البناء..، ما يجعلنا أمام فسيفساء من المهن والحرف التي أخضعت لـ “منظور بيروقراطي نيوليبرالي”، يصنف الفئات وفق ما سمي بـ «المعرف الرقمي الموحد».
كما سجل التقرير الحامل لعنوان “التغطية الصحية الشاملة بالمغرب: من الحق في العلاج إلى اللامساواة في الصحة” غياب الرعاية الصحية للأمهات العاملات في القطاع غير الرسمي على الرغم من كونهن الأكثر عدداً في المغرب، إضافة إلى محدودية التصور المقدم للأشخاص ذوي الإعاقات في مجال الرعاية الصحية، خصوصاً في ظل غياب تجانس هذه الشريحة الاجتماعية، بسبب تعدّد خصوصياتها الجسدية (أي نوع الإعاقة). وبالتالي، تتعدّد حاجاتها إزاء نظام الرعاية الصحية.
ويعد واقع سائقي سيارات الأجرة وفق ذات الدراسة من الفئات الاجتماعية التي تعرف نوعاً من اللامساواة أمام القدرة على الوصول إلى العلاج والتطبيب اللذين ينتظر أن يؤمنهما نظام الحماية الاجتماعية الحالي والتغطية الصحية الإجبارية، خصوصاً أن مجموعة من التجمعات المهنية «الحرة» في المغرب، لم تصل بعد إلى التنظيم الممأسس من الداخل حتى تتمكن من مسايرة تصور الدولة في خصوص أداء المساهمات المالية الشهرية للاستفادة من التغطية الصحية الشاملة. وقد تحول ضبابية شروط ممارستها المهنية دون هذه الاستفادة من الخدمات والتعويضات الصحية. وبالتالي سينتج عنها الحرمان من العلاج.
ووقفت دراسة مبادرة الإصلاح العربي على نقل جزء كبير من المستفيدين من نظام المساعدة الطبية «راميد»، إلى النظام الجديد «آمو تضامن AMO-TADAMON»، باعتباره الشكل الجديد الذي يوفره مفهوم «التأمين الإجباري على المرض»، مشيرة في ذات الصدد إلى أن مجموعة من الأفراد وجدوا أنفسهم ضمن من يجب عليهم الأداء، على الرغم من عدم استطاعتهم، أو تأخروا في معرفة نسبة المساهمة وبات القيام بها صعباً بالنظر إلى محدودية مدخولهم، وأحياناً لغياب الدخل بالكامل أو عدم استقراره، ما ساهم في إقصاء فئة واسعة من الأفراد والجماعات عن الاستفادة من بطاقة – أمو – تضامن.
وترى الدراسة أنه لا يمكن فصل تعميم التغطية الصحية الشاملة، عن واقع النظام الصحي في المغرب، لجهة نظام تمويله وبنيته العلاجية والتنظيمية، وحجم موارده البشرية، . فالتمويل الصحي العمومي يعتبر ركناً أساسياً في الحق الدستوري في الصحة. إذ ما زالت الميزانية العامة لوزارة الصحة تراوح بين 6% و 7% من الميزانية العامة، عوضاً عن الـ 12 الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية، كما أن الإنفاق الصحي يبقى أقل من 6% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أقل من المعدل العالمي الذي يبلغ 10 في المئة، مشيرة إلى أن تجذر اللامساواة الاجتماعية أمام الصحة في المغرب، هو العنوان الأبرز لمسألة الحق في العلاج بالنسبة إلى الصعوبات سالفة الذكر، ما يصعب تفعيل التغطية الصحية الشاملة خصوصاً بالنسبة إلى طالبي الخدمات الصحية العامة.
واستنتجت مبادرة الإصلاح العربي أن ربط الاستفادة من الرعاية الصحية بنظام الاستهداف الاجتماعي غير فعال بالنظر إلى غياب دقة معايير الاختيار، وضبابية وضعية العاملين في القطاع غير الرسمي، والانتشار الواسع للبطالة والعمالة غير المنظمة، واتساع وعاء المهمشين في سوق العمل وغيرها.