2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
لماذا سارع العثماني لدعم الهجوم على حلب من طرف فصائل تقف وراءها إسرائيل؟ (محلل يوضح)

أثار المنشور الذي شاركه سعد الدين العثماني، الرئيس الأسبق للحكومة المغربية، حول التطورات الأخيرة في سوريا موجة واسعة من الجدل.
في تدوينته، عبّر العثماني عن دعمه لعملية “ردع العدوان” التي تقوم بها فصائل المعارضة السورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، مشبهاً هذه العملية بحركة المقاومة الفلسطينية “طوفان الأقصى” في مواجهتها لإسرائيل.
وعبر حسابه على منصة “فايسبوك”، أشار العثماني، الذي سبق أن شغل منصب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إلى وجود هدف مشترك بين الحركتين، يتمثل في النضال من أجل الحرية والكرامة.
كما أضاف قائلاً: ”تغيرت الأوضاع في سوريا بشكل متسارع، النازحون الذين غادروا مدنهم وقراهم وهم أطفال أو شباب يافعون يعودون اليوم بصفة منتصرين ضمن عملية ردع العدوان، ليشهدوا تحقق أحلامهم بتوفيق من الله وتغير الظروف المحيطة”.
وشدد العثماني على أن الأحداث الحالية ”ستترك أثراً عميقاً ينعكس على مستقبل المنطقة، شريطة الإخلاص في النوايا والعمل بروح من الوحدة الوطنية والتواضع لخدمة أبناء الوطن”. واعتبر أن هذه المرحلة قد ”تمثل بداية جديدة لبناء مشرِق يعتمد على وعي وصبر وتفاني الشعوب”.
لماذا سارع الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي، لدعم الهجوم على حلب من طرف فصائل غير معروفة، يرى مراقبون أنها مدعومة من إسرائيل، بل وتحركت مباشرة بعد خطاب نتنياهو؟
جوابا على هذا السؤال، قال عبد النبي صبري،أستاذ العلاقات الدولية والجيوبوليتيك إن ”بناء المشرق الجديد” الذي تحدث عنه العثماني، كان مشروع أمريكي منذ زمن، تتقاطع فيه مجموعة من المصالح، لكن ما حدث في الآونة الأخيرة، وبعد أحداث السابع من أكتوبر، دفع من لم يصدقوا بعد فكرة ” مشروع الشرق الأوسط الجديد”، لتصديقها، مبرزا أن الغرب وأمريكا، وتحديدا إسرائيل، يريدون بناء هذا الشرق الأوسط الجديد.

وكشف المتحدث أنه لفهم ”المشرق الجديد” الذي تحدث عنه العثماني -رغم عدم امتلاكه لصفة رسمية تظهره خادم توجهات- يتطلب الوقوف عند المصالح الجيوستراتيجية الدولية، اليوم، التي صارت في مفترق الطرق.
الدكتور صبري، استرسل متحدثا لجريدة ”آشكاين” بأن العمليات التي تجري في سوريا، تلقى دعما واضحا من الولايات المتحدة الأمريكية، مع توافق إسرائيلي تركي، لتقويض نظام بشار الأسد.
وأوضح في نفس السياق، أن الرئيس بايدن سبق وأن أقر بذلك، لأن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تريد حجز ميناء اللاذقية، ذي المنفذ الإستراتيجي من سوريا إلى دولة الصين وإيران.
وأكد صبري، أن المراد اليوم، تقويض النفوذ الصيني في الشرق الأوسط، خصوصا وأن حلب التي تحتلها ”المعارضة” السورية، تعد مركز اقتصادي وتجاري مهم، كاشفا أن المسألة ”معقدة ومتشابكة ومن لا يفهم فيها لن يعرف طبيعة الصراع في سوريا”.
ولفت إلى أن أطرافا تدعمها روسيا (الحكومة السورية)، بينما تدعم تركيا بعض فصائل ”المقاومة”. في المقابل هناك تدخلات أمريكية وحتى عربية لدعم أطراف أخرى، وراحت سوريا، وبشكل أخص حلب، ضحية لهذا الصراع.
كما أبرز أن هناك ”توافقا” روسيا- تركيا، لتقويض النظام السوري، نظرا لتقاطع المصالح بين الطرفين، مشددا على أن أنقرة تريد ”تأديب” نظام بشار الأسد، لرفضه قبول إعادة اللاجئين السوريين من تركيا، إضافة إلى موقف الحكومة السورية من الأكراد الذين يشكلون تهديدا لتركيا، رغم أن النظام في دمشق دخل في مفاوضات من أجل تفكيكهم ولكن ذلك لم يحصل.
وشدد على أن هذا الوضع في المشهد السوري المعقد، يظهر تقاطعات في المصالح، أفرز تطورات غرضها عزل ميناء اللاذقية، الذي يتماشى مع مبادرة ”الحزام والطريق” الصينية، إضافة إلى تقويض النظام السوري المدعوم روسيا.
وخلص صبري إلى أن هذه التقاطعات، نتج عنها تحالف أمريكي- تركي- إسرائيلي، على مستوى سوريا، في ظل التحولات الجيوستراتيجية العالمية السالفة الذكر، لافتا أن عدم تحقيق نتنياهو للنتائج المرجوة سواء في الحرب على غزة أوفي لبنان لم تؤت أكلها، وبالتالي فهو يسعى إلى قطع ”دابر الإمدادات” للمقاومة.
هناك اتفاق واضح، يشرح صبري، بين أمريكا وإسرائيل وتركيا، غرضه ”تقزيم دور النفوذ الإيراني، أولا، وتقويض النفوذ الصيني في المنطقة، ثانيا، وثالثا بعثرة أوراق روسيا، بغية تشكيل خريطة سياسية جديدة التي لا يمكن تشكيلها إلا بإطالة أمد الصراع داخل سوريا”.