لماذا وإلى أين ؟

سقوط حزب الله، سقوط سوريا بشار الأسد

حميد عسلي

لفهم بعض ما حدث ويحدث حاليا في سوريا وكيف استطاعت المعارضة المسلحة تحرير مناطق شاسعة من الأراضي المسيطر عليها، من طرف قوات نظام بشار الأسد وحلفائه في زمن قياسي، يجب تكبير الصورة قليلا والنظر إلى ما يجري وجرى بالمنطقة من المنظور السياسي والعسكري.

إن الضربات التي تلقاها حزب الله في حربه الجنوبية كبدته خسائر لا يمكن نكرانها أو تغطية حجمها الكبيرأن على المستوى العسكري أو السياسي، فعلى المستوى العسكري تلقى الحزب خسائر كبيرة في ترسانته العسكرية والبشرية وتدمير كبير لمخازنه وأسطوله العسكري، كما أن فقدانه معظم وجوهه بالقيادة الميدانية والسياسية لم ولن يمر بدون أن يكون لهذا السقوط بليغ الأثر على المنطقة وخصوصا بالجارة سوريا نظام الأسد، الذي يستمد بشكل كبير قوته من قوات حزب الله المنتشرة بالبلد.

كما لا يمكن لعاقل أن ينكر علاقة سقوط حزب الله بتراجع دعم إيران له وربما تخليها عنه لحظة الحقيقة، لحظة اغتيال قائده حسن نصر الله واستهداف معظم قياداته وترسانته العسكرية، فكأن لهذا الوضع مخرج سياسي وديبلوماسي من خلال توقيع الحزب اتفاقية وقف إطلاق النار وبشروط المنهزم الذي يقدم أكبر التنازلات.

وحيث أن الوضع أصبح يفرض تصحيح المسار في ظل انغماس إيران في حلحلة وضعها العسكري والسياسي وتدخلاتها في المنطقة والضغط المتزايد عليها دوليا، كأن بالطرف الآخر بسوريا رجال “الجيش الوطني السوري “والمعارضة وأطيافها منشغلون بالتدريب وبدعم تركي الذي عرف كيف يستغل مسار الأحداث الجارية وتوقيتها ليسدد لنظام بشار الأسد ضربة استراتيجية ستعيد قراءة المشهد السوري وترسم خارطة جديدة لسوريا وللمنطقة برمتها.

فالمتمعن في الخريطة الجيوسياسية والجيوستراتيجية للمنطقة خلال العقد الماضي، يجد أن نظام الأسد كأن من أكبر المستفيدين من الدعم الإيراني ومعه حزب الله بالإضافة إلى الدعم الأكبر لروسيا، لكن وفي ظل ما تمر به روسيا من تحديات واحتمالات انزلاق حربها مع أوكرانيا ومن يدعمها لن يكون الدفاع عن نظام بشار من أولى أولوياتها. كما أن الدعم الإيراني لن يعود كما كأن من قبل في ظل انكسار وتراجع كبير لحزب الله، الحزب الذي يعد أحد أهم أذرع إيران العسكرية والسياسية بالمنطقة.

بالمقابل، فأن القوى الكبيرة لن تخطئ قراءة المشهد، فالولايات المتحدة الأمريكية تتابع تطور الاحداث كما أن روسيا اليوم وهي الداعم الأكبر لنظام بشار الأسد ستجد نفسها مطالبة بالضغط على نظام بشار الأسد للجلوس مع تركيا على طاولة الحوار، حيث سيضم جدول الأعمال لا محالة قضية اللاجئين السوريين بتركيا الذين أصبحوا حملا له تكلفة اقتصادية واجتماعية وكذلك ورقة ضغط سياسية في يد المعارضة التركية تجاه الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم.

كما يرجح أن يكون ملف رسم منطقة أمنية عازلة داخل التراب السوري من بين اهم النقط الملحة، حيث أنالجانب التركي قد يرى في هذه الفكرة وضع حد للمد الكردي وتهديداته المسلحة.

ويبقى السؤال المطروح حاليا من وجهة نظرنا، هل سيستجيب الرئيس السوري بشار الأسد لمخرجات الواقع الراهن ويجيد إعادة ترتيب ما تبقى من سلطته المدعومة خارجيا على الجغرافيا السياسية المتآكلة يوم بعد يوم، أم أن الرجل قد يخطئ قراءة الوضع فيتفتح سوريا على مجموعة من السيناريوهات والاحتمالات، أبسطها التحرير، أوسطها التقسيم وأقصاها الفوضى.

باحث في القانون والعلوم السياسية

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x