لماذا وإلى أين ؟

حرية التعبير بين غالي المغربي وصنصال الجزائري

أشعلت تصريحات عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي تبنى فيها موقف “تقرير المصير” الذي تنادي به جبهة البوليساريو الانفصالية المدعومة من الجزائر، بالصحراء المغربية، سجالا حادا على صفحات التواصل الاجتماعية.

وأكد غالي خلال مروره في حوار صحفي أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان “تبنت في مؤتمرها الخامس موقف تقرير المصير في الصحراء، وبعدها مع جلوس المغرب لطاولة المفاوضات مع جبهة البوليساريو تحت قبة الأمم المتحدة، أصبح موقفها هو دعم حل تفاوضي يرضي جميع الأطراف ويجنّب المنطقة الحرب”، معتبرا أن الحل ” لا يجب أن يكون في إطار الحكم الذاتي”.

متسائلا عن “أسباب تفاوض المغرب حول الملف إذا كان الحكم الذاتي وحده هو الحل”، وأن “التفاوض يعني أن هناك نقاشًا مستمرًا والأمر غير محسوم، وموقف الجمعية هو التوصل إلى حل مرضٍ لجميع الأطراف، وليس حلاً على حساب طرف آخر”، وفق تعبيره.

تصريحات غالي جرت عليه الكثير من الانتقادات، ومنها من اعتبر أنه (غالي) “يتبنى الطرح الانفصالي الداعي لتقسيم المغرب”، وهو ما يعتبر “خيانة للوطن”، حسب تعبيرهم، فيما يرى آخرون أن هذه التصريحات “توجب المتابعة القضائية”، كما فعلت الجزائر مع الكاتب بوعلام صنصنال.

فحسب ما هو معلوم، قامت السلطات الجزائرية باعتقال الكاتب بوعلام صنصال في السادس عشر من نوفمبر الماضي بالمطار الدولي هواري بومدين، وذلك بعد فترة وجيزة من تصريحاته في الإعلام الفرنسي، والتي اعتبر فيها أن “قادة فرنسا أحدثوا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر عند احتلالهم هذه الأخيرة عام 1830، مؤكدا أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، في غرب الجزائر، كانت تابعة للمغرب.

وفي ذات التصريحات اعتبر صنصال أن نظام الجزائر نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب، كما قال: إن فرنسا لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبرى، وأنه سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها، في إشارة للجزائر.

تصريحات غالي وصنصال متشابهان من حيث الشكل لكنهما مختلفان من حيث المضمون، ومن أوجه الاختلاف نذكر:

ما صرح به صنصنال حقيقة تاريخية تؤكدها كل الكتابات الأدبية في التاريخ الحديث والمعاصر بل وحتى الراهن، فيما تصريحات غالي بخصوص تبني الـ”ج م ح إ” لموقف تقرير المصير، غير مضبوطة وتنفيها وثائق الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وشهادات بعض رؤسائها السابقين؛ من قبيل النقيب عبد الرحمان بن عمرو.

تصريحات صنصال رمت به في سجن القليعة قرب الجزائر العاصمة متابعا بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، والتي تعاقب على “الأفعال التي تهدد أمن الدولة” وتعتبرها “أعمالا إرهابية”.

فيما تصريحات غالي خلقت جدلا وسجالا عبرت من خلاله الغالبية المطلقة من المغاربة عن دعمها للوحدة الوطنية واستنفارها للدفاع عنها، دون أن يطالب أحد من العقلاء، باستثناء بعض الأصوات النشاز، باعتقال غالي أو متابعته.

واقعة صنصال كشفت مرة أخرى للعالم، الطبيعة التسلطية للنظام الحاكم في الجزائر، والقمع الذي يتعرض له أصحاب الرأي والمخالفين للرواية الرسمية، حتى لو كانوا من جنسية ثانية.

لكن واقعة عزيز غالي أكدت على أنه في المملكة المغربية هامش محترم من حرية الرأي والتعبير، حتى لو كان الأمر يتعلق بقضية عليها إجماع وطني. فما قاله غالي لن يكون أكثر مما دعت وتدعو له اميناتو حيدر، زعيمة انفصاليي الداخل، من قلب منزلها الواقع بمدينة العيون كبرى حواضر أقاليم الصحراء المغربية الغربية، دون أن تمس بسوء أو يزج بها في السجون كما هو حال صنصال.

لا شك أن تصريحات عزيز غالي، أسعدت عدد من دعاة المعارضة الجذرية، يسراوية وإسلاماوية، وممتهني حرفة الدفاع عن حقوق الإنسان، وربما انتظروا أن تجر عليه متاعب قضائية، أو ربما كانوا يتمنون ذلك لحشد هممهم من أجل التجييش للوقفات الاحتجاجية وديباجة البلاغات الاستنكارية، لكن منطق دولة الحق والقانون والقطع مع ماضي الانتهاك الممنهج لحقوق الإنسان، خيب ظنهم، فمن حسن حظ غالي أنه مواطن مغربي وليس جزائري.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

4 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
غزاوي
المعلق(ة)
20 ديسمبر 2024 20:04

مجرد تساؤل
هل يصمد الباطل أمام الحق!!!؟؟؟
جاء في المقال ما نصه:
“تصريحات غالي وصنصال متشابهان من حيث الشكل لكنهما مختلفان من حيث المضمون، ومن أوجه الاختلاف نذكر:
ما صرح به صنصنال حقيقة تاريخية تؤكدها كل الكتابات الأدبية في التاريخ الحديث والمعاصر بل وحتى الراهن، فيما تصريحات غالي بخصوص تبني الـ”ج م ح إ” لموقف تقرير المصير، غير مضبوطة وتنفيها وثائق الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وشهادات بعض رؤسائها السابقين؛ من قبيل النقيب عبد الرحمان بن عمرو.” انتهى الاقتباس
عكس ما يزعم المقال، فلا يوجد تشابه بين حقيقة عزيز غالي وافتراء صنصال.
افتراء صلصال فندته الخريطة المعروضة في معرض السياحة المغربية بمراكش في ديسمبر 2022، التي توثق لجزائرية سجلماسة ووجدة منذ نشأة الدولة العلوية سنة 1640.
أما حقيقة عزيز غالي فأكدها قرار مجلس الأمن الأخير الذي تجاهل مبادرة الحكم الذاتي، ونص في فقرته الرابعة على حق تقرير مصير الشعب الصحراوي، فضلا عن قراري محكمتي العدل الدولية والأوروبية.

احمد
المعلق(ة)
17 ديسمبر 2024 13:24

موقف حزب النهج من القضية الوطنية قديم قدم الظهر وكان اكتر تطرفا من موقفه اليوم وهو (المطالبة بتقرير المصير).ولم يكن يتير هذا الموقف اي اهتمام لا على مستوى الداخل ولا على مستوى الخارج، لكن حين سدت الابواب على الجزائر وسقط موقفها في الماء البارد لجأت الى هذا الموقف البئيس لتجعله حصان طروادة لإنعاش دعوتها المهترءة
حول تقرير المصير، لكن بعض الجهات والصحافيين ابتلعو الطعم وارادو إثارة ضجة حول موقف هذا الحزب وهي ضجة لا تخدم الا اعداء وحدتنا الترابية وقد تعيد إحياء النقاش حول ملف اشرف على نهايته.

ادريس
المعلق(ة)
17 ديسمبر 2024 00:44

القضية ساااهلا، نتفاهمو مع الحزائر ايعطيونا صنصال.ونعطيوهوم غالي..وسالينا

ملاحظ
المعلق(ة)
16 ديسمبر 2024 21:43

فعلا هو في كل خرجاته يبحث ويتمنى ان يتم اعتقاله حتى يصبح بطلا ويخلق الفرصة للذين وراءه ان يرفعوا الشعارات و الوقفات لجلب الانظار وزيادة المصيريف من اعداء المغرب. احسن رد عليه هو تجاهله من طرف الجميع وخاصة الصحافة المسؤولة

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

4
0
أضف تعليقكx
()
x