2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
ما علاقة استدعاء الجزائر للسفير الفرنسي بإلغاء مجموعة “البوليساريو” بالبرلمان الأوربي؟

رفض البرلمان الأوروبي تمديد مجموعة “الصحراء الغربية” التي كانت إحدى المجموعات داخله، بعد تصويت الاشتراكيين الاسبان على عدم التمديد لها، حيث أن إنشاء مجموعة ما داخل البرلمان الأوروبي يتطلب موافقة ثلاث مجموعات من أعضاء البرلمان الأوربي، إذ أعطى فريق الخضر واليسار موافقتهما عليها، غير أن الاشتراكيين الديمقراطيين بميادرة من برلمانيي الحزب الاشتراكي الإسباني تراجعوا عن دعمها لأول مرة.
مباشرة بعد ذلك، كشفت وسائل إعلام جزائرية أن سلطات بلادها استدعت سفير باريس لديها؛ ستيفان روماتيه، وتوجيه “تحذير شديد اللهجة” بشأن ما قالت إنها “مخططات عدائية” تقف وراءها المخابرات الفرنسية، منها حسب المصدر ذاته “تورط أجهزة الاستخبارات الفرنسية في حملة تجنيد إرهابيين سابقين في الجزائر لأغراض زعزعة الاستقرار”.
ويطرح تزامن حدث رفض البرلمان الأوروبي تمديد مجموعة “الصحراء الغربية” التي كانت إحدى المجموعات داخله، وإعلان إعلام الجزائر استدعاء سلطات بلادها سفير باريس لديها للإحتجاج علامات استفهام حول علاقة الحدثين؛ خاصة أن الجزائر هي الدولة التي تتبنى جبهة البوليساريو عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا.
تفاعلا مع ذلك، يرى الخبير في الشؤون السياسية و الإستراتيجية؛ هشام معتضد، أن استدعاء الجزائر للسفير الفرنسي فورًا بعد قرار البرلمان الأوروبي بعدم تمديد مجموعة “الصحراء الغربية” يكشف عن حالة من الارتباك الدبلوماسي.

ووفق معتضد الذي كان يتحدث لصحيفة “آشكاين” الإخبارية، فإن هذا التزامن “لا يبدو عشوائيًا”، بل قد يعكس محاولة من الجزائر لتحويل الأنظار عن فشل استراتيجيتها في دعم جبهة البوليساريو داخل المؤسسات الأوروبية، حيث كان البرلمان الأوروبي واحدًا من المسارات الدبلوماسية الرئيسية التي راهنت عليها الجزائر لشرعنة موقف الجبهة.
ويعتبر المتحدث أن قرار البرلمان الأوروبي يظهر أن جبهة البوليساريو “تفقد دعمًا مهمًا على المستوى الدولي، بما في ذلك داخل أوروبا”، مشيرا إلى أن انسحاب الحزب الاشتراكي الإسباني، الذي يعد شريكًا تقليديًا للجزائر، عن دعم هذه المجموعة، يشير إلى تحولات في أولويات الدول الأوروبية تجاه القضية، مما يضعف النفوذ الجزائري في الدفاع عن الجبهة.
في المقابل، يؤكد الباحث في الشؤون السياسية أن التحرك الجزائري ضد فرنسا، بما فيه توجيه اتهامات بـ”مخططات عدائية”، قد يكون محاولة لتصدير الأزمة الداخلية وتبرير فشلها في إدارة الملف الصحراوي على الصعيد الأوروبي، مشددا على أن الجزائر تسعى بذلك إلى خلق عدو خارجي لتحويل الأنظار عن خسارتها داخل البرلمان الأوروبي.
وخلال ربط متحدث “آشكاين” بين حدثي استدعاء الجزائر للسفير الفرنسي وإلغاء مجموعة “البوليساريو” بالبرلمان الأوربي، خلص إلى وجود تناقض في سياساتها الخارجية، حيث “تحاول الجمع بين تصعيد غير مبرر مع فرنسا، والتقليل من أهمية خسارتها في البرلمان الأوروبي، وهو ما يزيد من إضعاف صورتها كطرف قادر على التأثير الاستراتيجي”.
إضافة إلى ذلك، يرى الباحث في الشؤونالإستراتيجية أن الاتهامات الجزائرية اتجاه فرنسا تفتقر إلى الأدلة القاطعة وتأتي في سياق تصاعد النفوذ المغربي في أوروبا، كما أن تراجع الاشتراكيين الإسبان، الحليف التقليدي للجزائر، يشكل ضربة إضافية، ما يعكس إدراكًا أوروبيًا متزايدًا لواقعية الموقف المغربي ومصداقيته على الساحة الدولية.
ويعكس هذا التصعيد ضد فرنسا، بحسب المتحدث، وجود أزمة ثقة داخل النظام الجزائري، الذي بات يعاني من عزلة دولية متزايدة، مضيفا أنه عوض تعزيز التحالفات الدولية، تلجأ الجزائر إلى خلق أزمات جديدة تزيد من تقويض مكانتها على الساحة الدبلوماسية.
وخلص معتضد إلى التأكيد أن هذه الأحداث تبرز أن الجزائر باتت تواجه صعوبات كبيرة في التأثير داخل المؤسسات الأوروبية، وأن رهاناتها على دعم البوليساريو تفقد قوتها، لافتا إلى أنه في المقابل، “نجح المغرب في كسب شركاء جدد ودعم استراتيجي لقضيته الوطنية، مما يضعف أكثر الموقف الجزائري ويؤكد الحاجة إلى مراجعة سياساتها الخارجية التي تعتمد على المواجهة بدل الحوار”، وفق المتحدث.